موسكو: تأبي روسيا في ضوء وجود عدد من الكيانات غير المتعارف عليها في أراضي الاتحاد السوفياتي السابق والتي تحلم في استغلال تجربة كوسوفو كسابقة لإعلان استقلالها، أن تواجه الاختيار الحتمي بين الاعتراف بهذه الكيانات وعدم الاعتراف بها، لأن كلا الخيارين لا يصب في مصلحتنا.
ومن جانب آخر، تسعى الولايات المتحدة وأوروبا بكل ما أوتيتا من القوة إلى قلب صفحة كوسوفو وإثبات أن فصل كوسوفو عن صربيا عمليا بواسطة القصف الجوي كان مبررا. كما لا تُخفى على أحد الرغبة في بسط منطق التسعينات على القرن الجديد أيضًا حيث كانت الولايات المتحدة والناتو يمليان شروطهما بعد الانتصار- حسب ظنهما - في الحرب الباردة. وأدت quot;زهوة القوةquot; التي أخذت الولايات المتحدة إلى فضيحة العراق وكادت صعقت الحرب العالمية.
وإذ رأى الاتحاد الأوروبي الذي بدأ توًا يخرج من الأزمة السياسية من خلال توقيع اتفاقية لشبونة، أنه عاجز عن قهر إرادة روسيا فقرر وبصحافة أن المحافظة على وحدتها الهشة خير من الاعتراف بالجمهورية القرصنية. وإضافة إلى ذلك تدرك العواصم الأوروبية أن هذا الاعتراف سيجر وراءه سلسلة من المشكل العويصة. فسيتوجب عليها أن تنهض بتنمية كوسوفو مع عدم السماح قدر الإمكان بقيام quot;ألبانيا العظمىquot;.
وليس ثمة ما يدعو روسيا للاستعجال والتراجع عن مواقعها التي لا تشوبها شائبة تقريبا من الناحية السياسية والأخلاقية على السواء.
هل يوجد مخرج من هذا الوضع الحرج؟ نعم، ولا شك. بل أن هناك أكثر من خيار. أولها: دع البلدان الغربية تقنع صربيا بقبول استقلال كوسوفو بمنحها جملة من التسهيلات والامتيازات السياسية والاقتصادية ترضي معظم الصربيين وتعني من حيث الجوهر اعتذارًا وتعويضًا عن الأضرار الناتجة عن الحرب التي شنها الناتو.
والخيار الثاني هو تقديم التسهيلات والامتيازات السالفة الذكر بالإضافة إلى إلحاق مناطق كوسوفو التي يشكل الصربيون أغلبية سكانها وربما بعض الأراضي الأخرى بصربيا.
وإذا قبلت صربيا أحد هذين الخيارين ووافقت عامة على استقلال كوسوفو فسوف يتم بذلك الامتثال إلى الشرعية الدولية وسوف تسحب روسيا والصين تهديدهما باللجوء إلى حق النقض في مجلس الأمن الدولي محققتين انتصارا معنويًا مهمًا.
أضف إلى ذلك أن روسيا قد حققت، على أي حال، انتصارا سياسيا خارجيا صغيرا بإثباتها إرادتها الكفاحية وقدرتها على تعطيل القرارات الأحادية الجانب وعديمة الشرعية.
سيرغي كاراغانوف
التعليقات