واشنطن: تشهد الولايات المتحدة اهتماما متزايدا بمتابعة التطورات السياسية في منطقة الشمال الأفريقي عموما والمغرب خصوصا في السنوات الأخيرة، وقامت الولايات المتحدة بتوقيع اتفاقية التجارة الحرة مع المملكة، كما يشهد التعاون الأمني والعسكري بين البلدين تطورا ملحوظا. الولايات المتحدة التي أقلقها فوز التيارات الدينية في الانتخابات العراقية والفلسطينية ونسبيا المصرية، لا تشعر بالقلق نفسه تجاه انخراط الإسلاميين في الحياة السياسية المغربية. حول هذه الملاحظات وغيرها توجه تقرير واشنطن لإجراء مقابلة مع السفير المغربي في واشنطن عزيز مكوار، وفي ما يلي نص المقابلة التي أجريت يوم الخميس 8 فبراير 2007 في مقر السفارة في واشنطن:السفير المغربي في واشنطن
ما الجديد في العلاقات الاميركية المغربية؟
العلاقات المغربية الاميركية علاقات قديمة، فالمغرب كانت أول الدول التي اعترفت باستقلال الولايات المتحدة في عام 1777، ولدينا أقدم معاهدة توقعها الولايات المتحدة مع دولة أجنبية، إذن لدينا علاقات قديمة، وفي خلال الحرب الباردة كانت المغرب بخلاف معظم دول المنطقة أقرب للجانب الاميركي نظرا لاعتمادنا نظام السوق الحرة والتعددية السياسية وليس نظام الحزب الواحد واقتصاد الدولة الاشتراكي. أما مؤخرا وخلال السنوات الخمس الأخيرة، فقد حدثت تطورات ثلاثة رئيسة في سياق العلاقة بين الدولتين، حيث وقعت الولايات المتحدة مع المغرب اتفاقية التجارة الحرة في يناير 2006، كما تم إعلان المغرب باعتبارها حليفا رئيسا في عام 2004 ، كما تم اختيار المغرب في عام 2005 كواحد من متلقي معونات برنامج MCA الذي بدأته الحكومة الاميركية عام 2002 .
الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة تحاول أن تنأى في سياستها الخارجية بمنطقة المغرب العربي خاصة المملكة المغربية عن محيطها الشرق أوسطي أو العربي ، بل إن المغرب لا تتبع القيادة العسكرية الاميركية الوسطى ، هل هذا صحيح ، وكيف تفسره؟
الولايات المتحدة تقوم بهذا التقسيم لأسباب عملية، خاصة في منطقة تقسيم مناطق القيادات العسكرية لقواتها، وبالمناسبة لم تكن المغرب يوما في إطار القيادة الوسطى ، بل كانت في إطار القيادة الأوروبية. لكن الجديد هو أن الولايات المتحدة تقوم بتشكيل قيادة أفريقية، والتي ستشمل كافة دول القارة الأفريقية باستثناء مصر، نظرا للاهتمام المتنامي للقارة الأفريقية ، ولذا سينتقل المغرب في التقسيم العسكري الاميركي من القيادة الأوروبية إلى القيادة الأفريقية.
لكن هل تتفق معي في أن الولايات المتحدة تعامل المغرب مؤخرا معاملة خاصة، تمنحها معونات اقتصادية، توقع معها اتفاقية تجارة حرة، حتى أن مراكز الأبحاث بدأت تركز في الشأن المغربي، فمثلا مركز الدراسات السياسة والإستراتيجية CSIS يعقد منتدى شهريا لدراسة منطقة المغرب العربي؟
هذا صحيح ، لأن الاهتمام كان منصبا لفترة طويلة في منطقة الشرق الأدنى ، ولقد حاولنا كثيرا لجذب الاهتمام في منطقتنا في الشمال الأفريقي، والتي تمثل إقليما له صفاته وطبيعته الخاص المختلفة عن واقع الشرق الأوسط . وهذا لا يعني أننا غير مرتبطين بقضايا الشرق الأوسط ، وأنت تعلم أن العاهل المغربي هو رئيس لجنة القدس. ولكن ما يشهده المغرب من عملية تنمية اقتصادية وإصلاح سياسي يجعلنا مثارا للاهتمام.
في ما يتعلق بالإصلاح والديمقراطية، يقدم المغرب نموذجا ناجحا لانخراط الإسلاميين في العملية السياسية، وعلى ما يبدو أن الولايات المتحدة تراقب التجربة المغربية عن كثب، هل هناك أي ضغوط تمارس على المملكة في هذا السياق؟
لا. التطورات في العملية السياسية المغربية مغربية مئة بالمئة وقد بدأت منذ ما يزيد على عشر سنوات، لا تدخل أو ضغوط تمارس على المغرب. الولايات المتحدة تراقب فقط ما يحدث هناك.
عودة إلى الملف الاقتصادي، ما هي حجم الاستثمارات الاميركية في المغرب، وفي أي مجالات؟
هناك استثمارات اميركية في قطاع الطاقة والكهرباء تعود إلى فترة التحول المغربي نحو خصخصة قطاع الكهرباء والخدمات، ففي عام 1997 أشرت شركة CMS Energy ومقرها ولاية ميشيغان على إنتاج وتوزيع الكهرباء في المملكة، هناك استثمارات لشركة بوينغ والشركات التقليدية مثل بروكتر وغامبل وكولغيت وغيرها ، تقريبا يوجد 200 شركة اميركية في المغرب. في الواقع الاستثمارات الاميركية ليست كبيرة في المغرب، ولكن ما يميز المغرب، في سياق التعاون التجاري والاقتصادي هو وجود اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة. كما أن المغرب لديه اتفاقية للتجارة الحرة مع تركيا وتونس ومصر، مما يسهل انتقال وبيع البضائع المغربية بدون رسوم جمركية إلى سوق عريضة من المستهلكين.
لماذا المغرب؟ دول كثيرة في منطقة الشرق الأوسط تحاول أن تبدأ محادثات اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة ولم تنجح، لماذا وقعت الولايات المتحدة الاتفاقية مع المغرب؟
لا أعرف لماذا لم توقع الولايات المتحدة الاتفاقية مع الآخرين، اعتقد أن مسيرة الإصلاح الاقتصادي في المغرب والتي ترجع إلى بداية الثمانينات هي السبب ، وسهولة التعامل من حيث الإدارة الاقتصادية ونظام الجمارك والتسهيلات.
هل يوجد سبب سياسي؟
هناك أسباب سياسية كثيرة، لكن عليك أن تسأل الاميركيين عن أسبابهم. بالنسبة إلي فإن الاستقرار السياسي والإصلاح في المغرب شجع الولايات المتحدة. فلقد كنا مستعدين لهذا الارتباط الذي يتطلب الالتزام بالتعهدات. وذلك ما كان ليحدث إذا كنت كدولة تسيطر على الاقتصاد وتفتقر إلى الشفافية.
تشهد العلاقات الاميركية الجزائرية تحسنا وتعاونا في مجال الطاقة والمجال العسكري. هل يقلق المغرب ذلك؟
مطلقا. بل على العكس يسعدنا ذلك، حيث إن هذا التعاون سيعود بالخير على كافة بلدان الإقليم. ونحن في المغرب نتمنى أن نرى بلاد الإقليم موحدة بدون حدود.
كيف تصف علاقتك بالسفير الجزائري في واشنطن؟
جيدة للغاية. لدينا بعض المشاكل، أقصد بعض المشاكل السياسية بين البلدين خاصة في ما يتعلق بقضية الصحراء. والتي يبنى الموقف المغربي فيها على احترام سيادة المغرب على الإقليم، ومنح حكم ذاتي لأبناء الإقليم يسمح لهم بالحرية في تسيير أمورهم لا يرجع الحكومة المركزية في كل صغيرة وكبيرة مع الالتزام بسيادتها.
ارتباطا بالموضوع نفسه ، اللوبي المؤيد لاستقلال الصحراء واحد من أقدم جماعات الضغط في واشنطن. هل لكم لوبي مغربي يعرض ويدافع عن وجهة نظركم؟
هناك لوبي ومؤيدون للبوليساريو، ولكن هناك العديد من أعضاء الكونغرس يؤيدون سيادة المغرب على الإقليم ، وفي العام الماضي كان هناك 104 من أعضاء الكونغرس يؤيدون سيادة المغرب على الإقليم ، وعلاقتنا بالكونغرس طيبة.
تقصد الكونغرس الجمهوري أم الكونغرس الديمقراطي الجديد؟
بالنسبة إلى المغرب لا يوجد فرق بين الديمقراطيين والجمهوريين، لنا أصدقاء في كلا الحزبين.
عودة إلى العلاقات بين الدولتين، تعتبر المغرب تاريخيا من مناطق النفوذ الأوروبي، فهل يوجد أي تنافس على النفوذ بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية خاصة فرنسا في المغرب؟
لا يوجد تنافس ، علاقتنا تاريخيا وجغرافيا قوية بدول أوروبية مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا، ولكن زمن التنافس الدولي قد انتهى ، التنافس في عصر العولمة الاقتصادية بين الشركات بغض النظر عن جنسيتها.
بعض الدول العربية متهمة باستقبال معتقلين من الولايات المتحدة لاستجوابهم باستخدام وسائل وأساليب يعاقب عليها القانون الاميركي. وذكرت تقارير أن المغرب من بين هذه الدول...
لا. هذا غير صحيح. كان هناك بعض الشائعات ولكن الحكومة المغربية قد نفت ذلك جملة وتفصيلا.
هل يوجد معتقلون مغاربة في معتقل غوانتانمو؟
كان. ولكن لا أعرف إن كان هناك معتقلون حتى الآن أم لا.
المغرب رغم بعده الجغرافي عن مركز الصراع العربي الإسرائيلي، ألا يحاول أن يقوم بدور. هل السفير المغربي في واشنطن له اتصالات أو حوارات مع السفارة الإسرائيلية وجماعات الضغط اليهودية مثل إيباك؟
علاقتنا جيدة مع الجميع ونحاول أن نقوم دائما بدور يساعد على إنهاء الصراع في الشرق الأوسط، للمغرب دور تاريخي في صنع السلام في المنطقة. وعندما تكون لدينا أفكار يمكن أن تساعد على إحلال السلام، فإننا نتكلم إلى جميع الأطراف. وعندما تأتي القيادات الفلسطينية إلى واشنطن فإنها تزور سفارة المغرب.
إذا انتقلنا للحديث عن الجالية المغربية التي تقدر نسبتها بحوالى 5% من إجمالي العرب الاميركيين. ما هي الأنشطة التي تقوم بها السفارة من أجل الانخراط بأبناء الجالية؟
لنا أنشطة بالتأكيد. ليست في واشنطن أو فرجينيا ولكم في أماكن متنوعة في الولايات المتحدة، وأنا شخصيا أقوم بزيارات مختلف الولايات والتقي أفراد الجالية من نيويورك إلى تكساس مرورا بفلوريدا وكاليفورنيا. والجالية المغربية جالية ناجحة ونحافظ على علاقتنا بها من خلال التعاون مع المؤسسات والجمعيات التي تمثلها.
الانتخابات التشريعية ستعقد خلال هذا العام، هل سيتمكن المواطنون المغاربة من الإدلاء بأصواتهم في الولايات المتحدة؟
ليس بعد. ولكن نحاول أن نصل إلى تحقيق ذلك قريبا.
التعليقات