بلير محاصر سياسيا بعد اتهامه بتضليل الناس
مسيرة ضخمة في لندن ضد الحرب على العراق

طارق عزيز طلب قراءة كتاب كارتر الأخير عن القضية الفلسطينية

احتجاز الحكيم تم بعد تصرفات مريبة لبعض أعضاء موكبه

مسؤولون عراقيون عن آخر التطورات في بلدهم

إيلاف تكشف سرّ اختفاء الصدر

عادل درويش من لندن: تصدرت جماعة الأمهات ضد الحرب، المكونة من امهات الجنود الذين سقطوا في العراق، تظاهرة ضخمة في شوارع لندن بعد ظهر امس، نظمها اليسار والجماعات المناهضة للحرب وللتسلح واسر الجنود القتلى ضد الحرب للمطالبة بعودة الجنود، في وقت يتعرض رئيس الوزراء توني بلير لهجوم شرس وانتقادات كبيرة في الصحافة والبرلمان بشكل لم يتعرض له زعيم بريطاني منذ استقالة انتوني ايدين رئيس الوزراء المحافظ منذ نصف قرن عقب فشل حملة السويس.

وضمت تظاهرة السبت الآلآف حيث بدأ تدفقهم بالباصات والقطارات من مختلف انحاء المملكة منذ الصباح على نقطة التجمع في حديقة الهايدبارك قرب قوس ماربل آرش حيث بدأت المسيرة وفق الخط التقليدي لتظاهرات العاصمة من ركن المتحدثين الشهير لتسيير جنوبا امام الفنادق الضخمة بمحاذاة الهايدبارك وتنعطف شرقا الى طريق البيكاديلي ومنه الى الميدان نفسه، ثم جنوبا الى ميدان الطرف الأغر حيث اقيمت منصة للمتحدثين المناهضين للحرب والسلاح النووي والجماعات المطالبة بسحب الجنود واعادة القوات البريطانية من العراق فورا.

ويعترض المتظاهرون ايضا على مشروع حكومة بلير لتطوير قوة الردع النووية البريطانية المستقلة و يرى دعاة السلام و دعاة نزع السلاح انه من الأفضل انفاقها على المرافق والصحة والتعليم والمواصلات.

كما يرى عدد من التقليديين توجيه ميزانية تطوير برنامج ترايدنت الى ميزانية الأسلحة التقليدية خاصة البحرية الملكية التي تعاني نقصًا في الميزانية اضطرها إلى سحب عدد من مدمراتها من الخدمة. ويضيف هؤلاء ان اخطارًا كالإرهاب والجماعات المتطرفة لايمكن ان يردعها سلاح نووي وانما يجب الاستعداد لها بتطوير قدرة البحرية والطيران لنقل الحرب الى اماكن ومعسكرات بسرعة، وايضا تطوير القدرات الاستخباراتية.

لكن حكومة بلير تدافع عن فكرة تطوير برنامج ترايدنت بدعوى ضرورة ان يكون لبريطانيا سلاح ردع نووي مستقل عن اميركا والناتو، وان هناك اخطارا تستدعي هذا السلاح، مثل عودة روسيا الى التسلح بشكل كبير وتطويرها للسلاح النووي والوقف المتشدد الذي يبديه الرئيس فلاديمير بوتين تجاه الغرب. كما ان خطر التهديد الإيراني في حال امتلاك ايران سلاحا نوويا مع قدرتها الصاروخية تستدعي ايضا وجود هذا السلاح في رأي بلير.

من التظاهرة
ولذا فإنه الى جانب الدعوة لسحب القوات البريطانية من العراق، فإن تظاهرة السبت حذرت الحكومة من خطر الدخول مع الرئيس الأميركي جورج بوش في مغامرة اخرى بضرب ايران او شن هجمات على ايران، كما تطالب بالتخلي عن برنامج ترايدنت وان تضرب بريطانيا مثلا للعالم بنزع السلاح النووي، خاصة وان الشريك الكبير في تنظيم تظاهرة هو حملة نزع السلاح النووي CND.

ويعود تاسيس حملة CND الى نهاية الخمسينات من القرن الماضي ومن ابرز رموزها زعماء العمال كزعيم الحزب السابق السير مايكل فوت، والقس بروس كينت. ورغم ان رئيس الوزراء بلير كان اعلن في مجلس العموم الأربعاء بدء سحب القوات البريطانية على مراحل حيث يعود قرابة ثلث القوات قبل الخريف، الا ان التحالف المناهض للحرب، وحملة نزع السلاح النووي مدعومين من احزاب اليسار كحزب العمال الاشتراكي والحزب الشيوعي وعدد من النقابات العمالية والجمعيات السلموية والفوضوية وغيرهم، كانوا نظموا التظاهرة واتفقوا على خط السير مع بوليس العاصمة بالفعل ، اسابيع قبل اعلان رئيس الوزراء في البرلمان.

ويجد الزعيم البريطاني اليوم نفسه في عزلة سياسية باردة و يتعرض لحملة اعتراضات وانتقادات لم يسبق لها مثيل سواء في الصحافة او البرلمان، بمجلسيه العموم واللوردات، او من الرأي العام.

ومنذ يوم الجمعة تقيم منظمة quot; امهات ضد الحربquot; من امهات الجنود البريطانيين الذين سقطوا في حرب العراق معسكر احتجاج لمدة 48 ساعة امام داوننج ستريت مقر رئيس الوزراء احتجاجا على الحرب . وكان وفد الامهات بزعامة روز جنتل، التي لقي ولدها ابن التاسعة عشرة مصرعه في البصرة عام 2004، قدم الجمعة رسالة احتجاج شديدة اللهجة الى رقم 10 داوننج ستريت يطالبن بسحب القوات من العراق ويكررن طلب مقابلة رئيس الوزراء وجها لوجه، حيث يرفض المستر بلير الطلب باعذار شتى،ـ مما يعرضه لاتهامات الجبن والخوف من النظر للامهات في اعينهن. وكانت المدام جينتل اتهمته في العام الماضي بالجبن وبانتهاج نهج غير مسيحي بارساله اولاد الناس للموت في العراق.

وفي مقابلة امس الأول في البرنامج الصباحي quot; تودايquot; استمرت 34 دقيقة ndash; بدلا من الوقت المخصص وهو 12 دقيقة فقط ndash; وجد بلير نفسه في موقف لايحسد عليه كفريسة وقعت بين فكي المذيع جون همفريز الذي يلقبه البعض بكلب الصيد المفترس والبعض بمحقق محاكم التفتيش لقسوته على الساسة. وامطر همفريز رئيس الوزراء بوابل من الارقام عن الضحايا والقتلى ومسؤوليته في عدم اقناع الاميركيين بضرورة ايجاد قوة تحافظ على الأمن في شوارع بغداد.

كما انضم السير جيرمي غرينستوك، والذي كان رجل بلير في العراق في حكومة ما بعد الحرب، انضم الى جوقة المعارضين لبلير اذ قال للبي بي سي في برنامج سيذاع يوم الثلاثاء المقبل، ان قوات التحالف لم يكن لديها اي خطة او استراتيجية فور دخول بغداد حيث عمت الفوضى الشوارع وانتشر النهب والسلب، بينما واجب الحكومة الأول المحافظة على النظام والأمن العام، ولأن قوات التحالف كانت هي الحكومة المسؤولة، فان بلير والرئيس بوش مسؤولان مباشرة عن الوضع المأسوي في العراق اليوم.

وشهد مجلس العموم حملة ضارية من الاعتراضات على بلير يومي الأربعاء وصباح الجمعة في مساءلته عن الوضع في العراق، كما اتهمه نواب محافظون بالتضليل بعد ان قال ان تنظيم القاعدة وجد في العراق عام 2002 قبل الحرب بعام كامل ( ويقصد جماعة انصار الاسلام وكانت موجودة على الحدود بين كردستان وايران) لكن السير مالكولم ريفكيند، وزير الدفاع السابق قال لمجلس العموم ان القاعدة دخلت العراق نتيجة الحرب التي شنها بلير وبوش ، كما طالبت المعارضة بلير بالاعتذار للشعب العراقي ولأسر الجنود.

وفي مجلس اللوردات طالب اللورد هيرد، وزير الخارجية السابق في حكومتي الليدي مارغريت ثاتشر وجون ميجور، باجراء تحقيق دستوري برلماني وقضائي في اسباب الحرب. اما اخطر اتهام يواجهه بلير فقد جاء في خطاب اللورد بتلر امام مجلس اللوردات صباح الجمعة حيث قال اللورد الذي ترأس لجنة تحقيق قضائية حول الحرب قبل ثلاثة اعوام ان بلير ضلل البرلمان حول اسلحة الدمار الشامل، مشيرا الى تقرير للاستخبارات البريطانية يحذر من غياب اي معلومات جادة عن اسلحة الدمار الشامل.