الياس يوسف من بيروت: اندلع سجال من العيار الثقيل ليل الثلاثاء بين رئيس الجمهورية اللبنانية إميل لحود ورئيس quot;تيار المستقبلquot; سعد الحريري عبر مكتبيهما الإعلاميين، على خلفية إرسال لحود رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي- مون، أسف فيها للجوء رئيس الحكومة فؤاد السنيورة المدعومة من الغالبية النيابية إلى quot;الزج بمجلس الأمن في شأن يخرج عن أهدافه ودوره ومهماته، من خلال المطالبة بإقرار إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي في مجلس الأمن الدولي. وقال لحود لبان كي -مون إن quot;المؤسسات اللبنانية الدستورية لم تكن مقفلة في وجه المحكمة، خلافًا لما ادعاه السنيورةquot;. وطلب منه quot;ألا تتحول المنظمة الدولية طرفًا في نزاع لبناني داخليquot;.


بيان الحريري
وعلق المكتب الإعلامي للنائب الحريري على رسالة لحود هذه ببيان ، جاء فيه: quot;ليس غريبا على ياوران (كلمة تركية تعني كبير الخدم) بشار (الأسد) في بعبدا أن يبصم على البيان المختوم الذي أرسله نظام الأسد بالوسيط المعلوم إليه، في محاولة يائسة جديدة لإعاقة إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر شهداء الحرية والاستقلال والسيادة في لبنان.
مرة جديدة، يثبت إميل لحود أنه لا يعرف حرية سوى حريته من أي ضمير أو أخلاق، ليعارض معرفة الحقيقة وإنزال العدالة في من حاول اغتيال والد أحفاده دولة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الياس المر، والوزير النائب مروان حمادة، والإعلامية مي شدياق، فما بالك برفضه الحقيقة والعدالة بحق من قتل الرئيس رفيق الحريري والوزير النائب باسل فليحان والوزير النائب بيار أمين الجميل والنائب جبران تويني والكاتب سمير قصير والمناضل جورج حاوي، وعشرات المواطنين اللبنانيين الذين أقسم زورا على حمايتهم والدفاع عنهم عندما اغتصب به النظام السوري الموقع الأول في الجمهورية اللبنانية.
مرة جديدة، يثبت إميل لحود أنه لا يعرف استقلالا سوى استقلاله عن كل ما يمت إلى لبنان واللبنانيين ومصالحهم وأخلاقهم، ومرة جديدة، يثبت إميل لحود أنه لا يعرف ولا يعترف بسيادة سوى سيادة رئيسه بشار الأسد وسيادة عريف المخابرات الذي يدير ياوران بعبدا في نظامه.
فإلى من بدأ عهده باضطهاد رفيق الحريري ثم تخصص بمناكفته وعرقلة مشروعه للنهوض بلبنان وتحريره من العدو الإسرائيلي والوصاية السورية وإصلاح إدارته واقتصاده، إلى من لا يعرف صداقة إلا مع الأموات، ولا يعرف ولاء إلا لنظام المخابرات، ولا يعرف دفاعا إلا عن القتلة الجبناء والمتهمين والمشتبه في تورطهم في جريمة العصر، وعلى رأسهم أركان نظامه الأمني البائد.
إلى ياوران بعبدا في نظام بشار، المقاطع من الدنيا والمقطوع عنها، المكروه من شعبه والمنبوذ من كل شريف لبناني وعربي وفي العالم: عارض المحكمة الدولية ما شئت، وحاول إعاقة الحقيقة وعرقلة العدالة ما شئت، فقد كاد الرئيس أن يقول خذوني...quot;.

رد لحود
ورد مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية بالآتي: quot;لم يكن مستغربا ما صدَرَ عن النائب سعد الحريري من كلام تعليقا على الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد إميل لحود إلى الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي- مون. فالذين يعرفون النائب الصغير الذي ورث مقعد والده الشهيد الكبير رفيق الحريري من دون جهد أو عناء، يؤكدون انه كان وسيبقى على جفاء تام مع المنطق والفهم والحوار والتهذيب واللياقة والأخلاق، ولا يسكنه سوى حقد دفين وعقدة التبعية والتزلم فيسعى جاهدا إلى التعويض منها من خلال التعالي المصطنع والتطاول على المقامات.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها النائب الحريري لرئيس الجمهورية ويتطاول عليه مطلقا صفات ونعوتا هي في الواقع من الصفات التي لازمته منذ نشأته. إلا انه تجاوز هذه المرة كل الأصول واللياقات ظنا منه انه يستطيع بذلك أن يحقق quot;إنجازاquot; يضيفه إلى سلسلة quot;الإنجازاتquot; التي يعتقد انه حققها. إلا انه لم يدرك ان من كان له ماض مثل ماضيه في الإستزلام والتبعية والسعي إلى رضى الآخرين من خلال تقديم الخدمات الخاصة والعامة، والتسهيلات من كل الأنواع وصولا إلى حد ممارسة دور المرافق الشخصي، لا يحق له أن يتحدث عن quot;أخلاق ومصالحquot; وغيرها.
ولعل من المفيد تذكير النائب المتطاول على الكبار، بما حصل قبل يومين من استشهاد والده، في أحد الفنادق الجبلية حيث كان يرافق أحد الأمراء العرب. يومها حمل الحريري الإبن تحية من والده إلى رئيس الجمهورية الذي صافحه ودعاه إلى الجلوس معه ومع الأمير الذي يرافقه، إلا انه امتنع عن الجلوس في حضرة الأمير، لأن دوره محدد ومهمته معروفة ولا يمكنه تجاوزهما.
إن من حق اللبنانيين التساؤل هل صحيح ان النائب الحريري يريد فعلا معرفة الحقيقة في جريمة اغتيال والده الشهيد الكبير رفيق الحريري، ام انه يريد أن يستثمر هذه الجريمة النكراء ليطبق سياسة الحقد والإنتقام وهو الذي كان يقول دائما انه سيعذب من يتهمه بتعذيب والده؟ أم تراه من خلال المواقف التي يتخذها - أو تتخذ عنه لا فرق - واثقا فعلا من قدرته على توجيه الإتهامات وإصدار الأحكام قبل أن يقول القضاء اللبناني والدولي على حد سواء كلمته الفصل فيها؟.
وهل يكون النائب الحريري في ما يقوله وفيا لإرث والده الكبير الذي استحوذ على محبة اللبنانيين والعرب واحترام العالم، أم انه في ما يفعل يبدد كل ذلك على مذبح نزواته الشخصية؟. بديهي ان من يتحدث عن الإستقلال يجب ان يكون مستقلا فعلا في آرائه ومواقفه، فهل ان في ما نراه ونسمعه ونقرأه، ما يدل عن استقلالية وحرية قرار، أم فيه تنفيذ أوامر وتقيد بتعليمات؟.
لقد كان هم الرئيس لحود ولا يزال الوصول إلى الحقيقة الناصعة، لا الحقيقة المشبوهة الملطخة بالحقد الأعمى، وهو في ما فعل ويفعل إنما ينطلق من قناعة واحدة وهي ان اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يكن اغتيالا للشخص والدور والموقع فحسب، بل كان اغتيالا للبنان. وعندما تنجلي الرؤية سيتضح من كان يسعى فعلا إلى الحقيقة، ومن كان يعمل جاهدا على طمسها، فيصوب إلى المكان الخطأ ليحمي المجرم الحقيقي.
ولن يفاجأ أحد بأن تنهمر غدا وفي الأيام الآتية التعليقات والتصريحات والردود من اعضاء جوقة المتخصصين بالشتم والسباب من ذوي الأجور والرواتب المدفوعة ومن المنتفعين، إلا اننا نطمئنهم سلفا إلى أنه لن يكون لكلامهم أي صدى بعد كلام معلمهم وقائد الأوركسترا.
لقد قيل قديما: الإناء ينضح بما فيه... ولعل كلام النائب الحريري اليوم ينطبق عليه هذا المثل. رحم الله رفيق الحريري، فقد كان كبيرا وعملاقا، ومن عرفه يفتَقد في من خَلَفه مثل هاتين الصفتَين... وربما أكثرquot;.