21 اسلاميا يحاكمون بتهمة الارهاب والمشاركة في قتل 19 جنديا موريتانيا

أول محاكمة للسلفيين في موريتانيا

سكينة اصنيب من نواكشوط: قال مصدر قضائي مطلع أن القضاء الموريتاني سيبدأ يوم الثلاثاء محاكمة عناصر التيار السلفي الجهادي الذين تم اعتقالهم منذ أكثر من سنتين بتهمة العلاقة بجهات أجنبية تستهدف المساس بأمن الدولة وتجنيد الشباب للجهاد في العراق والتخطيط والقيام بعمليات إرهابية داخل البلاد منها مساعدة الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية (تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي لاحقا) على تنفيذ الهجوم الذي أودى بحياة 19 جنديا موريتانيا شهر يونيو (حزيران) 2005.

بدء محاكمة 21 إسلاميا في موريتانيا
ويوجد من بين المعتقلين جزائريان هما عبد المجيد موسى حراز وإسماعيل عبد الله عيسى وجهت لهما تهمة quot;الانتماء لتنظيم إرهابي وتجنيد موريتانيين للقيام أعمال إرهابيةquot;، وتم اعتقالهما قرب الحدود الموريتانية الجزائرية في المكان الذي نفذ فيه الهجوم على الحامية العسكرية، ووجد بحوزتهما أسلحة ومعدات حربية.

بينما يحاكم غيابيا ثلاثة عناصر من التيار السلفي الجهادي فروا من السجن المدني بالعاصمة نواكشوط وهم الخديم ولد السمان وسيدي ولد حبت وحمادة ولد محمد خيرو.

ولم يعرف بعد العدد الحقيقي لسجناء التيار السلفي الذين ستجري محاكمتهم حيث تؤكد مصادر اعلامية أن عددهم 33 معتقلا، لكن مصدرا قضائيا مطلع أكد أن عددهم 21 معتقلا يحاكم 18 حضوريا ومن ضمنهم جزائريان وثلاثة من نشطاء التيار يحاكمون غيابيا.

وظل ملف المعتقلين السلفيين تتجاذبه أطراف عدة ويتنقل من حكومة لأخرى ومن عهد الى آخر، حيث أن السلفيين اعتقلوا في آخر عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع بالتحديد في 20 أبريل (نيسان) 2005 ابان الضجة التي رافقت زيارة سلفان شالوم وزير الخارجية الاسرائيلي الى نواكشوط، ثم ورث المجلس العسكري الذي قاد انقلابا ضد ولد الطايع ملف المعتقلين السلفيين، وأحجم عن اعطاءهم عفوا واستثناهم من العفو الشامل الذي أطلقه بعد سيطرته على الحكم في موريتانيا، وظل العسكريون يماطلون في تقديم السلفيين للمحاكمة حتى أن وزير العدل في حكومتهم محفوظ ولد بتاح أصيب بحرج شديد لأنه كان مقربا من الأوساط الحقوقية وموضع ثقة واحترام من جميع الناشطين الذين بحت أصواتهم مطالبة بتقديم السلفيين للمحاكمة أو اطلاق سراحهم. وورث النظام الجديد برئاسة سيدي ولد الشيخ عبد الله ملف السلفيين لكنه كان أكثر شجاعة من غيره وأوفى بالوعد الذي قطعه بتقديم السلفيين للمحاكمة.

ودأبت السلطات الموريتانية منذ سنوات على توقيف مجموعات سلفية، قبل أن تفرج عنها بمنحها حرية مؤقتة، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تنظيم محاكمة لأعضاء من تنظيمات اسلامية.

وكانت الولايات المتحدة قد أعربت مؤخرا عن مخاوفها من انتشار أوسع لما تسميه quot;الإرهاب الإسلامي في منطقة الساحل الأفريقيquot;، حيث أكد قائد قواتها في أوروبا أن quot;مواطنين كثيرين من دول شمال افريقيا يوجدون ضمن المجموعات التي تقاتل الأميركيين في العراق، ويخشى أن يعودوا لمنطقة الساحل بخبرات قوية في العمليات الإرهابيةquot;.

هذا وكان الجيش الموريتاني قد نشر في المنطقة الحدودية الشمالية آلاف من الجنود لملاحقة مقاتلي quot;الجماعة السلفية للدعوة والقتالquot; الجزائرية، وتعاني موريتانيا كثيرا من المشاكل بسبب حدودها الشرقية مع الجزائر من خلال تهريب الأسلحة والمخدرات الى داخل موريتانيا والبضائع المدعمة من طرف الدولة الى الجزائر ومخيمات تيندوف، إضافة الى مشكل المهاجرين السريين الذين تطردهم الجزائر من أراضيها ويلجئون الى مدينة ازويرات باعتبارها أقرب مدينة من الحدود الجزائرية.

ودفع تصاعد العمليات الإرهابية في دول المغرب العربي، السلطات الموريتانية الى تكثيف مراقبتها للجماعات المتشددة حيث ذكرت مصادر اعلامية أن عناصر أمنية خاصة تقوم منذ أسابيع بالبحث المضني عن مجموعات مرتبطة بشبكات السلفية القتالية، وتقوم هذه العناصر بمراقبة بعض المنازل والمساجد والفنادق المشتبه في تواجد العناصر المطلوبة بها، لكنها لم تتمكن من اعتقال مشتبه بهم.

وتشير تلك المصادر الى أن الفرق الأمنية تملك أدلة تحدد من خلالها ملامح وهويات المطلوبين الذين لا يزالون يمتلكون المقدرة على الاختباء عن أعين أجهزة الأمن، وأضافت أن أغلب العناصر الأمنية المكلفة بمتابعة الملف بدأت تكتشف تكتيكات المتهمين في الاختفاء نظرا لخبراتهم المتحصلة في هذا الميدان نتيجة التجارب السابقة، حيث بدؤوا يتجنبون الأماكن العامة كالأسواق والمساجد والأحياء الخاضعة للرقابة والمفترض تواجدهم بها، ويقول المصدر إن المباحث الأمنية التابعة لإدارة أمن الدولة تخشى أن يكون المطلوبون يشكلون خلية متكاملة تعمل بالتنسيق مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي وتسعى إلى تجنيد الشباب واستقطاب عناصر مؤهلة للقيام بتدريبات في معسكرات الجماعة ومن ثمة العمل على القيام بتفجيرات تستهدف أمن واستقرار البلاد.

وكانت الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي لاحقا قد تبنت الهجوم الذي استهدف حامية (المغيطي) للجيش الموريتاني شمال البلاد على الحدود مع الجزائر في 4 يونيو (حزيران) 2005 وخلفت 19 قتيلا و15 جريحا في صفوف الجيش الموريتاني. وقالت في بيان لها أن الهجوم quot;انتقامquot; للمعاناة التي يتكبدها عناصر التيار الاسلامي الموريتاني بتهمة النشاط في خلية تنتمي للقاعدة والإعداد لعمليات إرهابية.

ولم يخرج التحقيق الذي أجرته السلطات بعد فرار المعتقلين الثلاثة بنتائج تذكر، لكن أحد الفارين وهو الخديم ولد السمان فجر مفاجأة من العيار الثقيل حين أعلن في قناة اخبارية عربية أن رئيس المجلس العسكري علي ولد محمد فال أعطى الضوء الأخضر لفرار السجناء لأنهم ينتمون الى قبيلته.

وأكد في مقابلة هاتفية بثتها قناة الجزيرة القطرية عدم وجود أي علاقة تنظيمية لجماعته بتنظيم القاعدة، مبينا اشتراكهم في بعض الأهداف، خصوصا quot;قتال العدو الكافر الذي يحتل بلاد المسلمينquot; حسب تعبيره، قال ولد السمان بأن هروبه جاء بعد إعطاء رئيس المجلس العسكري الضوء الأخضر لتسهيل عملية هروبهم بعد ضغط شيوخ قبيلته، على رئيس المجلس العسكري شخصيا وفي كل مرة كان يعدهم بقرب الإفراج عن المعتقلين. وأضاف أن المعتقلين الباقين في السجن لم يستطيعوا الهرب لأن لا علاقة تربطهم بالقبيلة المذكورة ولأنهم حسب قوله من منطقة الجنوب وقبائلهم ضعيفة لا تستطيع الضغط على العسكريين.

وردت ادارة السجن على تصريحات الخديم ولد السمان في بيان شديد اللهجة أكدت فيه أن حادث الفرار من السجن مماثل لغيره من الاختلالات التي تشهدها أحيانا كافة السجون في العالم مهما قويت حراستها، وهكذا فان الحالة الأخيرة التي شهدها السجن المدني لا تتجاوز كونها مغافلة للقائمين على الأمن من دون أن يتطلب ذلك ضوءا أخضر من أي جهة كانت، خلافا لما حاول السجين الفار تصويره عبر مقابلته.

وأشارت ادارة السجون الى أن التسجيلات التي رصدتها كاميرات مراقبة السجن تظهر كيف استغل الثلاثة الفارون ظرف الزيارات التي يقوم بها يوميا ذوو السجناء للإعداد لعملية الفرار منتهزين غفلة الحراس وازدحام المكان بالزائرين.

وقد شددت السلطات من الإجراءات الأمنية حول محيط السجن بعد هذا الحادث ورفضت السماح لأهالي السجناء بالزيارة وأعلنت استنفارا في الأجهزة الأمنية لتعقب ومطاردة الفارين الثلاثة.