تعديل وزاري على حكومة لم يمض على تشكيلها شهران
اقالة وزير أمضى أربعين يوما في منصبه
سكينة اصنيب من نواكشوط: لم يتردد الرئيس الموريتاني سيدي ولد الشيخ عبد الله في اتخاذ قرار اعتبره المراقبون صائبا وجريئا، فأقال وزيرا من تشكيلة حكومته ضاربا عرض الحائط بالكل الانتقادات التي ستوجهها له المعارضة والصحافة، وفضل أن يلام لا تعيين خاطئ ويواجه السيل الانتقادات من أن يستمر في مداراة أخطاء من اختارهم ضمن تشكيلة وزارية يعول عليها الموريتانيون كثيرا.
وبموجب مرسوم رئاسي صادر هذا المساء أقال سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله بالتشاور مع الوزير الأول (رئيس الوزراء) الزين ولد زيدان، المفوض مكلف بالحماية الاجتماعية وبالأمن الغذائي (بمرتبة وزير) محمد ولد محمدو، وعين جدو ولد عبد الرحمان خلفا له. وتأتي اقالة ولد محمدو الذي لم يمضي سوى أربعين يوما في منصبه على خلفية نداء الاستغاثة الذي أطلقه في الفترة الأخيرة محذرا من حدوث مجاعة في موريتانيا ومطالبا المؤسسات الدولية وشركاء موريتانيا في التنمية بالتدخل العاجل وتأمين مساعدات غذائية لثلث سكان البلاد.
وأشار محللون الى ان الوزير تسرع في قراره وبالغ في وصف الحالة الغذائية في البلاد، حيث شكل نداء الاستغاثة الذي أطلقه صدمة قوية للرأي العام الموريتاني، وقالت مصادر مقربة أن الرئيس الموريتاني أصيب بحرج شديد بعد اطلاق هذا النداء لاسيما أنه يعتزم القيام بجولة خارجية ستقوده الى السينغال والمغرب، وأنه لم يتخذ قراره بطلب مساعدة خارجية إلا بعد تأكيد الوزير المكلف بالأمن الغذائي على هشاشة الوضع الغذائي، لذلك فان الرئيس تضيف المصادر لم يتوان عن اقالة وزيره بعد أن تبين له أن تقارير مفوضية الأمن الغذائي كانت غير صائبة.
وتشكل اقالة الوزير الذي لم يهنأ بهذا اللقب حيث أمضى أربعين يوما في منصبه، انذارا لغير من الوزراء. وبينما تحدثت مصادر عن اقالات محتملة لوزراء الزراعة والمياه والطاقة والصحة وهم الذين لم يظهروا شجاعة في مواجهة ملفات شائكة اعترضتهم، نفت مصادر مطلعة هذا الخبر وأكدت أن التعديل الوحيد الذي جرى التباحث بشأنه هو الذي تم الاعلان عنه.
وتقول مصادر مطلعة أن الوزير محمد ولد محمدو فشل في اثبات صحة التقارير التي قدمها بشأن هشاشة الوضع الغذائي ولم يلق نداءه استجابة دولية، فبعد طلب موريتانيا ارسال مساعدات انسانية الى القرى التي تعاني من الجفاف، غادر ولد محمدو نواكشوط متوجها الى ايطاليا حيث حضر اجتماعات الدورة العادية لمجلس ادارة البرنامج العالمي للأغذية الذي انعقد من 4 الى 7 يونيو (حزيران) الجاري، وفشل في اقناع المؤسسات العالمية وممثلي الدول المانحة بتقديم مساعدات لموريتانيا.
وكانت الحكومة الموريتانية أعلنت بداية الشهر الجاري quot;انعدام الأمن الغذائيquot; بسبب الجفاف وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ووجهت نداء الى المجموعة الدولية للحصول على مساعدة غذائية عاجلة للشعب الموريتاني. وأكدت اللجنة الوزارية المكلفة بالبرمجة الغذائية وجود عجز غذائي في موريتانيا وأنه لسد هذه الثغرة يجب توفير 27 ألف طنا من مختلف المواد الغذائية يجري بحثها مع الممولين على المستويين الثنائي والدولي، وأوضحت أن الوضعية الحالية أجبرت الحكومة على توجيه نداء الى شركائها في التنمية لطلب المساعدات الغذائية، متمنية توفيرها في القريب العاجل لتفادي وقوع كارثة انسانية في موريتانيا.
ويشكل غلاء أسعار المواد الغذائية أحد أسباب هشاشة الوضع الغذائي في موريتانيا، وبينما يرى الموريتانيون أن ضعف جهاز الرقابة ومضاربات التجار واحتكار السلع أسباب رئيسية وراء ارتفاع الأسعار.
وأعلن محمد ولد محمدو المفوض المسؤول عن الحماية الاجتماعية (المقال) ان quot;انعدام الامن الغذائيquot; يهدد اكثر من مليون شخص وهم يحتاجون الى 47 ألف طن من الحبوب والمنتجات الغذائية المختلفة. واوضح ولد محمدو الذي كان يعرض نتائج تحقيق أجرته مفوضيته في الشهر الماضي ان 192 قرية من أصل 216 في موريتانيا quot;تحتاج الى مساعدة عاجلةquot;. واضاف ان هذه الازمة الغذائية ناجمة عن تضاؤل الأمطار في 2006 في هذا البلد الذي تشكل الصحراء جزءا كبيرا منه quot;فشهد الانتاج الزراعي تدنيا كبيرا وتقلصت مساحات المراعي في 2007quot;. واشار ولد محمدو ايضا الى ان بعض مربي المواشي في المناطق المتضررة من الجفاف في 2006 اجتازوا الحدود الى مالي والسنغال بحثا عن المراعي.
وقد عكفت اللجنة خلال هذا الاجتماع على فحص ودراسة تقرير اللجنة الفنية حول الوضعية الغذائية في البلاد الذي يبرز صعوبة الحالة الغذائية في عدد من البلديات الريفية نتيجة لتراجع انتاج الحبوب بنسبة 31 في المائة خلال السنة المنصرمة ونقص في المراعي الطبيعية وارتفاع أسعار المواد الغذائية الاساسية وهشاشة الثروة الرعوية. وأشارت اللجنة الفنية في هذا التقرير الى أن 192 بلدية ريفية من أصل 197 بلدية شملها المسح الذي قام به مرصد الامن الغذائي في حالة تغذية سيئة والى أن مليون و300 ألف شخص في أمس الحاجة الى المساعدات العاجلة في مجال الغذاء والى أن الحاجيات الغذائية تقدر بأكثر من 47 ألف طنا من مختلف المواد الغذائية.
وبينت اللجنة الفنية في تقريرها أن موريتانيا تتوفر حاليا على مخزون من المواد الغذائية يصل الى 16 ألف طنا فقط، مما يستدعي لفت انتباه الممولين الى ضرورة دعم الحكومة من أجل التغلب على هذه الوضعية قبل أن يفوت الأوان خاصة وأن المعطيات المتوفرة لدي مرصد الامن الغذائي تشير الى التدهور السريع للظروف الغذائية لدى شريحة عريضة من سكان البلاد بسبب جملة من الاسباب من ضمنها نقص الماء الصالح للشرب.
التعليقات