ابيدجان : يرحب كثير من الأفارقة من كيب تاون الى الجزائر بخطة الزعيم الليبي معمر القذافي لتشكيل (ولايات متحدة افريقية) تتمتع بصوت قوي على المسرح العالمي غير أن أغلبهم يقول انها فكرة مبكرة للغاية بالنسبة لقارة منقسمة.ويقوم القذافي الذي اعتبر لفترة طويلة منبوذا من الغرب بسبب خطابه المناهض للاستعمار بجولة في غرب أفريقيا للترويج لخطته القائمة منذ فترة طويلة لتشكيل حكومة افريقية والتي ستعرض على قمة للاتحاد الافريقي في أول يوليو تموز في غانا.

ومدعوما بعوائد الثروة النفطية حصل الزعيم الليبي على تأييد السنغال وزيمبابوي وبعض البلدان الاخرى. غير أن الدول ذات الثقل الدبلوماسي مثل جنوب افريقيا واوغندا تعارض بقوة.ويقول كثير من الافارقة العاديين ان ذلك من السابق لآوانه بالنسبة للقارة التي يسكنها قرابة مليار نسمة مقسمين بين أغنياء وفقراء وسود وعرب ومسلمين ومسيحيين وتتداخل فيها الصراعات مثل الحرب في الصومال والصراع في اقليم دارفور بغرب السودان.

وقال جوبيلي كمارا (50 عاما) وهو معلم في مدرسة بالعاصمة الاوغندية كمبالا quot;انها فكرة طيبة لكن مبالغ فيها. لدينا أيديولوجيات مختلفة كثيرة للغاية.. قبائل وتقاليد وأديان مختلفة.quot;وأضاف quot;يتعين أن يكون هناك حلم مشترك وذلك سيستغرق وقتا.. قد يستغرق 50 عاما لمجرد أن يكون قريبا.quot;

ويقول مسؤولون إنه في مجالات مثل التجارة - حيث طالب المزارعون الفقراء بأفريقيا دون جدوى الولايات المتحدة وأوروبا بالغاء مليارات الدولارات من الدعم - يمكن للقارة أن تستفيد من قوة تفاوضية أفضل.وقال سيباستيان ديدجي وزير المصالحة في ساحل العاج التي مزقتها الحرب والتي زارها القذافي أمس الاربعاء quot;عندما تكونون كثيرين.. تكونون أقوى. يمكن لذلك أن يحل المشكلات في التبادلات التجارية مع البلدان الاجنبية لان (الافارقة) عادة يخسرون.quot;

لكن المؤسسات التي تضم جميع البلدان الافريقية فشلت في كسب القوة الدافعة. وهناك قدر من التعاون السياسي والعسكري يتم عبر الاتحاد الافريقي غير أن البرلمان الافريقي التابع له ينظر اليه على نطاق واسع على أنه منتدى للحديث في الوقت الذي يحمي فيه الرؤساء الذين ظلوا في مناصبهم لفترات طويلة بالقارة قبضتهم على السلطة.

وقال جون موتشيري (40 عاما) وهو سائق سيارة اجرة في العاصمة الكينية نيروبي quot;لا يمكنني رؤية أي زعيم أفريقي يقبل أن يكون مثل عضو بمجلس الشيوخ في بلده... سوف ترغب البلدان الاقوى في أن تحكم البقية.quot;وخاطب القذافي حشدا من مئات الشبان في ابيدجان العاصمة الاقتصادية لساحل العاج أمس واقترح أن تشكل أفريقيا جيشا من مليوني جندي. وقال انه ينبغي للقارة أن تمنع كل الحروب اهلية كانت ام قبلية ام حدودية.

ومنح نجاح تكتلات مثل الاتحاد الاوروبي مصداقية جديدة للفكرة التي طرحها أول مرة كوامي نكروما الذي قاد غانا لتصبح أول دولة فيما وراء الصحراء الافريقية تتخلص من الاستعمار قبل نحو 50 عاما.وكان نكروما وغيره من زعماء الاستقلال في القارة من أمثال جوليوس نيريري في تنزانيا يرغبون في الغاء الحدود المصطنعة التي رسمها الحكام الاستعماريون في مؤتمر برلين في عام 1884.

غير أن الكثيرين يشككون فيما اذا كانت هناك هوية أفريقية مشتركة تمتد عبر القارة من شأنها أن تجمعها. ويتساءل اخرون بشأن كيف يمكن لحكومة مركزية فرض سياسات ربما لا تملك بعض البلدان الوسائل لتطبيقها.وفي شوارع أكثر بلدان القارة ثراء يشعر المواطنون بالقلق من أن ينتهي الامر بتحملهم الفاتورة.

وقال كالي فان دير ميروي (52 عاما) وهو سائق حافلة quot;لدينا ما يكفي من المشكلات في جنوب افريقيا. كم عدد المشكلات التي سنواجهها اذا أصبحت لنا حكومة واحدة.quot;وأضاف quot;من أين تأتي كل الاموال.. من جنوب أفريقيا.. اذن فسندفع ضرائب باهظة.quot;

وفي قارة تموج بالتمردات التي عادة ما تكون مدعومة من بلدان مجاورة يجد البعض أن من الصعب تخيل أن تنحي الحكومات جانبا الصراعات التي تمتد الى عقود من الزمان.وقالت ان نيامبورا (20 عاما) التي تدرس العلاقات الدولية في نيروبي quot;هناك بعض البلدان التي هي أعداء دائمين .. ولكي يفلح تشكيل أي نوع من الولايات الافريقية فيجب أن يكون هناك تفاهم بين بلدان مثل اثيوبيا واريتريا وسلام في السودان والصومال.quot;