صحافيتان إسرائيليتان تجولان بحرية في شوارع بيروت
رينتا وليزا: مغامرة في لبنان قد تخفي الكثير
صورة التقطتها الصحافيتان في لبنان
أسامة العيسة من القدس:
رينتا ميلكا، وليزا جولدمان، صحافيتان تربط بينهما صداقة متينة، ولكل منهما مدونة على الإنترنت، تحظى بمتابعة واسعة من رواد شبكة المعلومات العنكبوتية.
وتعتبر مدونة رينتا التي تحمل اسم (بلجان)، وتعني بالعبرية (مشاكل) من اشهر المدونات الإسرائيلية، وتعرف رينتا نفسها بأنها برازيلية تعمل في إسرائيل، كصحافية مع وسائل إعلام متلفزة، وكمتعاونة بين الوقت والآخر مع صحف اجنبية، تعد لها تقارير من إسرائيل والأراضي الفلسطينية ومرتفعات الجولان. وقد برزت رينتا
في إمداد قراء مدونتها بصور خلال الحرب الأخيرة على لبنان من أمكنة الحدث كحيفا، والحدود اللبنانية -الإسرائيلية والقرى والمستوطنات اليهودية الشمالية، وصور الإسرائيليين في الملاجئ ولقاءات المسؤولين معها ومن بينهم وزراء.
كما قدمت لقرائها تغطيات لأحداث ومناسبات فلسطينية، منها احتفالات أعياد الميلاد في مدينة بيت لحم، حيث ظهرت رينتا في صور وهي تحتضن رجال الأمن الفلسطينيين المدججين بالسلاح أمام كنيسة المهد.
ويتابع أصدقاء وقراء رينتا نشاطها، حيث تنشر الصور باستمرار من الأماكن التي تزورها، وآخرها صورها من البرازيل، ومن بينها صور لها في الملاهي الليلية وهي تمرح مع اصدقاء ومعارف.
الا انه قبل نحو شهرين، حدث أمر غريب في مدونة (بلجان) حيث تغير شكلها، وحذفت جميع مواضيعها، وأزيلت صورة رينتا عنها، وتوالت التعليقات على المدونة من المتابعين تسال ماذا حل برينتا، ولم يخطر ببال أحد أن تظهر، أخيرا على صفحات يديعوت احرنوت في تقرير خاص من لبنان، بعد أن وصلته مع زميلتها ليزا.
ويشار الى رينتا لا تعمل كصحافية مع يديعوت احرنوت، ولكن الصحيفة اشترت منها التقرير الذي أعدته من لبنان، وكذلك شريط مصور بثته الصحيفة على موقعها الإلكتروني تظهر فيه رينتا في عدة مواقع لبنانية من بينها مجلس النواب اللبناني.
صورة التقطت وسط بيروت
وبعد نشر التقرير الخاص من لبنان، عرف متابعو رينتا، التي تجيد نسج الصداقات، ولها أصدقاء إسرائيليون وفلسطينيون، ومن العالم العربي، بان التغيير على مدونتها كان بسبب خطة منها، كي لا تنكشف هويتها لدى زيارتها لبنان الذي دخلته بجواز سفرها البرازيلي، إذا ما فكر أي من رجال الأمن البحث على الإنترنت عنها.
وعادت رينتا إلى إسرائيل، ولم تعد مدونتها كما كانت حتى الان، أما زميلتها وصديقتها الحميمة ليزا جولدمان، التي دخلت معها لبنان بجواز سفر كندي، فكانت اكثر جرأة منها، وأبقت على مدونتها، وموقع آخر يضم صورها، كما هما، ولكنها كما قالت في مقابلة للقناة العاشرة التي بثت لها تقريرا مباشرا من بيروت، بعد
عودتها، بأنها تجنبت الذهاب إلى الضاحية الجنوبية، حيث إن عناصر الأمن التابعين لحزب الله، كانوا سيضعون اسمها على محركات البحث مثل جوجل، وبالتالي يكشفون هويتها.
صورة التقطت في الجنوب اللبناني
وتحمل اسم مدونة ليزا (في الوجه)، وهي مثل صديقتها رينتا معروفة في عدة أماكن، ولكثير من العاملين في الوسط الإعلامي الفلسطيني، وشاركتا في دورات وورشات عمل مع زملاء آخرين في دول عربية مثل الأردن، وزارتا مصر اكثر من مرة، وكذلك دول عربية وأجنبية أخرى.
وتمكنت رينتا وليزا، من مقابلة العديد من الشخصيات السياسية الفلسطينية والإسرائيلية، وكذلك نشطاء من الجانبين. وقالت ليزا ان لديها أصدقاء في الدول العربية، ومن بينها لبنان، وأنها تعرفت إلى أصدقائها عن طريق الإنترنت.
وأشارت إلى أن عددا من أصدقائها اللبنانيين، كانوا على علم بزيارتها إلى بلدهم، ولكنهم اعتذروا عن مرافقتها أو استقبالها، لأسباب أمنية، وقالت إنها استقبلت من قبل صديقة أجنبية في لبنان.
وتحدثت كيف أنها، وزميلتها رينتا حاولتا طوال الوقت، تجنب انكشاف أمرهما، في كل الأماكن التي زارتاها.
وعلى مدونتها نشرت ليزا نحو 300 صورة من لبنان، يتضح منها أنها ورينتا تجولتا بحرية في عدة أماكن في الجنوب، وفي وسط بيروت وغيرها من الأماكن، وتتنوع الصور من المنازل والمقاهي والأحياء والمحلات التجارية إلى ملصقات للشيخ حسن نصر الله زعيم حزب الله، وغيرها لرفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الاسبق.
وروت ليزا، للقناة العاشرة انطباعاتها ورأي السكان في الوضع السياسي وهي آراء كانت متنوعة، ومن بينها التأييد الذي يجده حسن نصر الله. كما انها روت حكاية صغيرة حول محاولتها لالتقاط صورة ملصق لنصر الله وهي تركب سيارة قادمة من الجنوب إلى بيروت، وعندها تنبه السائق وسألها بغضب لماذا تفعل ذلك، فخشيت أن
يكون السائق تابعا لجهة أمنية، فقالت له إنها سائحة ومن حقها التقاط الصور، ولكنه فاجأها، كما تقول بإطلاق شتيمة مسيئة لزعيم حزب الله، مما جعلها تشعر بارتياح.
وزال القلق نهائيا بعد أن غادرت رينتا وليزا الأراضي اللبنانية إلى الأردن الذي انطلقتا منه في مغامرتهما المشتركة، والتي وان لم تكن الأولى لهما، إلا أنها كانت الأخطر والأكثر اهتماما من قبل وسائل الإعلام.
ليزا ورينتا، تشعران بمدى الضجة التي أثيرت حول زيارتهما، وتشيران إلى أن الأمر حدث ببساطة، دون تحميل الأمر تبعات أخرى، القناة العاشرة وصحيفة يديعوت احرنوت، حاولتا استغلال الحدث، بشكل دعائي، باعتباره سبقا صحافيا لكل منهما، أما في العالم العربي وخصوصا في لبنان، فان الأمر شكل صدمة وطرح لدى الرأي العام أسئلة مشروعة حول إذا كان لرينتا وليزا علاقات مع أجهزة استخبارية إسرائيلية، وهل تمت
الزيارة بالتنسيق مع هذه الأجهزة وضمن خطة، وهو ما لا يمكن معرفته الان أو في المستقبل المنظور على الأقل.
وحول النقاش الذي اثير عن زيارتها لبنان تقول ليزا إنها قضت ثلاثة أيام في بيروت سجلت خلالها مقابلتين، وبعد وصولها إلى إسرائيل من الأردن خرجت من المطار مباشرة إلى استوديو القناة العاشرة لوضع المادة الخام التي لديها، حيث أذاعت القناة التقرير بعد تحريره.
وبعد ساعة من إذاعة التقرير على القناة العاشرة التي تتابعها مثل غيرها من وسائل الإعلام الإسرائيلية، قناة المنار التابعة لحزب الله، بثت هذه القناة، كما تقول ليزا مقاطع من التقرير وهي تشير الى احتمال وجود جواسيس صهاينة الان في مطار رفيق الحريري يستعدون لمغادرة لبنان.
وتقول ليزا ان الهدف من زيارتها فقط هو رصد مزاج اللبنانيين بعد عام من الحرب، وأشارت إلى أنها تابعت باهتمام ما جرى من نقاش حول زيارتها بين القوى السياسية المتصارعة في لبنان، كما يظهر ذلك من خلال المواقع الإلكترونية لهذه القوى.
وأكدت ليزا أنها تلقت العديد من الرسائل الإلكترونية الداعمة والمشجعة من اللبنانيين الذين شاهدوا أو قرأوا عن تقريرها، وإحدى هذه الرسائل كانت من رجل قابلته في لبنان وقدم لها المساعدة، كما تقول.
وقد وعدت ليزا أصدقاءها بالكتابة اكثر عن مغامرتها اللبنانية، بعد أن تأخذ قسطا من الراحة.