نابلس (الضفة الغربية) : أمضى أحمد الحاج علي اسبوعًا شاقًا بدأ بإلقاء القوات الفلسطينية الموالية للرئيس الفلسطيني محمود عباس القبض عليه وانتهى بتنقله من مخبأ آمن إلى آخر، هربًا من القوات الإسرائيلية. ومنذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قطاع غزة قبل ثلاثة أسابيع وما اعقبه من ملاحقة قوات وميليشيات تقودها حركة فتح التي يتزعمها عباس لأعضاء حماس في الضفة يختبئ زعماء الحركة أمثال الحاج علي وهو عضو في البرلمان الفلسطيني من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.

وقال مسؤول في حماس إن القوات الموالية لعباس احتجزت ما لا يقل عن 299 من انصار حماس في الضفة الغربية في الأسابيع الثلاثة الماضية. وأكدت قوات الأمن القبض على العشرات، وقالت إنه عثر على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر لدى بعضهم وانهم سيحاكمون. وقال المتحدث باسم حماس فوزي برهوم إن 130 لا يزالون قيد الاعتقال حتى يوم الخميس. وقدرت مصادر أمنية عدد مَن لا يزالون قيد الاحتجاز quot; بالعشراتquot;. ورفض ياسر عبد ربه أحد المساعدين البارزين لعباس التلميح الى احتمال إلحاق الأذى بالمحتجزين مؤكدًا أن جميع حالات الاحتجاز مشروعة وعدم اساءة معاملة أي من المقبوض عليهم.

واحتجت حماس على الإعتقالات وحذرت من القيام بعمليات انتقامية. ولم تلق قوات أمن نظامية القبض على بعض انصارها بل مسلحون ملثمون من كتائب شهداء الاقصى وجماعات منشقة أخرى. وترددت تقارير مماثلة عن استهداف فتح في غزة. واحتجز مسلحو حماس أعضاء من فتح لاستجوابهم من بينهم ابنة رئيس جهاز المخابرات الموالي لعباس.

ويوم الخميس نشرت حماس قواتها لمنع بعض الموظفين العموميين الموالين لعباس من الذهاب لأعمالهم.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها زارت المحتجزين في الضفة الغربية وقطاع غزة لكنها لم تفصح، عما اذا كانت أثارت اي مخاوف بشأن معاملتهم تماشيًا مع القواعد التي تتبعها اللجنة. وفي الضفة الغربية، قال بعض المعتقلين إنه لم يفرج عنهم إلا بعدما وقعوا على تعهدات بعدم الانضمام للأجنحة العسكرية لحماس وعدم التآمر ضد الحكومة. ولا تتعامل اسرائيل والقوى الغربية مع حماس لرفضها نبذ العنف ضد إسرائيل.

وعلى مدار العام الماضي إعتقلت اسرائيل بالفعل نحو نصف أعضاء البرلمان من اعضاء حماس الذين يمثلون الغالبية مما يجعل من المستحيل اكتمال النصاب القانونية اللازمة كي يقترع البرلمان على قرار عباس بعزل الحكومة التي تقودها حماس، وتعيين حكومة جديدة يرأسها سلام فياض. واصبحت نابلس مركز حملة فتح ضد حماس في الضفة الغربية نظرًا لأنها كانت بالفعل نقطة لإنطلاق أعمال عنف متكررة بين نشطاء فلسطينيين والقوات الإسرائيلية.

وقال اكرم الرجوب مدير جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني الذي تهيمن عليه فتح انهم كانوا يتعاملون مع نشطاء حماس على انهم رفاق سلاح قبل أحداث غزة، ولكنهم يدركون الآن أن التعامل مع شركاء واصدقاء كان خطأ. ويغطي جدران مبنى جهاز الأمن الوقائي ملصقات لسميح المدهون احد قادة فتح الذي قتلته حماس خلال الاقتتال في غزة في الشهر الماضي ولمسلحي حماس يطأون باقدامهم على صورة للرئيس الراحل ياسر عرفات.

وعرض مساعد الرجوب على الزائرين شريط فيديو يظهر المدهون وهو يحتضر بينما وقف مسلحو حماس فوق صدره الذي اصيب بعدد كبير من الاعيرة النارية. وتشدد الحملة في الضفة الغربية الضغط على لجان الزكاة التي تدعم المدارس الاسلامية والعيادات الطبية التي ساهمت في صعود حماس للسلطة.

وفي نابلس، اقتحم عشرون مسلحًا مصنعًا لمنتجات ألبان تديره إحدى لجان الزكاة ولكن من يديرون المصنع اقنعوهم بالمغادرة. وقال عبد الرحيم الحنبلي الذي يرأس لجنة الزكاة ويدير المصنع quot; قلنا لهم ان المصنع ليس ملكًا لحماس بل للشعب الفلسطيني. لا نخافquot;. وتراجع عدد المرضى الذين يترددون على عيادات التكافل الاسلامية التي تمولها لجنة الزكاة المحلية بنسبة 20 في المئة منذ سيطرة حماس على غزة. ويقول حافظ صدر مدير العيادة quot;يريد هؤلاء المرضى تفادي اي اتهامات بانهم من حماس او من انصارهاquot;.

وقال الرجوب إن رجاله يستهدفون النشطاء وليس الاعمال الخيرية واكد انه ليس هناك اي تعاون بين فتح واسرائيل. وألقت اسرائيل القبض على نشطاء من الفصيلين. يوم الاثنين الماضي اعتقل رجال عباس الحاج علي واحمد الدولة الذي عمل كمساعد لوزير الداخلية في الحكومة التي قادتها حماس في نابلس وافرج عن الحاج علي بعد ساعتين ولا يزال الدولة قيد الاحتجاز.

ومنذ اطلاق سراحه يتنقل الحاج علي من مكان لاخر وصرح عبر الهاتف quot;لا يمكني ان ابلغكم بمكانى لانني اختبيء من الاسرائيليين.quot; ويحاول الحاج على الانتقال من مخبأ لاخر كل ثلاثة ايام.ولا يزال 26 على الاقل من انصار حماس قيد الاعتقال في سجن بنابلس. ولا يسمح مسؤولو السجن للصحفيين بزيارة المعتقلين ولكنهم ذكروا انهم يحصلون على احتياجاتهم من الطعام والدواء ويعاملون quot;كضيوفquot;.

واضاف الرجوب ان الاسئلة التي توجه اليهم لا تتعلق باسباب انضمامهم لحماس بل للحصول على معلومات محددة بشان الاسلحة واي أدلة على تهديدهم للسلطة الفلسطينية.ويقول يزيد خضر الذي خدم في الحكومة المعزولة ان صبر حماس في الضفة الغربية بدأ ينفد وان قادة الجماعة ربما يعجزون عن منع جميع النشطاء من الانتقام.وقال خضر ان قادة حماس يتوارون عن الانظار ليس خوفًا بل لتفادي المواجهة مع السلطة ولكنه اضاف انه لا يسعهم السيطرة على الجميع.

وحذر مصدر آخر مقرب من حماس quot;اذا استمر الوضع على ما هو عليه فستفتح ابواب الجحيمquot;.