خلف خلف من رام الله: ما زال المواطنون في قطاع غزة غير قادرين على نسيان ما شاهدوه من صراع دموي بين حماس وفتح، فهم يدركون تماماً أن ما جرى على الأرض ليس حدثاً عابراً ولكن خوفهم الحقيقي الآن، هو أن يتم نسيانهم في غمرة الأحداث المتسارعة. فنشوة الانتصار التي أطلقتها حماس في غزة، وما تبعها من إعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إقالة الحكومة وإعلان قوة حماس التنفيذية بأنها خارجة عن القانون، وتشكيل حكومة الطوارئ برئاسة سلام فياض، رسخ للوهلة الأولى الانطباع بأن الأراضي الفلسطينية تنقسم فعلا: الضفة لفتح وغزة لحماس ndash; التي ستتشرف وتدير غيتو من مليون ونصف فلسطيني سيكون معزولا تماما عن الضفة.

وتخيف الفلسطينيون أيضا السرعة التي أبدت فيها الولايات المتحدة وإسرائيل استعدادهما لتبني الحكومة الجديدة برئاسة سلام فياض ومنحها الإحسان الذي لم يُعطَ لها قبل انتخابات السلطة في السنة الماضية. ناهيك عن الفترة التي تلتها. وكأنهما تحثان الخطى أيضا للمشاركة في احتفالات التقسيم بين quot;جنة عدنquot; وبين quot;جهنمquot; والبرهنة لمواطني فلسطين إلى أي حد خسروا عندما صوتوا لحماس.

ويؤكد المراقبون أن إسرائيل تدفع نحو الفصل السياسي والجغرافي بيت الضفة وغزة، في محاولة للتعامل مع كل طرف على حده، بحيث أنه سيتم تعزيز قوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس سراً وعلناً، أما قطاع غزة فستحاول تل أبيب التعامل معه وكأنه quot;أمارة حمساويةquot; وبالتالي فهو كيان معادي، ولا يستبعد الكثيرون عقد هدنة طويلة الأمد بين حماس وإسرائيل بحيث تتوقف الأولى عن إطلاق الصواريخ وتهريب الأسلحة، مقابل أن تسمح إسرائيل بدخول الاحتياجات الإنسانية للقطاع.

وبعد خطاب الرئيس عباس أمس الأربعاء وتأكيده أنه لن يجري حواراً مع حركة حماس واصفاً اياها بالانقلابية، يزداد الوضع الفلسطيني خطورة، ولم يعد المواطنون قادرين على معرفة ما ستؤول إليه الأوضاع في اليوم التالي، فحركة حماس تدعو لمسيرات ضخمة للتنديد فيما جاء بالخطاب، وتؤكد أن عباس من خلال تأكيده لشرعية اللجنة المركزية لمنظمة التحرير، وانه لا شرعية لغيرها، هو عبارة عن صفعة في وجه المجلس التشريعي الذي لها الأغلبية فيه.

وقالت حركة حماس في بيان لها فجر الأربعاء: تعقيباً على خطاب عباس أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية لا زلنا نطالبه بتوضيح رسمي لحملة الاعتقالات والاختطافات والإعدامات الوحشية بحق أبناء وكوادر الحركة في الضفة الغربية، فإن كان مسؤولاً عنها فالواجب عليه الكف عن ذلك فوراً تطبيقاً لتعهداته quot;الإعلاميةquot; خلال خطابه المذكور، و إن لم يكن مسؤولاً عنها فهذا أدعى لتدارك ضعفه و انفلات أجهزة أمنه.

وأشارت الحركة في بيانها أن الرئيس عباس عبر عن رفضه للحوار الوطني، وفي هذا السياق قالت الحركة: quot;لا زلنا نؤكد مد اليد و رحابة الصدر للحوار الوطني ليكون رافعة لنا من وحل تقسيم الوطن و تقاسم الشرعية. ولا زلنا نرحب بكل الجهود العربية سواء تلك الرامية إلى تقصي حقائق أحداث غزة أو جهود الوساطة الهادفة لتدارك الموقفquot;.

وحذرت حماس ما وصفتهم بفئات الفوضويين من الانخراط قصداً أو سهواً في مشروع تغييب الأسرى من الذاكرة والحضور الوطني و الاجتماعي، ومن المساهمة في إخلاء حماس من الساحة، وقالت: quot;ونذكرهم بان إسرائيل بكل قوتها وبطشها عجزت عن ذلك و اندحرت عن غزة فكيف بزعرنتهم و فوضويتهم أن تقدر على ذلك؟، وننبه الإخوة في حركة فتح بأن اختلاس المؤسسات الاجتماعية و التربوية و البلدية و الخدمية من خلف قيود المعتقلين لن يجدي أبداً، فالحق أوضح من أن يختلس و الحقيقة أكبر من أن تسرقquot;.

وتابعت الحركة: quot;أما الحديث عن استبدال السيد عباس و الأخ سليم الزعنون لشرعية المجلس التشريعي بشرعية المجلس المركزي للمنظمة فهو استبدال للشرعية الانتخابية القائمة على أصوات الناس بشرعية عرجاء هرمة لا ترى النور إلا لبذر الفرقة و الفوقية و التسلط، والمجلس المركزي يتكئ بشرعيته على شرعية المجلس الوطني الذي يتكئ أصلاً على شرعية منقوصة ومشكوك فيها وموضع حوار وهي شرعية منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها.

واختتمت الحركة بيانها بالقول: quot;ولهذا قد قلنا إنها شرعية عرجاء تتكئ على سلسلة ضعيفة من المؤسسات المهترئة.. ونؤكد ما أكده القانون الأساسي (الذي يحاول أن يغيبه عباس) أن المجلس التشريعي سيد نفسه و صاحب الولاية القانونية على ذاته و إعلانه باطلاً يعتبر قتلاً لأعمار أسراه و زجاً لهم في غياهب المجهول و تجريداً لحصانتهم التي نقاتل إسرائيل أمام العالم لكي نرسخهاquot;.

واثنت الحركة على كلام رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، قائلة: quot;نشدد على كلام الأخ أبو الوليد (خالد مشعل) بأن الشرعية واحدة و الوطن واحد، فولاية الرئيس عباس تشمل الضفة وغزة، وشرعية الحركة الإسلامية تشمل الضفة و غزة ولا مجال لأن يتلاعب أحد بهاتينquot;.