بيروت: دخل لبنان مهلة حاسمة لاختيار رئيس للجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي اميل لحود تقدم لاول مرة quot;فرصة واقعيةquot; للتوصل الى تفاهم يخرج البلاد من ازمة عميقة تعيشها منذ نحو عام وتسبب شللا في المؤسسات وقطيعة بين اقطاب السلطة، كما يرى محللون. وتتجه الانظار الى 23 تشرين الاول/اكتوبر، موعد الجلسة الانتخابية الجديدة التي تقررت في غياب مرشح توافقي الثلاثاء عندما فتحت ابواب المجلس النيابي لاول مرة منذ 11 شهرا بدعوة رئيسه نبيه بري احد اقطاب المعارضة لجلسة لانتخاب الرئيس اشترط لعقدها توافر نصاب الثلثين. وانهت الجلسة التي لم تنعقد القطيعة بين المعارضة والاكثرية فاجتمع بري وزعيم الاكثرية سعد الحريري لاول مرة منذ عدة اشهر، ما اشاع اجواء تهدئة بعد توتر.
ومع اعراب بري والحريري عن تفاؤلهما، تحدثت الاكثرية عن اعتبار مهلة الشهر فرصة اخيرة ستعمد بنهايتها الى انتخاب الرئيس بالاغلبية المطلقة دون انتظار انتهاء المهلة الدستورية في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، وهو ما رددت صداه الصحف الاربعاء، المؤيدة للاكثرية او المعارضة منها. ويقول نبيل بو منصف، الصحافي والمحلل السياسي في جريدة النهار (المؤيدة للاكثرية) لفرانس برس ان quot;الفرصة بدأت واقعيا، هناك ثغرة فتحت في جدار مغلق، ثغرة صغيرة جدا، وهذا ليس بفعل القوى المحلية فقط (...) فالمعسكر العربي والدولي يعمل لتمرير الانتخابات حتى لا يذهب لبنان الى الانهيار، ولا تنفتح بؤرة توتر جديدة في الشرق الاوسط. العالم يريد اي توافق يتم التوصل اليهquot;.
ويعتبر بو منصف ان quot;الحديث عن مهلة اخيرة ثرثرة جوفاء، لا توجد مهلة اخيرة في لبنانquot;. ويوضح quot;دستوريا، لا شيء ابدا يمنع ان يستمر التفاوض حتى اخر لحظة، سيبقى مجلس النواب منعقدا حتى ينتخب رئيسا، حتى لو مرت المهلة الدستورية (24 تشرين الثاني/نوفمبر)، فالمنطق الدستوري لا يسمح بالفراغquot;.
وبدوره يرى استاذ القانون الدولي شفيق المصري quot;عدة مؤشرات وعوامل لبداية تسوية او توافق قبل الاستحقاق الرئاسي، وهي تسوية مضمونة من قبل المساعي الداخلية على كافة المستويات والمساعي الاقليمية والمناخ الدولي المشجعquot;. ويؤكد ان موعد الجلسة المقبلة لا يعتبر في الاطار الدستوري فرصة اخيرة. واوضح المصري ان نصاب الثلثين الذي يشترطه رئيس المجلس quot;يبقى بالنسبة إلى نصاب الجلسات لغاية اليوم الاول من الايام العشرة الاخيرة، بعدها يصبح اجتماع المجلس حكميا، حكمية الاجتماع لا تقتضي نصاب الثلثينquot;.
ويضيف quot;الاكثرية قالت انها الفرصة الاخيرة لكني اعتقد انها يمكن ان تمدد، اذ لا يمكنهم تطبيق النص الدستوري، اي الاجتماع الحكمي للمجلس، الا ابتداء من اليوم الاول في الايام العشرة، وانا اميل ان يجتمع المجلس بنصاب عادي ويتم الانتخاب بالنصف زائد واحدquot;. ويتابع quot;لكني ارجح الا يتم الوصول الى هذا المأزقquot;.
وعن اعلان الاكثرية انها ستنتخب الرئيس بالاغلبية المطلقة في 23 تشرين الاول/اكتوبر، يقول شفيق المصري quot;هذا استمرار للخطاب السياسي ذاته، لا يعني انه ليس لهم حق في ذلك، لكني اقول انه يبدأ تطبيقه مع الجلسات الحكمية حيث لا يجوز تعطيل المجلس النيابيquot;. ويؤكد المحللان ان التسوية ستشمل اسم الرئيس ومختلف نقاط الخلاف quot;كالتفاهم على برنامج الحكومة ورئيس الوزراء والحقائب الوزاريةquot;، حيث تطالب المعارضة بتمثيل وزاري اكبر وتعارض نزع سلاح حزب الله.
ويقول المصري ان التمثيل الوزاري لن يطرح مشكلة بعد الاتفاق على الخطوط العريضة، ولكنه يشدد على ان مجال التفاوض محدد quot;فثمة نقاط اساسية غير قابلة لاي جدل ومنها القرارات الدولية وخصوصا مضمون القرار 1757 الذي اقرت بموجبه المحكمة الدوليةquot; لمحاكمة من يقفون وراء الاغتيالات السياسية بدءا من اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005 والتي توجه الاكثرية الاتهام الى سوريا بالوقوف وراءه.
اما quot;سلاح المقاومةquot; في اشارة الى سلاح حزب الله، فيقول المصري ان quot;هناك نوعا من التفاهم، ولا اقول الاتفاق، على ان سلاح المقاومة مسألة داخلية تتناولها الحكومة والافرقاء اللبنانيون بالتفاهم في ما بينهمquot;.
وبدوره يؤكد بو منصف quot;لا اتصور الاتفاق على الرئيس بمعزل عن الخطوط العريضة لمنهج الحكم (..) لان الاستحقاق جاء بعد ازمة عميقة ولا بد ان يشمل عناوين كبيرة مثل الحكومة وسلاح المقاومةquot;. ويضيف quot;لا اتوقع ان يشكل سلاح المقاومة حجر عثرة لانه ليس في نية احد فتح الملف المعقد الشائك، معظم السياسيين يسعون الى حلول واقعية وايجابيةquot;.
وبين مخاوف بلوغ طريق مسدود والتفاؤل بالحل، يقول المصري quot;انا متفائلquot;، ثم يستدرك quot;لكن في لبنان لا يوجد حل، وانما حلحلة، فلا وسيلة غيرها لان البديل اصعب. الاتجاه ليس الى التشتيت وتأزيم الاوضاع، وهذا مطلب دولي واقليمي ومحليquot;. ويقول بو منصف quot;بدأ سباق غير مسبوق بين وجود فرصة للحل واحتمالات خطرة لعرقلة الحلquot;.
التعليقات