طلال سلامة من روما: نادراً ما تتداخل المصارف الكبرى في أعمال السياسة المحلية بيد أن هذا الحدث غير مستحيل. بالفعل، يتخذ quot;اينياتسيو فيسكوquot;، نائب المدير العام في مصرف ايطاليا المركزي، موقفاً حيال ما يحصل من مظاهرات طلابية ضخمة غزت شوارع المدن الإيطالية مما يلقي تساؤلات عدة كذلك حول مدى تماسك حكومة برلسكوني ومصير وزير التعليم quot;ماريا ستيلا جيلمينيquot; التي لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي دون الأخذ بالاعتبار ردود الفعل المحلية والأوروبية. ويعتقد نائب مدير المصرف المركزي أن برلسكوني وفريقه التنفيذي مهمتهم تحسين الموارد البشرية، عدداً ونوعية، عن طريق إجراءات عاجلة quot;صديقةquot; تطال المدارس والجامعات التي لا تعرض اليوم مستوى تعليمياً كافياً وهذا سبب ثان للثورة الطلابية التي تشهدها ايطاليا منذ الأسبوع الماضي.

لذلك، لا بد من برلسكوني إعادة النظر في ما تعده وزيرة التربية والتعليم من خطط تقشفية قد تهدد مستقبله السياسي. فتنمية نوعية الموارد البشرية هامة على جميع الأصعدة، ان كان سياسية أم تعليمية أم غيرها. واليوم، تعاني البنى التحتية الجامعية من فراغ يجعلها غير جذابة ومناسبة. فكيف يمكن لإيطاليا إذن أن تؤسس أجيالها القادمة، ومنها تلك السياسية، ان كان المستوى المتوسط التربوي لدى سكانها متدنياً، كمية ونوعية، لا بل أنه يحتل المراكز الأخيرة مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى. يذكر هنا أن ايطاليا تنتمي الى مجموعة الثماني الكبار، في الاقتصاد العالمي، ومما لا شك فيه أن الحركات اليسارية لن تتأخر عن إشعال الفتن داخل مظاهرات الطلاب كونها أمسكت على حكومة برلسكوني نقطة ضعف لم تحتسب بعد، الى جانب تلك المتعلقة بخوف برلسكوني من القضاة، هي التربية والتعليم حيث تواجه الحكومة الآن تيارات تنتمي أيديولوجيتها الى محرك عشوائي مرشح ليتحول الى أعمال عنف.

من جانبها، لم تتراجع وزيرة التعليم خطوة واحدة عن قرارها في تخفيض التمويل الحكومي الى الجامعات والمدارس لما مجموعه 8 بليون يورو مما سيجعل العديد من الطلاب، من جراء المعيشة الغالية ورواتب الأسر المتآكلة، على هجرة التعلم وتسليم أرواحهم الى أرباب عمل يستغلون العجز التعليمي والإعدادي المسجل لديهم.