واشنطن: يأمل جون ماكين الذي يتقدم عليه المرشح الديموقراطي باراك اوباما في استطلاعات الرأي، في الوصول الى البيت الابيض وانقاذ شعبية الجمهوريين على الرغم من تراجع شعبية حزبه بعد ثماني سنوات من حكم جورج بوش.
واذا انتخب رئيسا في الثانية والسبعين، سيكون ماكين الرئيس الاكبر سنا الذي يدخل البيت الابيض. وفي هذه المرحلة من الاضطرابات من حربين وازمة مالية عالمية، يحاول ماكين اقناع الناخبين بتجربته في مواجهة خصمه الديموقراطي الذي يصغره 25 عاما.
وماكين العضو في الكونغرس الاميركي منذ 1983 بشكل شبه متواصل، من مخضرمي السياسة الاميركية، وجد باستمرار الطاقة التي تدفعه الى مقدم الساحة.
ولد ماكين في 1936 وهو يتحدر من عائلة عسكرية خدمت الولايات المتحدة منذ الاستقلال في القرن الثامن عشر.
وهو احد ابطال حرب فيتنام، فقد وقع صاحب الرقم العسكري 624787 في الاسر خلال حرب فيتنام وظل اسيرا لمدة خمس سنوات في سجن quot;هيلتون هانويquot; حيث تعرض لمختلف انواع التعذيب والعزل.
ويقول ماكين ان quot;بلدي انقذني ولا استطيع ان انسى ذلك. ساقاتل من اجله حتى النفس الاخيرquot;.
ولا يزال ماكين حتى اليوم يحمل ندوب تلك الحرب، فمشيته متثاقلة ويجد صعوبة في رفع ذراعيه. كذلك يحمل وجهه آثار سرطان الجلد الذي شفي منه في 2000 والذي يمنعه من اي تعرض للشمس مع ان الشمس حارقة في اريزونا الولاية التي يمثلها في مجلس الشيوخ منذ 21 عاما.
ولا تزال تجربته العسكرية تحكم بعضا من سلوكه في المضمار السياسي. فمنتقدوه يأخذون عليه تعاطيه في السياسة بعقلية الرجل العسكري.
وماكين الذي انتخب بسهولة في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، لم ينجح فعليا في القيام بحملة.
وقد تضرر خصوصا بالازمة المالية التي حمل الديموقراطيون الجمهوريين مسؤولية وقوعها.
وفي 15 ايلول/سبتمبر يوم افلاس مصرف ليمان براذرز، قال ماكين ان quot;اسس الاقتصاد الاميركي متينةquot;، وهذا التصريح يلاحقه الى اليوم.
ويدرك ماكين ان فرصته الوحيدة للفوز هي ابتعاده عن الرئيس جورج بوش الذي تراجعت شعبيته الى مستويات قياسية، لذلك يذكر باستمرار بانه كان من اوائل الجمهوريين الذين انتقدوا البيت الابيض لاجتياحه العراق بعدد غير كاف من القوات.
وهو اليوم يؤكد ان الجيش الاميركي سيبقى في العراق حتى النصر وquot;مئة سنة اذا اقتضى الامرquot; وانه quot;يفضل خسارة الانتخابات على خسارة الحربquot;.
وقد قال لاوباما خلال مناظرة تلفزيونية quot;لست الرئيس بوشquot;، بعدما ذكره المرشح الديموقراطي بانه ايد تسعة من عشرة مشاريع قرارات لادارة بوش.
كما يؤكد باستمرار انه كان معارضا للادارة المنتهية ولايتها في قضايا عدة تبدأ بمعتقل غوانتانامو وتنتهي بالتغيرات المناخية.
وهو رجل قناعات اكثر منه رجل حزب، ويدير ظهره احيانا للبرلمانيين الجمهوريين، لا بل حتى لجورج بوش نفسه، خصمه في الانتخابات التمهيدية الحزبية في العام 2000.
وقد تخلى عنه معظم شخصيات الحزب الجمهوري مثل وزير الخارجية السابق كولن باول مما دفعه الى التعلق في نهاية حملته بquot;جو السباكquot; الذي اعتبره بطلا في شركة صغيرة ستدمرها السياسة الاقتصادية للديموقراطيين برأيه.
ومعروف عن ماكين انه قادر على العمل مع زملاء لا ينتمون الى الاوساط ذاتها.
فقد وضع مع ادوارد كينيدي ابرز رموز اليسار الاميركي مشروع قانون لم ير النور كان سيسمح بتصحيح اوضاع نحو 12 مليون مهاجر مقيم بطريقة غير قانونية. وهو كذلك من الجمهوريين القلائل الذين يهتمون بقضية الاحتباس الحراري.
ومع ذلك يبقى ماكين محافظا صلبا على صعيد كل المسائل الاجتماعية شأنه في ذلك شأن حاكمة الاسكا ساره بايلن التي اختارها مرشحة لمنصب نائب الرئيس.
فهو على غرار بايلن يعارض بشراسة حق الاجهاض وزواج مثليي الجنس، كما يعارض فرض قيود على اقتناء الاسلحة النارية.
وهو اب لسبعة ابناء بينهم ثلاثة بالتبني وتزوج مرتين، وزوجته الحالية هي سيندي الثرية وريثة امبراطورية لتوزيع الجعة.
وماكين شغوف بموسيقى مغني الروك اند رول الراحل روي اوربيسون وصولا الى مغني quot;ار اند بيquot; الشاب يوشر.
وقد شاهد مؤخرا النسخة الاخيرة من سلسلة مغامرات انديانا جونز حيث يؤدي الممثل هاريسون فورد دور عالم التاريخ المغامر، وعن هذا الفيلم قال ماكين quot;لقد احببته فعلا، ففي النهاية العجوز ينتصرquot;.
باراك اوباما او quot;الحلم الاميركيquot; لمارتن لوثر كينغ وكينيدي
من جهة ثانية يأمل باراك اوباما (47 عاما) الذي يمكن ان يصبح اول رئيس اسود للولايات المتحدة، في تحقيق حلم زعيم حركة الدفاع عن الحقوق المدنية للسود مارتن لوثر كينغ ويشبهه كثيرون بالرئيس الاميركي الراحل جون كينيدي في قوة شخصيته والامل في التغيير الذي يجسده.
واكد اوباما الاربعاء في اعلان دعائي تلفزيوني استثنائي مدته نصف الساعة وبثته شبكات التلفزيون الاميركية quot;لم اكون رئيسا يتسم بالكمال لكنني استطيع ان اعدكم بانني ساكون صادقا واقول ما افكر بهquot;.
وفي بلد يتمتع فيه السود بالحقوق المدنية منذ اقل من نصف قرن فقط قطه اوباما طريقا طويلا.
فعندما ولد في الرابع من آب/اغسطس 1961 في هاواي، من اب اسود من كينيا وام بيضاء من ولاية كنساس، كان الزواج بين الاعراق المختلفة محظورا في كل ولايات الجنوب الاميركي تقريبا، قبل ان تسمح به المحكمة العليا في حزيران/يونيو 1967.
وقد تساءل اوباما خلال تجمع انتخابي مؤخرا quot;من كان يصدق ان اسود في السادسة والاربعين من العمر يدعى باراك اوباما سيصبح يوما مرشح الحزب الديموقراطي؟quot;.
ويحمل اوباما اسما ثانيا هو حسين لم يتردد اليمين الجمهوري في التركيز عليه. كما يشير اليه معلقون في بعض الاحيان، سواء عن سوء نية او عن غير قصد، باسم اسامة، مثل اسم زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن.
وبرز باراك اوباما فجأة في تموز/يوليو 2004 عندما كان برلمانيا محليا في شيكاغو وتحدث امام مؤتمر الحزب الديموقراطي.
وقد رأى ملايين الاميركيين في هذا الرجل الاسود النحيل الذي جاء يدافع عن المرشح الرئاسي السابق جون كيري، ممثلا لارادتهم بدعوته الى المصالحة بين الاميركيين وطرح اختلافاتهم جانبا.
وفي حال انتخابه رئيسا، يريد اوباما الذي يدعو الى المصالحة بين الاميركيين، ان يكون بطل هذه المصالحة. وهو يؤكد خصوصا على ارث بطلين سابقين، المدافع عن الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ والرئيس الراحل جون كينيدي.
ويشكك خصومه في قدرته على تحقيق هذا الطموح. وقد شككوا خلال الحملة الانتخابية بقدرته على قيادة البلاد واتهموه quot;بالنخبويةquot; ووصفوه بانه quot;ساذجquot; وشددوا على افتقاده للخبرة.
وكان quot;الاملquot; هو الموضوع الرئيسي لحملة السناتور اوباما. وقد اثار ذلك حماس مناصريه لكن تساؤلات عدة طرحت. فبعض خصومه تساءلوا عن اي امل يتحدث واتهموه باستغلال عبارات جوفاء.
واوباما الذي عاش مع والدته في اندونيسيا ثم في هاواي مع جديه لامه التي توفيت بسرطان في 1995، هو قبل كل شيء رجل مثقف.
درس في جامعة كولومبيا وحصل على شهادة تؤهله لمهنة مربحة في قطاع المال، لكنه اختار العمل الاجتماعي في معازل السود في جنوب شيكاغو.
وغادر المدينة بعد ذلك ليدرس في هارفرد، المعبر التقليدي للنخبة الاميركية.
وهو اول أسود عين رئيسا لتحرير نشرة الجامعة quot;هارفرد لو ريفيوquot; في 1991.
وبعد هارفرد، عاد الى شيكاغو للعمل محاميا في مكتب التقى فيه المحامية ميشال التي تحمل شهادة من جامعتي برينستن وهارفرد والتي اصبحت زوجته وquot;صخرةquot; حياته كما يلقبها. وقد رزقا بابنتين ماليا (تسع سنوات) وساشا (سبع سنوات).
وفشل اوباما في شغل مقعد في مجلس النواب في العام 2000 لكنه انتخب عضوا في مجلس الشيوخ في العام 2004 واصبح السناتور الاسود الوحيد في الكونغرس.
ينظر اليه على انه يساري بسبب رفضه الحرب في العراق ودفاعه عن الحق في الاجهاض ومعارضته تعيين محافظين في المحكمة العليا.
لكن اوباما يرفض هذا التصنيف وقد وعد بالا يزيد الضرائب الا تلك المفروضة على اصحاب الدخل الكبير، مؤكدا انه يعتزم العمل مع الجمهوريين. فهو يريد ان يكون براغماتيا اولا.
ميشال اوباما جاهزة لتصبح اول اميركية اولى سوداء
تقول ميشال اوباما، زوجة المرشح الديموقراطي الى الانتخابات الرئاسية الاميركية التي قد تصبح اول سيدة اولى سوداء في الولايات المتحدة، عن نفسها quot;انني حالة شاذة. فانا فتاة سوداء نشأت في ساوث سايد (حي فقير) في شيكاغو... ولا يفترض بي على الاطلاق ان اكون هناquot;.
يقدمها انصارها على انها جاكلين كينيدي الجديدة، وهي تشبهها في شبابها عندما كانت سيدة اولى وفي اناقتها. اما منتقدوها فيأخذون عليها صراحتها المبالغ فيها وسخريتها ويتهمونها بعدم الوطنية وبالعجرفة بل وايضا بالعنصرية.
ورغم ما تتمتع به من رقة وذكاء تطلق عليها وسائل الاعلام المحافظة لقب quot;النصف المرquot; لسناتور ايلينوي وquot;سيدة الاعتراضاتquot;.
وتؤكد ميشال اوباما (44 عاما) انها كانت متحفظة على خوض زوجها السباق الى البيت الابيض. وكانت تريد المحافظة على حياتهم العائلية. واخيرا وافقت اخيرا بعد وضع شرطين هما ان ترى ابنتاها ماليا (10 سنوات) وساشا (7 سنوات) والدهما مرة في الاسبوع، وان يتوقف عن التدخين. وقد التزم بالشرطين.
نشأت ميشال اوباما في عائلة متواضعة من اربعة افراد كانت تعيش في الحي الاكثر فقرا في شيكاغو في منزل من غرفتين. واضطر والدها فريزر روبنسون الموظف في البلدية، ان يعمل طيلة حياته، رغم اصابته بمرض التصلب العصبي المتعدد (ام.اس). وتولت والدتها ماريان تربية الولدين.
ورغم ذلك نجحت ميشال في دخول جامعة برينستون العريقة في 1981.
وخلال دراستها علم الاجتماع، تناولت في اطروحتها موضوع التمييز العنصري: كيف ينطبع الطلاب السود quot;بالهيكلية الاجتماعية والثقافية للبيضquot; ويبتعدون اكثر فاكثر عن مجتمعهم الاصلي.
ويروي احد اساتذتها السابقين انها كانت ترفض ممارسة الرياضة لانها quot;سوداء وطويلة القامة وسوداءquot; حيث يبلغ طولها 1,82 سنتم.
وبعد برينستون، دخلت كلية الحقوق في جامعة هارفرد قبل ان تصبح محامية في مكتب ادارة اعمال في شيكاغو حيث تعرفت على من سيصبح زوجها في ما بعد.
وقد روى الزوجان بالتفصيل لقاءهما الاول، مشيرين الى ان ميشال قاومت في البداية قبل ان توافق على مرافقة باراك الى السينما في الموعد الاول.
بعد زواجهما في 1992، تركت ميشال القطاع الخاص لتعمل في بلدية شيكاغو، ثم في المستشفى الجامعي الذي تتولى حاليا نيابة رئاسته وهي مكلفة العلاقات الخارجية.
وتعد ميشال اوباما من ركائز حملة زوجها الانتخابية. فقد اعطت مئات التصريحات الى وسائل الاعلام الاميركية، كما توجهت بصوتها العريض الى حشود كبيرة في مناسبات عدة متوقعة ان يصبح زوجها quot;رئيسا غير عاديquot;.
وشككت الكثير من وسائل الاعلام وايضا زوجة المرشح الجمهوري الى الرئاسة سيندي ماكين في وطنية ميشال اوباما بعد ان قالت في شباط/فبراير امام حشد من الناخبين quot;للمرة الاولى في حياتي منذ ان اصبحت بالغة، اشعر بفخر حقيقي ببلديquot;.
وشرحت ميشال اوباما في وقت لاحق كلامها بالقول quot;بالطبع انا احب بلدي (...) في اي بلد آخر غير اميركا، لا يمكن لقصتي ان تحصلquot;.
وغالبا ما تتعرض ميشال اوباما للانتقادات بسبب طريقتها في الحديث عن زوجها المرشح الذي quot;يشخر اثناء نومه ورائحة فمه تكون مزعجة في الصباحquot;، كما انه لم يتعلم ابدا quot;وضع جواربه مع الغسيل القذرquot;.
وردا على الذين عبروا عن صدمتهم من هذه التعليقات، قالت quot;لا استطيع ان امسك لساني ودائما ما امزح مع زوجي واناكفه. وهو قادر على التعامل مع امرأة قوية. وهذا من الاسباب التي تجعله قادرا على ان يكون رئيساquot;.
ولا ترى نفسها تلعب دورا في الواجهة في البيت الابيض. وتقول انها تريد ان تكون اما قبل كل شيء. وقد صرحت اخيرا quot;مع باراك اتكلم في كل شيء، لكنني لست مستشارته السياسية. انا زوجتهquot;.