واشنطن، نيويورك، كوجيلو: وقف الأميركيون في طوابير إنتظار طويلة منذ الصباح الباكر أمام مكاتب الإقتراع لإختيار الرئيس الرابع والاربعين للولايات المتحدة في إنتخابات تاريخية قد تفتح أبواب البيت الأبيض لأول مرة أمام أميركي أسود.
وأدلى المرشح الديمقراطي باراك اوباما (47 عاما)، الذي ألهبت دعوته للتغيير حماسة كثير من الأميركيين من مختلف المشارب والإنتماءات العرقية والإجتماعية، بصوته صباح الثلاثاء في في مدينة شيكاغو.
وإقترع اوباما بصحبة إبنته الكبيرة ماليا قرابة الساعة 13,40 تغ وإنضمت إليه بعد قليل زوجته ميشال وإبنتهما الصغرى ساشا.
وإرتسمت ابتسامة واسعة على وجه اوباما الذي تبادل بضع كلمات مع الأشخاص العديدين الموجودين في مكتب الإقتراع.
وقرابة الساعة 14,00 تغ إقترع المرشح لمنصب نائب الرئيس على البطاقة الديمقراطية جو بايدن بصحبة والدته كاثرين (90 عاما) وزوجته جيل في ولمنغتون.
وخرج بعد أن إقترع مبتسماً وملوحاً بإبهامه الى الأعلى معبرًا عن ثقته في نجاح فريقه.
أما هيلاري كلينتون، التي خسرت معركة شرسة مع اوباما للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي بعد أن داعبها الأمل طويلاً في أن تصبح أول إمراة تجلس في المكتب البيضاوي، فإقترعت في تشيبكوا في نيويورك حيث تمتلك منزل هي وزوجها الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون.
ومن المقرر أن يعقد اوباما لقاءًا إنتخابياً أخيرًا في إنديانا أما بايدن فسيتوجه الى فرجينيا.
وفي السياق ذاته، أدلى المرشح الجمهوري لإنتخابات الرئاسة الأميركية جون ماكين بصوته في الإنتخابات الأميركية ترافقه زوجته سيندي في مدينة فينيكس بولاية اريزونا. وعندما ترك مركز الإقتراع تجاهل سناتور اريزونا فيض الأسئلة التي إنهال عليه بها صحافيون من نحو مائة وسيلة إعلامية وبينها سؤال quot;كيف كان نومك ليلة امس؟quot;.
وأدلت ساره بايلن المرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس بصوتها في بلدتها واسيلا في الاسكا. وصرحت للصحافيين أنها تأمل في أن تستيقظ صباح الاربعاء لتجد نفسها نائبة للرئيس.
ومنذ ساعات الصباح الاولى، إنتظر الناخبون بهدوء أمام مكاتب الإقتراع تحت المطر في فرجينيا. وفي نيويورك، قال مايكل سميث وهو يقف في طابور الإقتراع quot;لقد كانت السنوات الثماني الماضية شيئاً مريعاًquot;.
وأضاف الرجل البالغ الرابعة والخمسين من العمر quot;في نهاية المطاف، الناس تقترع اليوم لهذا السبب، لإختيار قيادة جديدةquot;، موضحاً أنه سيقترع لاوباما الذي ترجح الإستطلاعات فوزه.
وعند الساعة الثامنة صباحاً في نيويورك كان طابور إنتظار طويل تشكل أمام أحد مكاتب الإقتراع وضم ناخبين متنوعين، بيض وسود ولاتين واسيويين. وقالت دونا مارتن (21 سنة) أنها جاءت مبكرًا وإنتظرت فقط نصف ساعة قبل أن تتمكن من الإقتراع.
أما آنا ووتن (86 عاما) فكانت تحمل علماً أميركياً وهي تنتظر دورها. وقالت quot;لم أتصور أبدًا أنني سأعيش حتى أتمكن من القيام بذلكquot; في إشارة الى أنها ستقترع لأميركي اسود.
وركزت عناوين الصحف الأميركية الثلاثاء على الطابع التاريخي لهذه الانتخابات. وقالت صحيفة نيويورك بوست الشعبية quot;لم يبق إلا القليل لندخل التاريخquot; ووضعت صورة كبيرة لباراك اوباما في صدر صفحتها الاولى. أما صحيفة يو اس اى توداي فكتبت quot;اليوم يصنع التاريخquot;.
وستبدأ النتائج الاولى في الظهور قرابة الساعة 23,00 تغ.
وبدأ الاقتراع في قريتين في نيوهامبشاير عند منتصف ليلة الاثنين الثلاثاء وهما دكفيل نوتش حيث إختار السكان باراك اوباما الذي حصل على 15 صوتاً مقابل 6 لماكين. وفي قرية هارتس لوكيشن حصل المرشح الديمقراطي على 17 صوتا مقابل 10 لماكين. ويبلغ اجمالي عدد سكان القريتين 120 نسمة.
وكان اوباما تحدث في ساعة متاخرة من مساء الاثنين أمام 90 الفا من أنصاره جاءوا للإستماع إليه في ماناساس بولاية فرجينيا التي لم تعط أصواتها لاي مرشح ديمقراطي منذ العام 1964.
وطلب اوباما من أنصاره الإستمرار في العمل بنفس الوتيرة وعدم التراخي أو quot;التوقف لمدة ساعة واحدة أو حتى ثانية واحدةquot; قبل إنتهاء عمليات الإقتراع. وأكد ماكين من جهته في لقاء إنتخابي متأخر مساء الاثنين في لاس فيغاس بولاية نيفادا quot;لا تفقدوا الأمل، كونوا أقوياء، تحلوا بالشجاعة وقاتلواquot;. وكانت المسألة العنصرية الحاضر الغائب في الحملة الإنتخابية إذ تجنبها باراك اوباما بحرص.
ويظل تاثير العامل العنصري مجهولاً كبيرًا في هذه الإنتخابات التي يتوقع أن تشهد نسبة مشاركة قياسية بالنظر الى زيادة أعداد المسجلين في سجلات الإقتراع. ويعتقد بعض الخبراء أن ما يراوح بين 130 و135 مليون ناخب قد يقترعون مقابل 120 مليوناً في العام 2004 و105 ملايين في العام 2000.
ويأمل الديمقراطيون في الإستفادة من هذه الزيادة المتوقعة في الإقبال خصوصاً أن السود الأميركيين محتشدون كما لم يحدث من قبل خلف المرشح الديمقراطي وأن عددًا كبيرًا من الشباب سيقترعون.
ويعول الجمهوريون على الناخبين المترديين الذين لم يحسموا إختياراتهم بعد لقلب الموازين وهو ما يعني ضمناً تصويت إحتجاجي ضد اوباما يصب في صالحهم. وسيرث أحد المرشحين اللذين يطمحان الى خلافة جورج بوش وضعاً إقتصادياً مأساوياً فالولايات المتحدة على شفا الكساد وتمر بأزمة مالية غير مسبوقة منذ العام 1929.
ووعد ماكين بخفض الضرائب ل95% من الأميركيين الذين تقل دخولهم عن 250 الف دولار سنوياً كما تعهد بالإنفاق على مشروعات بنية أساسية كبير ستؤدي الى خلق وظائف ومواجهة الكساد المحتمل.
وأكد ماكين من جهته أنه سيواصل دعم المشروعات الصغيرة التي كانت دوماً، وفقاً له، محركاً رئيسياً للإقتصاد الأميركي والتي يعمل بها حاليا 16 مليون كما وعد بخفض الإنفاق. كما ما زالت الولايات المتحدة منخرطة في حربين أحداهما في العراق والثانية في افغانستان.
ويأمل اوباما في quot;إنسحاب مسؤولquot; من العراق في غضون 16 شهرًا أما ماكين فيؤكد أنه لا ينبغي سحب القوات quot;إلا بعد تحقيق النصر لأول مرةquot;.
في هارلم .. حماسة وثقة في quot;هذا اليوم التاريخيquot;
وعلى طول الطرق المساة باسم مارتن لوثر كينغ او مالكوم اكس، كان سكان هارلم يقترعون بحماسة الثلاثاء ويعطون كلهم تقريبا اصواتهم لباراك اوباما دون ان يساورهم ادنى شك في فوز مرشحهم.
وفي ظل طقس صحو في نيويورك، يصحو بالتدريج حي هارلم الذي تقطنه اغلبية من الاميركيين السود والذي كان يشتهر بالعنف والخطورة. وامام مكتب اقتراع اقيم في مبنى اداري كان قرابة 15 شخصا يدخلون بهدوء فيما كان رامون كينونوس وهو عازف محترف في الثالثة الاربعين من عمره يتحدث بزهو.
وقال الرجل الذي يشترك في مجموعة تاسست لتاييد المرشح الديموقراطي واطلقت على نفسها اسم +هارلم لاوباما+ وتقوم بنشاط ملحوظ منذ عدة اشهر في نيويورك quot;سيفوز، بالطبع سيفوزquot;.
ويتابع quot;انني ديمقراطي وباراك اوباما اتخذ مواقف واضحة حول كل القضايا التي تشغلنا، انه يوم تاريخي فاخيرا فتحت اميركا عيونها على العالم، لقد دمرت ادارة بوش الحلم الاميركيquot;.
وكانت مجموعة من الشباب السود يحيطون به ويعبرون عن تأييدهم. وفي الشارع، كان بائع فواكه وخضروات هاجر من التيبت يضع بضاعته على طاولة ويعرب عن اسفه لانه لن يتمكن من الاقتراع quot;لم احصل على الجنسية بعد ولكنني ساحصل قريبا على تصريح عملquot;.
اما هيسيكيا سامبتر (72 عاما) الذي كان يعمل حارسا في احدى البنايات فقال quot;كنت دائما اعطي صوتي للجمهوريين ولكني اليوم ساختار اوباما انني احب الطريقة التي يتكلم بها واظن انه يمكن ان يساعدنا وانه سيفعل ما يعد بهquot;.
وجاء زوجان بيض مع ابنائهما الثلاثة البالغين من العمر اربع وست وتسع سنوات وقالا انهما متأثران. وتسال اندريا فرانكس (46 سنة) ابنتها quot;زويه.. الى من سيعطي باراك اوباما الاموال في رايكquot; وتجيب الطفلة quot;الى المدارس والمستشفياتquot;. وتقول اندريا quot;حان الوقت لكي يكون لدينا رئيس ذكي لديه افكارquot;.
وتتابع quot;كانت السنوات الثماني الماضية كارثة فقد راينا كل شيء يتراجع صورة اميركا في العالم، العمل والعدالةquot;.
وفي مقهى ستارباكس الواقع عند تقاطع شارع مالكوم اكس ولينوكس كانت المشروبات تقدم مجانا للناخبين الذين انتهوا من الاقتراع وكان الطابور الذي يقف فيه رجال ونساء في الاربعينات من عمرهم او شباب يزداد بسرعة.
اما نيا (21 سنة) التي تعمل في محل للملابس فتقول quot;لا يمكنني ان اقبل منع الاجهاض فهناك حالات اغتصاب وحالات حمل مبكر للغاية لا حل معها الا الاجهاض واوباما يؤيد هذا الخيارquot;.
وقال مايكل كولون، وهو محام في التاسعة والاربعين من عمره يقطن في حي ويستشتر الراقي في شمال نيويورك quot;هناك حالة من الانفعال لا يمكن وصفهاquot;.
ويضيف quot;لقد جئت لاصطحاب صديقة تقطن في هارلم وسوف نجري اتصالات هاتفية باشخاص في بنسلفانيا للتأكد من ان الناس تذهب الى مكاتب الاقتراعquot;.
ويتابع quot;بالتأكيد انا على ثقة من انه سيفوز ولكن ذلك لا يمنعني من القلق. انني مثل تينا فاي quot;الممثلة التي تقلد ببراعة سارة بايلن المرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس في البرامج التلفويونية الساخرةquot; اذا ربح الجمهوريون ساغادر الكرة الارضية كلهاquot;.
قرية جدة اوباما الكينية تعيش على وقع الإنتخابات الأميركية
إنه quot;يوم عظيم للاحتفال بهquot; في كوجيلو القرية الكينية التي تعيش فيها جدة باراك اوباما لابيه، يستعد الجميع رغم فارق التوقيت لمتابعة الإنتخابات الرئاسية التي لا يساورهم أدنى شك بفوز quot;إبن البلادquot; فيها.
ففي كوجيلو الواقعة غرب كينيا على بعد نحو ستين كيلومترا من مدينة كيسومو إنهمك تقنيون الثلاثاء بوضع شاشة عملاقة فيما كان أهل المرشح الديمقراطي وأصدقاؤه ومعارفه وجيرانه يستعدون للإحتفال بالحدث خلال ليلة إنتظار طويلة قبل إعلان إسم الرئيس المقبل للولايات المتحدة.
وفي هذه القرية الواقعة على ضفاف بحيرة فيكتوريا ستذبح بقرة لإعداد وليمة السهرة الإنتخابية التي ستطول إذ أن نتائج الإنتخابات لا تنتظر في كينيا قبل فجر الاربعاء.
وقال مالك اوباما الأخ غير الشقيق لسناتور ايلينوي quot;أن السبب الذي من أجله نحن هنا هو إننا ننتظر يوماً عظيماً للإحتفال بهquot; رافضاً التحدث عن إحتمال الهزيمة بل أكد بلهجة قاطعة quot;لا نتصور هذه الإمكانيةquot;.
وباتت كوجيلو التي إشتهرت بفضل الصعود السياسي لنجم باراك اوباما، تحظى بأولى إنعكاسات هالة الشهرة التي تحيط بالسناتور.
وقد نصبت الشرطة مخيماً بالقرب من منزل ساره اوباما جدة باراك لتأمين حمايتها على مدار الساعة.
وساره هي الزوجة الثالثة لجد باراك اوباما لأبيه. لذلك لا صلة رحم تربطه بها لكن المرشح الديمقراطي يعتبرها بمثابة جدته.
أما الجدة الأخرى لباراك اوباما لجهة أمه فهي بيضاء وتدعى مادلين وفي السادسة والثمانين من العمر وتقيم في هاواي. وقد توفيت مساء الاثنين أي عشية الإقتراع إثر مرض السرطان.
وهناك مكسب آخر إستفادت منه كوجيلو بسبب الإنتخابات الأميركية وهو أن الحكومة الكينية عبدت على عجل الدرب الذي يربط القرية بالعاصمة الإقليمية كيسومو.
وفي كيسومو التي تعتبر ثالث مدن البلاد ومعقل قبيلة لوو التي يتحدر منها والد باراك اوباما المتوفي يستعد الأهالي بدورهم للمشاركة في مسيرة في الشوارع والإحتفال بفوز السناتور الديمقراطي الأكيد في نظرهم.
وقال جون اوما وهو تاجر صغير quot;أن أفضل إشارة تضامن ستكون السير في الشوارع لشكره على معركتهquot; مشيرًا الى إنه تم تأمين كميات كافية من الكحول للإحتفال بالفوز.
وفي شوارع المدينة كانت الحانات والنوادي تضع اللمسات الأخيرة على الإستعدادات quot;لسهرات النصرquot;.
وأكدت ماري اوينو وهي توزع إعلانات لإحدى quot;سهرات النصرquot;، quot;نريد أن نقدم لسكان كيسومو فرصة للتجمع والإحتفال بفوز اوباماquot;.
وعلى الإعلان كتب شعار بلغة لوو quot;إنه دورنا يا إبن اليغوquot; في إشارة الى المنطقة التي توجد فيها قرية كوجيلو.
وقال بيتر اودويو وهو نائب سابق يعمل في مجال الإعلانات وقد علق صورة عملاقة لباراك اوباما في المدينة quot;إننا لا نقوم بحملة كما إننا لا نصوت في أميركا لكننا حريصون على أن نكون الى جانب ولدناquot;.
وقد عززت الشرطة تدابيرها الأمنية خصوصاً وإن بعض التجار يتخوفون من بعض التجاوزات. وكيسومو كانت من أكثر المدن التي طاولتها أعمال العنف السياسية القبلية بعد الإحتجاج على إعادة إنتخاب الرئيس مواي كيباكي في 27 كانون الاول.
وتقيم كينيا علاقات ودية مع الولايات المتحدة لكن كثيرين من الكينيين يعتبرون أن إنتخاب اوباما سيعطي quot;وضعاً خاصاًquot; لبلادهم ويحسن حياتهم اليومية.
وتأمل جانيت اوسيلو جارة ساره اوباما أن يتمكن حفيد الأخيرة من مساعدة الناس في كوجيلو على إيجاد عمل.
واسرت جانيت بسذاجة وهي تعطي الطعام الى طفلها quot;آمل ان يتمكن من مساعدتنا من خلال انشاء شركات توفر وظائفquot;.
التعليقات