أكد إبلاغه المسؤولين ضرورة إستعادة الإتفاقية لسيادة العراق
السيستاني يحمّل النواب مسؤولية موقف ديني ووطني من الاتفاقية
أسامة مهدي من لندن:
دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني النواب العراقيين الذين بدأوا بمناقشة الإتفاقية الأمنية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة إلى أن يكونوا في مستوى المسؤولية التاريخية وتبدو آراؤهم فيها وفق ما يمليه عليهم دينهم وضميرهم بعيدًا عن أي إعتبار آخر، وأشار إلى أنه ابلغ المسؤولين العراقيين الذين قابلوه بأن أي إتفاقية لإنهاء الوجود الأجنبي يجب أن تراعي مصالح البلاد العليا.
وأوضح موقف رسمي من المرجع الاعلى موافقة الحكومة العراقية على الاتفاقية فقد اجاب السيستاني على سؤال توجه به مواطنون اليه يسألون عن موقفه الحقيقي منها حيث جاء في السؤال :
quot;بسم الله الرحمن الرحيممكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني دام ظله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد: لقد أقرت اتفاقية انسحاب القوات الأجنبية من العراق في مجلس الوزراء، واحيلت الى مجلس النواب للنظر فيها والمصادقة عليها او رفضها، ويتساءل الكثير من المواطنين عن موقف سماحة السيد دام ظله في هذه القضية وما ابلغ به المسؤولين في الحكومة ومجلس النواب الذين استقبلهم في الفترة الأخيرة، حيث زعمت بعض وسائل الاعلام ان سماحته قد ابلغهم بموافقته على الاتفاقية بعد التعديلات الأخيرة، يرجى التوضيح وشكراquot;ً.
وقد رد مكتب السيستاني بجواب مكتوب على هذا السؤال استلمت quot;أيلافquot; نسخة منه اليوم الثلاثاء اشار فيه الى ان المرجع قد ابلغ مختلف القيادات السياسية خلال الايام والاسابيع الماضية بضرورة ان يبنى ايّ اتفاق يستهدف انهاء الوجود الاجنبي في العراق واخراج البلد من تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة على اساس امرين هما رعاية المصالح العليا للشعب العراقي في حاضره ومستقبلهر وتتمثل بالدرجة الاساس في استعادة سيادته الكاملة وتحقيق امنه واستقراره وحصول التوافق الوطني عليه، بأن ينال تأييد مختلف مكوّنات الشعب العراقي وقواه السياسية الرئيسة.
واكد السيستاني على ان اي اتفاق لا يلبّي هذين الأمرين وينتقص من سيادة العراق سياسياً اوامنياً او اقتصادياً او انه لا يحظى بالتوافق الوطني فهو مما لا يمكن القبول به، وسيكون سببا في مزيد معاناة العراقيين والفرقة والاختلاف بينهم. وطالب النواب العراقيين الذين بدأوا بمناقشة الاتفاقية بأن يكونوا في مستوى المسؤولية التاريخية ويبدوا اراءهم فيها وفق ما يمليه عليهم دينهم وضميرهم بعيداً عن اي اعتبار آخر .. وفيما يلي نص اجابة مكتب السيستاني على السؤال الذي وجه الى اليه بصدد موقف المرجع من الاتفاقية :
بسمه تعالى
ان ما ابلغ به سماحة السيد _ دام ظله _ مختلف القيادات السياسية خلال الايام والاسابيع الماضية هو ضرورة ان يبنى ايّ اتفاق يستهدف انهاء الوجود الاجنبي في العراق واخراج البلد من تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة على اساس امرين:
اولاً: رعاية المصالح العليا للشعب العراقي في حاضره ومستقبله، وتتمثل بالدرجة الاساس في استعادة سيادته الكاملة وتحقيق امنه واستقراره.
وثانياً: حصول التوافق الوطني عليه، بأن ينال تأييد مختلف مكوّنات الشعب العراقي وقواه السياسية الرئيسة.
وقد أكد سماحته على ان اي اتفاق لا يلبّي هذين الأمرين وينتقص من سيادة العراق سياسياً اوامنياً او اقتصادياً، او انه لا يحظى بالتوافق الوطني فهو مما لا يمكن القبول به، وسيكون سببا في مزيد معاناة العراقيين والفرقة والاختلاف بينهم.
وشدد سماحته ايضا على ان ممثلي الشعب العراقي في مجلس النواب يتحملون مسؤولية كبرى في هذا المجال، وعلى كل واحد منهم ان يكون في مستوى هذه المسؤولية التاريخية امام الله تعالى وامام الشعب فيتصدى لابداء رأيه في هذا الموضوع المهم واضحاً جلياً ووفق ما يمليه عليه دينه وضميره بعيداً عن اي اعتبار آخر، والله الموفق.
19/11/1429هـ
18/11/2008م
مكتب السيد السيستاني
النجف الأشرف
وكان وفد من الائتلاف الشيعي قد اطلع المرجع السيستاني السبت الماضي على نص الاتفاقية وعقب الاجتماع الذي عقد في مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد) قال النائب الأول لرئيس مجلس النواب خالد العطية في مؤتمر صحافي ان السيستاني شدد على أهمية مراعاة التوافق الوطني في كل القرارات الحساسة واكد على أهمية مراعاة الثوابت والمبادئ العامة وخاصة مبدأ التوافق الوطني في كل القرارات الحساسة وذات الأهمية الاستثنائية . واضاف ان الجانب الأميركي استجاب إلى معظم التعديلات التي اقترحتها الحكومة العراقية ومجلس الأمن الوطني موضحا انه استجاب ايضا لطلب المالكي بحذف الفقرة الخاصة بإمكانية مراجعة الانسحاب .

وسيجري مجلس النواب الذي انتهى امس من قراءة اولى للاتفاقية بمناقشتها غدا قبل التصويت عليها بالرفض او القبول الاثنين المقبل .
وقد اعلنت جبهة التوافق السنية تحفظها على بعض بنودها وقال رئيسها عدنان الدليمي في مؤتمر صحافي في بغداد أن الجبهة ldquo;لديها تحفظات على بعض بنود الاتفاقية الأمنية ولن تؤيدهاrdquo;، مشيرًا الى ان تحفظات الجبهة ldquo;تكمن في إطلاق سراح المعتقلين في السجون الأميركية بدون قيد أو شرط ولا يطلق سراحهم من السجون الأميركية ويعتقلون في السجون العراقيةrdquo;. واتهم الدليمي الحكومة بالسيطرة على القرارات التي تصدرها دون مشاركة المكونات السياسية الاخرى لافتاً الى ان ldquo;النقاط التي سجلها نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الذي ينتمي الى الجبهة على بنود الاتفاقية الامنية، لم يؤخذ بهاrdquo;. الا ان الدليمي أيد البند الخاص بسحب القوات الأجنبية الكلي من العراق عام 2011 مطالبا باجراء استفتاء شعبي حول الاتفاقية كحل أمثل لقبول الاتفاقية أو رفضها من مبدأ تقديم تطمينات للشعب العراقي، كما طالب بـrdquo;تفعيل قانون العفو العام الذي اقره البرلمان ولم يأخذ طريقه الى التنفيذrdquo; مشدداً على ضرورة ان ldquo;تقدم الحكومة تطمينات للشعب العراقي وممثليه من خلال اشراكهم بتلك الاتفاقية والموافقة عليهاrdquo;.

ومن جهته وصف رجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر الاتفاقية بانها ذل وعار ودعا مجلس النواب العراقي الى رفضها .
وقال الصدر في بيان quot;هاهي بصمات الذل والعار تطبعها الحكومة الحالية بمساعدة الائتلاف وبعض الاحزاب العراقيةquot; . واضاف ان الحكومة وقعت الاتفاقية مع المحتل بمساعدة الائتلاف (الشيعي الحاكم) وبعض الاحزاب الكردية محتجة باخراجه مع ان اخراجه واضح عقلا ونقلا وواجب وطني بعد كونه شرعيا لا يحتاج الى اية اتفاقية مع من لا عهد له ولا دين .

وشدد الصدر على انه يعتبر الاتفاقية لاغية وان تم توقيعها مؤكدا ان المؤمنين لن يلتزموا بها . ودعا مجلس النواب العراقي الى رفض الاتفاقية بلا ادنى تردد حتى لايباع العراق وشعبه كما بيعت ودول مسلمة من قبل على حد قوله . وكان الصدر اعلن الجمعة الماضي تشكيل quot;لواء اليوم الموعدquot; من عناصر التيار الصدري الذي يقوده وجماعات مسلحة متعاطفة معه وذلك لمقاومة القوات الاميركية داعيا الى صلاة شيعية سنية موحدة بوسط بغداد الجمعة المقبل .

وطالب فصائل الكتائب والعصائب وهي تنظيمات مسلحة قريبة من التيار الى الانضمام الى quot;لواء اليوم الموعودquot; . كما دعا لإقامة صلاة جمعة موحدة شيعية سنية لكل الصلوات في ساحة الفردوس وسط العاصمة بغداد الجمعة امقبل quot; لتتضافر جهود جميع المسلمين سنة وشيعة من أجل إفشال توقيع الاتفاقية التي تريد بيع العراقquot; . وطالب الصدر بخروج الجميع بعد الصلاة بتظاهرة سلمية ضد الاتفاقية آملين من جميع الدول الإسلامية دعم هذه الصلاة والتظاهرة بإقامة مثيلاتها في بلدانهم .
ومن جانب اخر اجتمع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري مع السفير الإيراني في بغداد حسن كاظمي قمي واستعرض معه موقف الحكومة العراقية ومصادقتها على الاتفاقية الأمنية، مؤكدًا للسفير الإيراني عدم مساسها بمصالح الأمن القومي لدول الجوار بحسب بيان للخارجية. واوضح للسفير موقف الحكومة العراقية ومصادقتها على الاتفاقية الأمنية وأكد بأن الاتفاقية لا تتضمن أي بنود للمساس بمصالح الأمن القومي لدول الجوار. وأكد زيباري أن العراق ldquo;سوف لن يستخدم كقاعدة أو منطلق للاعتداء على أي دولة من دول الجوارquot;. مشيرا الى إن ldquo;وفودًا حكومية زارت وستزور دول الجوار لتوضيح وشرح الاتفاقية كما قال بيان صحافي لوزارة الخارجية العراقية . وصباح امس وقع زيباري والسفير الاميركي في بغداد رايان كروكر quot;مبدئياquot; على اتفاقية سحب القوات الاجنبية من العراق .

واذا ما صادق مجلس النواب العراقي على الاتفاقية فان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والرئيس الاميركي جورج بوش سيوقعان عليها في النهاية حيث ستكون سارية المفعول بدءًا من اول العام المقبل .
وقد صادقت الحكومة العراقية بالاغلبية الساحقة في جلسة استثنائية واستمرت حوالي ثلاث ساعات الاحد الماضي على الاتفاقية التي توفر اطارا قانونيا لوجود القوات الاميركية في العراق والذي ينتهي مع انتهاء تفويض الامم المتحدة في 31 من الشهر المقبل حيث انها تنص على ان يغادر العراق 152 الف جندي اميركي موزعين على اكثر من 400 قاعدة بنهاية عام 2011 بعد ثمانية اعوام من الحرب التي اسقطت النظام السابق فيما سينسحبون من مدن وقصبات البلاد منتصف العام المقبل.