بغداد: كان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قبل عام مضى ينتقد بوصفه ضعيفا ويتسم بنزعة طائفية لكن اتفاقا ينص على انسحاب القوات الاميركية مكنه من الظهور بمظهر الرجل الوطني القوي.
ويشكو منتقدوه الآن من أنه متسلط ومستبد.
وفي باديء الامر كان معارضوه من السنة والشيعة على حد سواء يسخرون منه بوصفه دمية في أيدي الولايات المتحدة كما اتهموه ايضا بأن ايران الشيعية خصم الولايات المتحدة اللدود تتلاعب به مما أدى الى الحديث في واشنطن وبغداد عن استبدال المالكي عام 2007 .
ويظهر اقرار البرلمان يوم الخميس لاتفاقية تطالب القوات الاميركية بمغادرة العراق في غضون ثلاثة أعوام مدى التغير الذي طرأ على الاوضاع. وقد استخدم المالكي الوجود العسكري الاميركي لتعزيز قاعدة قوته ثم تفاوض على انسحابها بشروطه.
وقال ريدار فيسر خبير الشؤون العراقية ورئيس تحرير موقع ايستوريا دوت اورج على الانترنت quot;هو السياسي العراقي الذي حقق أقصى استفادة من (الوجود الاميركي) لانه استطاع استغلاله لتعزيز هيبته الشخصية.quot;
وأضاف quot;/الاتفاقية/ تتوج جهود المالكي... تقليل تدريجي لحجم القوات يركز على تدريب قوات الامن العراقية الذي يسير ببطء بما فيه الكفاية لمنحه أقصى امكانية للبقاء في السلطة.quot;
وخاض المالكي مفاوضات صعبة مع واشنطن ليشمل الاتفاق موعدا نهائيا لانسحاب القوات الاميركية في العراق البالغ قوامها 150 الف فرد والذي وافقت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش عليه بعد أشهر من المحادثات العصيبة. ويجب أن تنسحب القوات الاميركية من البلدات بحلول منتصف عام 2009 وأن تغادر العراق تماما بنهاية عام 2011 .
وبمساعدة الجيش الاميركي شن المالكي حملة أمنية ضد تنظيم القاعدة ومسلحين اخرين من العرب السنة في شمال العراق وايضا ضد المسلحين الموالين لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر مما دفع العرب السنة الى الالتفاف حوله ومكنه من نفي تهمة الطائفية عن نفسه.
وقال الشيخ احمد ابو ريشة الذي ساعدت حركة مجالس الصحوة التابعة له في طرد عناصر القاعدة من معاقلها في غرب العراق لكنه كان لا يشعر بالثقة في حكومة المالكي التي يقودها الشيعة حتى وقت قريب ان المالكي وطني.
وأضاف أن المالكي عدل الاتفاقية من موقع قوة وأنه يريد أن تكون الحكومة المركزية قوية من أجل وحدة العراق.
وما ان زاد نفوذ المالكي حتى بدأ منتقدوه في عقد مقارنات مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وفي احتجاج ضد الاتفاقية الامنية الاسبوع الماضي هتف بعض أنصار الصدر قائلين ان المالكي مثل صدام تماما.
لكن المالكي يعتمد بشدة على الدعم من ساسة رئيسيين في التحالف الشيعي الحاكم الذي يقوده. وتظهر المفاوضات المنهكة التي خاضها مع الفصائل المعارضة لتميرر الاتفاقية كيف استطاع التعامل مع المعارضة من خلال التوفيق بينها وليس سحقها.
وأقر البرلمان الاتفاقية بأغلبية 149 من جملة 198 نائبا حضروا جلسة التصويت.
وقال المحلل العراقي كاظم المقداد ان صدام كان يحكم بالمراسيم اما المالكي فهو مقيد بالدستور وبكتلته.
لكن محللين يخشون أن يصبح اكثر استبدادا.
وسيكون من اثار الاتفاقية أن الولايات المتحدة لن تعود قادرة على أن تجعل الدعم العسكري مشروطا باجراء اصلاحات تقول واشنطن انها ضرورية من أجل المصالحة بين الجماعات الطائفية والعرقية التي تعاني من انقسامات في العراق.
ويشكو عرب سنة من أن قانونا للعفو عن السجناء ومعظمهم من السنة لم يطبق بعد.
وتهدد النزاعات المتأججة مع الاكراد العرقيين على احتياطيات النفط والاراضي بتقويض ائتلاف المالكي والتحول الى أعمال عنف.
وقال فيسر quot;لن تكون هناك مساحة تذكر للولايات المتحدة للتقدم بمطالب فيما يتعلق بالمصالحة الوطنية... قد يشعر المالكي بالثقة لزيادة قوته تجاه الاكراد الذين لن يصبح بحاجة لهم لتأمين هيمنته.quot;
وقد يتوقف الكثير على أداء الاحزاب الاعضاء بتحالف المالكي الحاكم في انتخابات المحافظات التي ستجري في يناير كانون الثاني والتي هي اختبار رئيسي للدعم الشعبي الذي يتمتع به قبل الانتخابات العامة التي من المتوقع أن تجرى فيما بعد.
ولا يزال العنف مصدر ازعاج. وقتل انتحاري 12 شخصا بمسجد يوم الجمعة اثناء صلاة الجمعة مما يثير الشكوك بشأن مدى استعداد القوات العراقية لتولي الشؤون الامنية.