إستمرار التوتر بين الرئاسة والحكومة العراقية بسبب مجالس الإسناد
المالكي للطالباني: أنا من تصدى بحزم للميليشيات
عبد الرحمن الماجدي - إيلاف: وجه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي رسالة جوابية للرئيس العراقي جلال الطالباني يوضح فيها ضرورة تشكيل مجالس الاسناد التي انتقدها مجلس الرئاسة في رسالة لرئيس الوزراء في الثامن عشر من الشهر الماضي وتم تسريبها للاعلام بعد أيام من إرسالها إلى المالكي بعيد توقيعه على الإتفاقية الأمنية مع واشنطن في السادس عشر من شهر نوفمبر الماضي. حيث كان مجلس الرئاسة وصف مجالس الاسناد وهي تشكيلات عشائرية غير مسلحة تقدم الدعم للقوات الحكومية في عدد من المحافظات العراقية لغرض فرض الأمن وفق توضيحات القائمين عليها لوسائل الاعلام بأنها غير قانونية. لكن مجلس الرئاسة المكوّن من الرئيس الطالباني من التحالف الكردستاني ونائبيه عادل عبد المهدي من المجلس الاسلامي الأعلى وطارق الهاشمي من الحزب الاسلامي يجد في هذه المجالس مخالفة للدستور، حسب رسالة المجلس للمالكي الذي دافع عنها في رسالته الجوابية وانتقد تسريب رسالة الطالباني من قبل مجلس الرئاسة لوسائل الاعلام. وطلبت الرسالة من المالكي التدخل لدى السلطات المعنية لوقف العمل في هذه المجالس إلى حين التوصل إلى اتفاق يوفر لها الغطاء الشرعي والقانوني.
واستغرب المالكي، في رسالته التي وصلت نسخة منها إلى إيلاف توقيت رسالة مجلس الرئاسة اليه حول مجالس الاسناد بعد مرور نحو عام على تأسيس أول مجلس اسناد في الأنبار غرب بغداد ووصفها بالميليشيات quot;مما اثار استغرابنا بوصفها بالميلشيات، وانتم تعرفون انني قد تصديت بقوة وحزم للمليشياتquot;.
لكن وسائل إعلام أحزاب التحالف الكردساني والمجلس الأعلى والحزب الاسلامي تضمن اتنقادها لمجالس الاسناد بأن غاية تأسيسها لدواع انتخابية لحزب الدعوة الاسلامي الذي يتزعمه رئيس الوزراء المالكي، وهو ما نفته رسالته للطالباني.
وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي طالباني، أعلنا رفضهما القاطع لتشكيل مجالس الإسناد في إقليم كردستان والمناطق المتنازع عليها وهي كركوك وأجزاء من بعقوبة في ديالى وأجزاء من محافظة نينوى يطالب الأكراد بضمها إلى الإقليم. ووصف بلاغ للحزبين الكرديين الشهر الماضي مجالس الاسناد بـ quot;إحياء لظاهرة المرتزقة ويخالف الدستور والقانونquot; حسب ما جاء في بلاغ الحزبين في العاشر من شهر نوفمبر الماضي.
ووصفت رسالة المالكي تشكيل المجلس السياسي للامن الوطني والمجلس التنفيذي بانهما ليسا من المؤسسات الدستورية.
هنا نص رسالة المالكي لرئيس جمهورية العراق جلال الطالباني:
فخامة السيد جلال الطالباني المحترم
رئيس الجمهورية
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته....
اتفق مع فخامتكم بأننا نسعى جميعا لبناء دولة المؤسسات الدستورية، وانه من حق مجلس الرئاسة ان يطلع على مجريات الامور الاساسية والمهمة التي تخص مسيرتنا الوطنية .
لقد جاء تشكيل المجلس التنفيذي كخطوة مهمة على طريق الشراكة ،وليتم من خلاله تدارس ومناقشة القضايا التي تحتاج الى اطلاع أعضاء مجلس الرئاسة للخروج بتوصيات تخدم عملية بناء الدولة، وقد عملنا سوية من خلال هذا المجلس والمجلس السياسي للأمن الوطني في استحقاقات متعددة اساسية وغير تفصيلية.
صحيح ان الدستور ينص في المادة (66) بأن السلطة التنفيذية الاتحادية تتكون من رئيس الجمهورية (مجلس الرئاسة) ومجلس الوزراء وتمارس صلاحياتها وفقاً للدستور والقانون ، لكن الصحيح ايضا هو ان الدستور قد حدد لكل من المجلسين مهامه ووظائفه، وجاءت الاتفاقات لتزيد من درجة الشراكة والتعاون، رغم ان المجلس التنفيذي والمجلس السياسي للأمن الوطني هما ليسا من ضمن المؤسسات الدستورية.
إن ممارسة الصلاحيات من قبل مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء لا يمكن ان تكون مشتركة ،بل إن لكل منهما صلاحياته الخاصة به ليمارسها بالطريقة المرسومة له في الدستور والقانون ، وان القول بخلاف ذلك يعني تعطيل لعمل الدولة وشل لأجهزتها التنفيذية الى جانب ما يشكل ذلك من خروج على الدستور والقانون.
ان لمجلس الرئاسة صلاحياته المحددة في الدستور وكذلك لمجلس الوزراء وإن رئيس مجلس الوزراء بصفته المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة والقائد العام للقوات المسلحة له صلاحيات ينبغي عليه ممارستها وهومسؤول في ممارسته لها امام ممثلي الشعب العراقي في مجلس النواب، وإن من أهم هذه المهام هي حفظ الأمن الداخلي والدفاع عن العراق ضد أي تهديد خارجي.
ولا أخفي على فخامتكم إنني شعرت بالاستغراب الشديد من قيام مجلس الرئاسة بتسريب معلومات حول الرسالة التي وجهها مجلسكم الموقر الينا حول مجالس الاسناد الى وسائل الاعلام مما اضطرني الى الرد في المؤتمر الصحفي الذي عقد يوم الخميس في العشرين من الشهر الجاري جوابا على اسئلة الصحفيين، واتصور إن فخامتكم تتفقون معي بأن التخاطب عبر وسائل الاعلام يضعف مصداقية المجلس التنفيذي ويعطي انطباعا على عدم قدرة المجلس في التعاطي مع القضايا المهمة التي تهم البلاد.
إن تشكيل مجالس الاسناد قد جاء في سياق تشكيل مجالس الانقاذ التي تعد من متبنيات المصالحة الوطنية التي تعاطت مع قضايا في غاية الاهمية ومنها الكيانات المنحلة ومجالس الصحوات ونزع سلاح الميلشيات ، ولاشك في انكم على اطلاع كامل على الدور الذي قامت به مجالس الاسناد في تثبيت الأمن والاستقرار في محافظة بغداد اثناء تنفيذ خطة فرض القانون وفي محافظة البصرة بعد صولة الفرسان ومحافظة ميسان بعد عمليات بشائر السلام وفي ديالى في عمليات بشائر الخير وباقي المحافظات التي شهدت توترات امنية.
ان مجالس الاسناد هي جزء من منظومة الأمن الذي مايزال هشا بسبب وجود الخلايا الارهابية النائمة والخارجين عن القانون الذين يتربصون بالعراق شرا، وان قوات الجيش والشرطة لم يكن بمقدورها على الاطلاق فرض سلطة القانون وحدها لولا دعم مجالس العشائر العراقية الغيورة وثم مجالس الاسناد والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني.
ان العشائر العراقية هي شريحة اجتماعية مهمة فرضت نفسها في الدستور الذي نص في المادة (45- ثانيا) منه على حرص الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية وبما يوفر غطاءين دستوريين وشرعيين لها وهما - الدستور والمصالحة الوطنية - الى جانب كون العشائر حلقة مهمة في المنظومة الامنية التي ساهمت ولا تزال في تثبيت سلطة القانون .ان هذه المجالس ليست اكثر من تجمع للعشائر وهي مفتوحة امام جميع ابناء العشائر العراقية الغيارى ليساهموا من خلاله في دعم الاجهزة الامنية.
لقد اعلنت على الملأ مراراً وابلغت اعضاء اللجنة المشرفة وبحضور وزيرالحوار الوطني السيد اكرم الحكيم ووزير الدولة السيد محمد العريبي والدكتور عبود العيساوي والشيخ محسن فيصل الجربه والشيخ انور اللهيبي والشيخ فارس الرشكري والشيخ معد السمرمد والشيخ فارس ال حبيب ، وهم من مكونات الشعب العراقي السياسية والاجتماعية المختلفة،بأن هذه المجالس هي في خدمة الدولة اولا ، وانها لا تدعم الحكومة الحالية وانما الحكومات القادمة ايضا، وقد خولت السادة اعضاء الهيئة بعزل اي عضو يسعى الى توجيه مجالس الاسناد لدعم اي حزب، بما في ذلك حزب الدعوة الاسلامية الذي انتمي اليه،كما وجهت جميع المجالس بشكل مستمر ومعلن للانفتاح والتعاون والتنسيق مع الحكومات المحلية، ولكن مع الأسف فان بعض الحكومات المحلية ناصبت مجالس الاسناد العداء واثاروا مشاكل لا موجب لها.
اننا يا فخامة الرئيس لم نوزع بندقية او مسدساً ولا حتى طلقة واحدة على مجالس الاسناد مما اثار استغرابنا بوصفها بالميلشيات، وانتم تعرفون انني قد تصديت بقوة وحزم للمليشيات، كما اننا لم نصرف أية رواتب لأعضاء المجالس واقصى ما نقدمه لهم من دعم مالي ،هو ايجار مكاتب وتحمل نفقات محدودة، وان ما يثير استغرابنا فخامة الرئيس هو توقيت اثارة قضية مجالس الاسناد في هذا الوقت بالذات مع انه قد تم تشكيل اول مجلس انقاذ عشائري في الانبار في شهر كانون الثاني من عام 2007 ثم اطلق عليها تسمية مجالس الاسناد وتم تشكيل اول مجلس اسناد في بغداد في شهر ايار من عام 2007 .
ان الدور الكبير الذي تقوم به مجالس الاسناد من دون ان يكون للدولة اي جهد في تمويلها الى جانب وجود الغطاء الدستوري لها، يجعلنا لا نرى اي مبرر قانوني او عملي لالغاء هذه المجالس بعد ان نجحت في تثبيت الامن والاستقرار ودعمت جهود المصالحة الوطنية ،علما ان الوزراء الأمنيين في حكومة الوحدة الوطنية يؤكدون على ضرورة استمرار هذه المجالس خاصة في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد.
سأرسل لكم يا فخامة الرئيس قائمة بالمخالفات الدستورية والقانونية التي حصلت من جهات متعددة ولازالت حتى الان غير محسومة وانا على ثقة كاملة بأنكم سوف تتعاطون معها بما عهدناه فيكم من حرص على حماية الدستور.
وتقبلوا فخامتكم أسمى اعتباري
نوري كامل المالكي
رئيس الوزراء
27/11/2008
نسخة منه إلى:
bull; السيد رئيس مجلس النواب الدكتور محمود المشهداني المحترم.
bull; السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي مدحت المحمود المحترم.
bull; السادة المحافظين المحترمين.
bull; السادة رؤساء مجالس المحافظات المحترمين .
التعليقات