تأجيل نطق الحكم بقضية إنتفاضة 1991 العراقية إلى الثلاثاء
ممثلو دول أوروبية في محاكمة متهمي قصف حلبجة بالكيماوي

أسامة مهدي من لندن: فيما بدأت الإستعدادات لمحاكمة مجموعة من أركان النظام العراقي السابق في 21 من الشهر المقبل بتهمة قصف مدينة حلبجة الكردية الشمالية بالاسلحة الكيمياوية عام 1988 وقتل حوالي 5 الاف من سكانها وذلك بحضور ممثلي دول اوربية متهمة بتزويد النظام السابق بهذه الاسلحة فقد اجلت المحكمة الجنائية العليا اليوم بعد جلسة قصيرة النطق بالحكم على 15 مسؤولاً كبيرًا سابقًا في قضية قمع انتفاضة الجنوب عام 1991 بالتزامن مع اعلان بديع عارف عزت محامي نائب رئيس الوزراء السابق طارق عزيز اضرابا عن الطعام امام مبنى السفارة العراقية في عمان مطالبًا بالحصول على جواز سفر جديد .

ففي جلسة قصيرة انعقدت في بغداد لاعلان الاحكام على 15 مسؤولاً عراقيًا كبيرًا اعلن القاضي ممد الخليفة العريبي عن تأجيل جلسة النطق بالحكم الى الثلاثاء المقبل ريثما يتم الانتهاء من بعض الاجراءات القانونية . وقد استمعت المحكمة التي بدأت جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) عام 2007 الى افادات عشرات الشهود والمشتكين الذين اكدوا تعرضهم الى عمليات قمع واضطهاد خلال الانتفاضة التي راح ضحيتها بين 60 و100 الف عراقي . وهذه المحاكمة هي واحدة من محاكمات عدة ستجري لمسؤولين سابقين لاتهامهم بارتكاب جرائم قتل في محافظات العراق الجنوبية حيث تختص المحكمة في قضة المنتفضين بمحافظتي البصرة وميسان الجنوبيتين بعد ان قسمت القضايا على مراحل تنظر فيها المحاكم بكل محافظتين على حدة . وستجري محاكمات لاحقة لمتهمين اخرين في القضية نفسها سيحاكمون عن مشاركتهم في قمع الانتفاضة التي انطلقت في الاول من اذار (مارس) عام 1991 واستمرت حتى العاشر من نيسان (ابريل) الذي تلاه وصادف اندلاعها في شهر شعبان لذلك اطلق عليها quot;الانتفاضة الشعبانيةquot; .

المتهمون الذين ستصدر الاحكام بحقهم :

ويتوقع مراقبون ان تصدر المحكمة احكاما بالاعدام ضد عدد من المتهمين استنادا الى التهم التي وجهها لهم الادعاء العام وشهادات الشهود . والمتهمون الذين جرت محاكمتهم و ستصدر الاحكام بحقهم هم :
..علي حسن المجيد عبد الغفور قائد قوات المنطقة الجنوبية سابقا ومقرها البصرة وعضو مجلس قيادة الثورة المنحل .
.. سلطان هاشم احمد الطائي وزير الدفاع سابقا.
.. حسين رشيد محمد التكريتي معاون رئيس اركان الجيش سابقا.
.. عبد الحميد محمود الناصري السكرتير والمستشار الخاص لصدام حسين سابقا.
.. ابراهيم عبد الستار محمد الدهان قائد الفيلق الثاني في البصرة .
.. وليد حميد توفيق الناصري ضابط في الحرس الجمهوري .
.. اياد فتيح خليفة الراوي قائد الحرس الجمهوري .
.. سبعاوي ابراهيم الحسن مدير جهاز المخابرات .
.. عبد الغني عبد الغفور فليح العاني، ضو القيادة القطرية لحزب البعث المنحل مسؤول فرع البصرة سابقا.
.. اياد طه شهاب، امين سر جهاز المخابرات .
.. لطيف حمود السبعاوي، عميد ركن، عضو اللجنة الامنية في البصرة ..
.. قيس عبد الرزاق محمد الاعظمي قائد قوات حمورابي التابعة للحرس الجمهوري سابقا.
.. صابر عبد العزيز حسين الدوري مدير الاستخبارات العسكرية .
.. سعدي طعمة عباس الجبوري وزير الدفاع والذي تولى قيادة القوات العسكرية في المنطقة الجنوبية .

.. سفيان ماهر حسن، قائد اللواء المدرع الثاني التابع للحرس الجمهوري سابقا.

وقد اندلعت الانتفاضة لدى انسحاب القوات العراقية من الكويت التي احتلتها صيف العام الذي سبقه واستطاع خلالها المنتفضون في شمال وجنوب العراق من السيطرة على 14 محافظة من مجموع محافظات العراق الثماني عشرة لفترة من الوقت قبل ان تتمكن قوات النظام السابق من القضاء عليها بعد ان سمحت لها القوات الاميركية انذاك باستخدام المروحيات ضد المنتفضين . وتمكن الالاف من المشاركين في انتفاضة الجنوب من الهروب بعدها الى ايران والسعودية على الخصوص التي استضافتهم في معسكرين للايواء احدهما في منطقة الارطاوية الذي خصص للعسكريين الذين تركوا الجيش والاخر في رفحاء للمدنيين وخاصة رجال العشائر الى حين سقوط النظام ربيع عام 2003 وبدء عودتهم الى العراق .

وقال مصدر قضائي انه سيتم اسقاط التهم عن من ينفذ فيه حكم الاعدام على خلفية ادانته بقضية الانفال لان المتوفي تسقط عنه التهمة . وكانت محكمة الأنفال قد أصدرت الحكم ضد خمسة متهمين من متهميها السبعة بعد ان تم اعدام الرئيس الاسبق صدام حسين واسقاط التهمة عنه بقضية الدجيل تبرئة المتهم طاهر توفيق العاني .. وحكمت المحكمة على المتهمين علي حسن المجيد وسلطان هاشم وحسين رشيد بالاعدام وهم من بين المتهمين في قضية انتفاضة 1991 بالاضافة الى اصدار الحكم بحق صابر الدوري بالسجن مدى الحياة وهو ايضا من بين المتهمين في هذه القضية .. وكذلك الحكم بالسجن مدى الحياة على فرحان مطلك الجبوري .

القضية الثالثة لمحاكمة مسؤولي النظام السابق

وتعد هذه القضية هي الثالثة التي يحاكم فيها مسؤولو النظام السابق بعد قضيتي الدجيل التي نفذ فيها الحكم على متهميها والأنفال التي تم تمييز الإحكام فيها الا انها قوبلت بتحفظ هيئة الرئاسة على توقيع المرسوم الجمهوري الخاص بها ورحلت الى المحكمة الاتحادية لتعطي إيضاحاتها القانونية بشان الجدل الذي حدث عند رفض رئيس الجمهورية جلال طالباني ونائبه طارق الهاشمي التوقيع على إعدام وزير الدفاع الاسبق سلطان هاشم.

وقد وجه رئيس هية الادعاء العام في المحكمة عبد الامير الهدو الاتهام للمتهمين بالمشاركة في ممارسات قمعية ادت الى مقتل مائة الف شخص في مناطق البلاد الشيعية الجنوبية مركزا على دور علي حسن المجيد وزير الدفاع السابق وابن عم الرئيس السابق صدام حسين الذي اكد انه ارتكب مذابح متعمدة واستخدم سلاحه الشخصي في قتل المعتقلين . وواجه المسؤولون السابقون الخمسة عشر تهماً بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال إخماد انتفاضة الجنوب بالقيام بهجمات منظمة وواسعة ضد المدنيين استخدم فيها الجيش العراقي الدبابات والمروحيات .

يذكر ان رموز النظام السابق يحاكمون على اربع عشرة قضية اساسية ثبتتها المحكمة الجنائية العراقية العليا ضدهم وهي بالاضافة الى قضية الدجيل التي تم الحكم على متهميها والانفال التي تنتظر تمييز احكام متهميها فهناك قضية حلبجة التي تبدأ محاكمتها في الحادي والعشرين من شهر كانون الثاني عام 2009 واحداث1991 وتصفية الاحزاب الاسلامية وتصفية الاحزاب العلمانية وانتهاكات حقوق الانسان وقتل الشخصيات المستقلة و التهجير والقتل في الاهوار وهدر الثروات الوطنية وإعدام التجار وتصفية عشيرة البارزانيين وتهجير الكرد الفيليين .

استعدادات لبدء محاكمة متهمي قصف حلبجة

وقد بدأت الاستعدادات في محكمة الجنايات العراقية العليا للبدء بمحاكمة مجموعة من كبار رموز النظام العراقي السابق من العسكريين والمدنيييتقدمهم ابن عم الرئيس السابق صدام حسين وعضو مجلس قيادة الثورة علي حسن المجيد وذلك في الحادي والعشرين من الشهر المقبل بتهمة المسؤولية عن عن قصف مدينة حلبجة الكردية بالأسلحة الكيمياوية في 16 اذار (مارس) عام 1988 مما ادى الى مصرع 5 آلاف مواطن .

ولدراسة الإستعدادات الجارية حول هذا الملف نظمت جمعية ضحايا حلبجة ندوة في المدينة لعدد من القضاة المشاركين في هذه القضية حيث خصصت لبحث الإستعدادات الجارية لجمع quot;أدلة إدانة المتهمين في هذه القضيةquot;. وأعلنت وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين في حكومة اقليم كردستان أن المحكمة الجنائية العليا قررت فتح ملف خاص بمتهمي القصف الكيمياوي لمدينة حلبجة . وأوضحت الوزيرة جنار سعد عبد الله في تصريح نشر على موقع حكومة اقليم كردستان أن ldquo;المحكمة ستستدعي الاشخاص المتورطين في الجريمة الى جانب الشركات والحكومات التي زودت العراق بالاسلحة المحظورة في تلك الفترة لتتم محاسبتهاrdquo;.

واوضحت الوزيرة أن ldquo;حكومة اقليم كردستان طلبت من الامم المتحدة احضار ممثلي حكومات هولندا والمانيا وكندا والهند لجلسات المحكمة بعد التأكد من الحصول على وثائق وادلة تثبت تورط تلك الدول في بيع الاسلحة المحظورة للنظام العراقي السابقrdquo;.

وتقع حلبجة التي يقطنها 50 الف نسمة على بعد 15 كيلومترا من الحدود الايرانية وهي تتبع محافظة السليمانية في اقليم كردستان العراق وتطل بين عدة مرتفعات جبلية يشرف عليها جبل (هه ورامان) الذي يفصلها عن ايران وهو ذو قمة بلورية ناصعة البياض مغطاة بالثلوج في فصول السنة الاربعة. وقد ورثت المدينة بسبب تأثير السموم وتشوه الجينات وتغيرها جيلا مشوها وانتشرت أمراض السرطان والرئة والربو الخانق والأمراض الجلدية والعقم وامراض خطيرة ومزمنة أخرى.

ومنع سكان حلبجة العام الماضي مسؤولين من دخول المدينة للمشاركة في احتفالات الذكرى السنوية للهجوم بالغاز عام 1988 احتجاجا على تردي الخدمات. وقامت مجموعات بالسيطرة على النصب التذكاري وإحراقه تاركة سحب الدخان تتموج فوق المدينة كما تم إحراق المتحف الذي يخلد ضحايا الهجوم بالغاز بعد أن قاموا بتكسير الأثاث والنوافذ وتمزيق الصور المعلقة هناك.

وكان النظام العراقي السابق ينفي مسؤوليته عن قصف المدينة متهما القوات الايرانية بالقيام بذلك . وفي جلسة للمحكمة الجنائية مؤخرا نفى نائب رئيس الوزراء السابق طارق عزيز مسؤولية النظام السابق عن قصف المدينة بالاسلحة الكيمياوية ملقيا بالمسؤولية في ذلك على الايرانيين مستشهدا بتقارير قال انها صدرت عن وزارة الدفاع الاميركية quot;البنتاغونquot; توكد قصف الايرانيين لحلبجة بالاسلحة الكيمياوية وذلك في اتون الحرب العراقية الايرانية التي جرت بين البلدين بين عامي 1980 و1988 .

محامي طارق عزيز يضرب عن الطعام

وفي عمان قال المحامي بديع عارف عزت الذي يتولى الدفاع عن طارق عزيز انه بدأ اضرابا عن الطعام اليوم الاحد للمطالبة بمنحه جواز سفر جديد.

واضاف عزت (70 عاما) quot;بدأت اضرابا عن الطعام اعتبارا من صباح اليوم الاحد امام مبنى السفارة العراقية في عمان للمطالبة بجواز سفر جديدquot;. واكد quot;سأستمر بالاضراب لحين الاستجابة لمطلبيquot;. واوضح في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية quot;سبق ان تقدمت بثلاث طلبات الى السفارة العراقية في عمان للحصول على نسخة من الجواز الجديد فئة (جي) الالكتروني والذي حل محل الجواز القديم الا ان طلباتي التي يعود اولها الى قبل عام ونصف لم تستجبquot;.

وبحسب عزت الذي يتولى الدفاع عن 15 مسؤولا ًعراقيًا سابقًا فإن quot;وزارة الداخلية العراقية اصدرت امرا بعدم منحي الجواز انا وعدد آخر من الاشخاص ابرزهم رغد ابنة الرئيس العراقي الراحل صدام حسينquot;. وقال quot;انا اعتقد ان هذا الاجراء هو جزاء لي لدفاعي عن المعتقلينquot;. واكد انه quot;بحاجة الى الجواز الجديد ليس فقط من اجل السفر الى بغداد للدفاع عن موكلي بل ايضا للسفر للخارج لغرض العلاجquot;.

ويقول عزت انه لم يعد الى العراق منذ اذار (مارس) عام 2007 وان القضاء العراقي يريد سجنه مدة قد تصل الى سبع سنوات وفق المادة 232 بتهمة quot;اهانةquot; المحكمة بصورة علنية. ويستغرب عدم شموله بقانون العفو الذي اصدره مجلس الوزراء العام الماضي.
وبالاضافة الى طارق عزيز يتولى عزت الدفاع عن وزير الداخلية السابق سعدون شاكر ومحافظ البنك المركزي السابق عصام رشيد حويش وصهر صدام حسين كمال مصطفى وعدد اخر من كبار العسكريين السابقين.

وقررت المحكمة الجنائية العراقية العليا في 17 اذار(مارس) عام 2007 توقيف المحامي عزت في بغداد بتهمة quot;التطاولquot; على المحكمة والقضاء. وقال حينها المدعي العام منقذ آل فرعون ان احدى فقرات قانون العقوبات quot;تعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن سبع سنوات من اهان بالطرق العلنية مجلس الامة او الحكومة او المحاكمquot;. الا ان عزت تمكن من مغادرة العراق بعد حبسه اربعة ايام بمساعدة الجيش الاميركي.

وقبلها امر قاضي المحكمة الجنائية العليا التي كانت تنظر في قضية حملات الانفال في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2006 بتوقيف عارف بتهمة quot;الاساءة لسلوك المهنةquot; لمدة يوم واحد. واثار عارف الذي دافع في قضية الانفال عن مدير الاستخبارات السابق فرحان مطلك الجبوري غضب رئيس المحكمة بعد ان خاطب هيئة الادعاء العام متوجها اليهم بكلمة quot;الاخوةquot;.