نيكولا ساركوزي :اليهود..الذاكرة..التاريخ *
مقال مترجم عن : لو موند ديبلوماتيك.
تاريخ النشر :15/02/2008
الكاتب : دومنيك فيدال
ترجمة :صلاح نيوف :لقد أحدث قرار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حول quot; عهدِ ذاكرةِquot; 11000 طفل يهودي سقطوا ضحايا quot; Shoahquot; ، إلى كل تلميذ فرنسي في المرحلة الدراسية الثانية، نقاشا ساخنا جدا في الإعلام الفرنسي. ومما زاد في سخونة النقاشات،أن الحالة السياسية الراهنة في فرنسا خاصة جدا والتي أثارت فيها هذه المبادرة من قبل رئيس الجمهورية أربع أسئلة عميقة.
أولا، سؤال يتعلق بالصف المختار. حيث كانت ردة فعل النقابات و الجمعيات تتعلق بهذا الاختيار: فالغالبية من المعلمين و المتخصصين بعلم النفس يعتبرون أن التلاميذ في هذه المرحلة،في العاشرة و الثانية من عمرهم، مازالوا صغيرين جدا على تحمل وفهم فكري لمصير طفل اختفى في معسكرات الموت النازية. وسيكون في الوقت نفسه أكثر أخلاقا (من اجل تجنب أي محاولة للاستغلال) وأكثر فعالية(من اجل ضمان تربية جادة)،بانتظار أن يصبح التلاميذ متقدين أكثر في مرحلتهم الدراسية.
السؤال الثاني، يشير إلى العلاقة بين العاطفة والعقل.فالتجربة تبين أن انتقال ذاكرة صفحات ،هي الأسود في تاريخ البشرية ،لا يمكن أن يتم فقط على قاعدة من المشاعر : فالانتقال يفترض الدعوة إلى التفكير حول الدروس المتعلقة بالظروف و الإحاطة الشاملة بالأحداث. كما كتب quot; جان بودريارquot; :quot;الذكرى تقاوم أو تعترض الذاكرة،إنها تحدث في زمن حقيقي،ونتيجة لذلك،الحدث يصبح ،بشكل متناقص، حقيقي وتاريخي،و بشكل متزايد غير حقيقي و أسطوري...،باختصار، من غير quot;عمل الذاكرةquot; فإن quot;واجب الذاكرةquot; يتحول إلى روتيني غير مفيد لا بل غير منتج.
أيضا هناك سؤال ثالث يبرز: عن أي ذاكرة يتم الحديث؟ إذا كانت الإبادة بحق اليهود تشكل إبادة أو تطهيرا ليس له سابق،فإنها تسجل في سلسلة طويلة من الرعب والأهوال لتاريخ البشرية،والذي عدد كبير شارك فيه، في ما مضى، باسم الدين كما كتب بول ريكور:quot; ضحايا Auschwitz ، هم ،بامتياز،المنتدبون لدى ذاكرتنا عن كل ضحايا التاريخquot;. فالعمل على تاريخ إبادة اليهود وعزل هذا عن ذاك،هو تأجيج لمنافسة الذاكرات بدلا من الارتقاء بتقاربها الضروري.فالمهم وبشكل خاص في بلد مثل بلدنا،هو الاختلاط بين أطفال شعوب كانت ضحية لإبادة أو مجازر كبيرة، ومن بينها ما ارتكبته فرنسا الاستعمارية.
السؤال الرابع: هل يعود لرئيس الدولة أن يقرر ماذا يجب أن يفعل التعليم الوطني في ما يتعلق بالتاريخ؟ في كانون الأول من عام 2005، كتب الموقعون على بيان quot;حرية من اجل التاريخquot;: quot;التاريخ ليس عبدا للحاضر.المؤرخ لا يغلف أو يصفّح الماضي بتصورات وتخيلات إيديولوجية معاصرة ولا يدخل في الأحداث الماضية حساسيات اليوم.فالتاريخ ليس الذاكرة. والمؤرخ، في مسعى علمي،يجمع مذكرات الناس ثم يقارن في ما بينها، يواجهها بالوثائق والملفات،بالأسباب و المواد، و بالآثار، ثم يبرهن ويثبت الأحداث. التاريخ يأخذ بالحسبان الذاكرة،ولا يُختزَل فيها. التاريخ ليس مادة قانونية. وفي دولة حرة، لا يعود لا للبرلمان ولا للسلطة القضائية تعريف الحقيقة التاريخية. وسياسة الدولة، حتى ولو تدفعها أفضل النيات،إنها ليست سياسة التاريخquot;.
* العنوان من المترجم
التعليقات