على خشبة مسرح التسهيلات:
حواجز إسرائيل دراما إذلال للفلسطينيين أبطالها عراة

خلف خلف من رام الله:
كلمات شفوية تبعثرها الرياح في الهواء، فلا تغدو سوى ذر للرماد في العيون. هذا هو مصير وعود إسرائيل للولايات المتحدة الأميركية والسلطة الفلسطينية بتقديم تسهيلات لحياة الفلسطينيين في الضفة الغربية. فمن يتجول بين المدن يلمس حجم الفجيعة، حيث الحواجز العسكرية تنهش كرامة المواطنين، وتأكل أيامهم، وتدمر نسيج حياتهم.
وبينما لا يسمح للشخص بالخروج من معظم المدن والبلدات إلا بإذن من جندي إسرائيلي مزاجه قد يعكر صفو آلاف المارة، لا يمكن أيضًا للإنسان مثلاً المرور عبر حاجز حوارة الواقع على المدخل الشرقي لمدينة نابلس في الضفة إلا بعد رفع ملابسه عن جسده والقيام بحركة التفاف دائرية يتأكد الجندي خلالها من خلو جسده من أي مواد مشبوهة.
وخلال الأسابيع والأشهر الماضية رفع النقاب عن الكثير من الانتهاكات لحقوق الإنسان على الحواجز العسكرية الإسرائيلية، منها قيام مجندات وحدة (عوكتس)، الوحدة الخاصة التي تستخدم الكلاب في تنفيذ مهامها، على إجراء تدريبات حية للكلاب على المارة الفلسطينيين، حيث اشتكى مواطنون عدة من قيام هذه الكلاب بتمزيق وتدنيس الأغراض التي كانت بحوزتهم، بالإضافة إلى الرعب والخوف الذي سببته مثل هذه الحالات للأطفال.
ووعدت وزارة الأمن الإسرائيلية وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس خلال زيارتها الشهر الماضي للمنطقة بإزالة 50 حاجزًا من الضفة الغربية كبادرة طيبة تجاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس quot;أبو مازنquot;، ولكن يتضح من فحوصات أجرتها منظمات حقوق الإنسان أن معظم الحواجز الترابية التي وعدت الحكومة الإسرائيلية بإزالتها، هي حواجز لحظية، لم يكن لها أي معنى.
وتحدث العديد من المواطنين الفلسطينيين مؤخراً في مدن مثل طولكرم شمال الضفة الغربية عن إقدام الجرافات الإسرائيلية مدعومة بقوات عسكرية على وضع بعض الحواجز الترابية في مداخل المدينة، لتعود الجرافات ذاتها، في وقت لاحق مصحوبة بحشد كبير من الصحافيين لإزالة هذه الحواجز، لتخرج في اليوم التالي الصحافة العبرية تتحدث عن تسهيلات للفلسطينيين ورفع للحواجز في الضفة.
ولكن في وثيقة نقلها أمس مكتب التنسيق الإنساني (أوتشا) إلى منسق الرباعية توني بلير، جاء أن التسهيلات التي وعدت إسرائيل بتقديمها لم تدخل أي تحسينات ذات أهمية على حياة الفلسطينيين. وبحسب صحيفة هآرتس الصادرة اليوم الجمعة فإن مندوبين أميركيين أعربوا خلال مداولات عقدت مع محافل إسرائيلية في الأيام الأخيرة عن استيائهم من انعدام التغيير في سياسة تقييد الحركة التي تمس بالحياة اليومية لسكان الضفة.
ويظهر فحص ميداني نشرته صحيفة هآرتس الصادرة اليوم أن 5 فقط من أصل 44 حاجزًا رفعت تعتبر quot;ذات أهميةquot;. أما باقي الحواجز، 39 في عددها، فقد رفعت دون صلة بالتعهد للأميركيين أو أنها عديمة المعنى من حيث تحسين نسيج الحياة للسكان الفلسطينيين. بعضها يوجد في مناطق عسكرية مغلقة، في قلب ميدان أو في مداخل مستوطنات.
كما يتبين من الفحوص التي نفذتها مؤسسات حقوق الإنسان أن بعض الحواجز والسواتر الترابية التي أقدم السكان الفلسطينيون أنفسهم على إزالتها من مداخل قراهم، قام الجيش الإسرائيلي بإعادتها في وقت لاحق، كما حدث في منطقة قرية الناقورة الواقعة في الجهة الشمالية الغربية لمدينة نابلس، وتبعد عنها حوالى 12 كم، حيث أزيل الساتر الترابي من المنطقة، ولكن أعيدت إقامته بعد ساعة فقط من إزالته.
وتشير المعطيات إلى أن 27 حاجزًا تم تصنيفها ضمن الحواجز التي أزيلت، هي في حقيقة الأمر وضعت عقب العملية التفجيرية التي حدثت في ديمونا بداية شباط/ فبراير الماضي، والهدف منها كان عزل شمال الضفة عن باقي المناطق، وتعهدت النيابة العامة الإسرائيلية أمام محكمة العدل العليا برفعها في 11/آذار مارس الفائت.
ولم تكتمل فرحة الفلسطينيين بالوصول إلى البحر الميت، بعد قرار إسرائيل إزالة حاجز (ريمونيم) الطيبة، ففي الطريق يعترضهم حاجز يتاف، وهو ما شكل حالة إحباط لدى غالبية الفلسطينيين الذين رغبوا بزيارة البحر المحرومين من الوصول إليه منذ سنوات.