دمشق-لندن: في الوقت الذي أعلنت فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها تنظر بجدية إلى معلومات أجهزة الاستخبارات الأميركية بشأن بناء مفاعل نووي في سورية بتعاون من كوريا الشمالية، نفى مسؤول حزبي سوري رفيع وجود أي منشآت نووية عسكرية في بلاده، وأكّد أن البلاد quot;مفتوحة أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذريةquot;، لأنه quot;ليس لدى سورية ما تخفيهquot;، وفق تعبيره.

وندد غسان عبد العزيز عثمان، أمين عام حزب العهد الوطني، عضو قيادة الجبهة الوطنية التقدمية الحاكمة في سورية، في تصريح لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء بـ quot;الافتراءاتquot; الأمريكية، التي رأى أنها ترمي إلى quot;النيل من مواقف سوريةquot;، واعتبر ما صدر عن الإدارة الأمريكية من اتهامات quot;تجن واضحquot;، على حد وصفه. وأكّد عثمان أن سورية quot;لم تكن تسعى في يوم من الأيام إلى امتلاك سلاح نووي أو إقامة مفاعلات نوويةquot;، وهي من أكثر الدول quot;التزاماًquot; بالقرارات الدولية.

وربط عثمان بين ما صدر عن الإدارة الأمريكية وبما يجري على الساحتين الفلسطينية والعراقية قائلاً quot;إن الإدارة الأمريكية تريد أن تغطي على مجازر إسرائيل في غزة لصرف النظر إلى جهة أخرى، وفي موضوع آخر وفيما تمارس دوراً احتلالياً بشعاً في العراق فإنها ومن خلال اتهامها لسورية تحمّل الآخرين فشلها الذريعquot; هناك.

وأكّد أن بلاده لا ترى مانعاً من قيام هيئات دولية متخصصة وحيادية من فحص منشآتها للتأكد من خلوها من أي نشاطات نووية، وقال quot;إن المنشآت قابلة للتفتيش من قبل الهيئات الدولية المختصة، وهذا ما أكّدته سورية على الدوامquot;، على حد تعبير.

وقلل عثمان من أهمية quot;الادعاءاتquot; الأمريكية وقال quot;إن اتهام سورية بإقامة مفاعل نووي كذبة كبيرة جاءت في توقيت خاطئ من قبل الإدارة هناكquot;، مضيفاً quot;لا يستحق الأمر أكثر من الاستهزاء بهquot;، على حد وصفه. واتهمت الولايات المتحدة الخميس سورية ببناء مفاعل نووي سري بمساعدة كوريا الشمالية، موضحة أن المنشأة التي دمرتها إسرائيل في غارة جوية في أيلول/سبتمبر الماضي كانت مفاعلاً نووياً قيد الإنشاء. ورفضت دمشق هذه الاتهامات.

وكانت الوكالة الدولية طلبت من سورية في كانون ثاني/يناير الماضي أن يقوم مفتشوها بزيارة المنطقة التي تم تدميرها للفحص والتفتيش فيما لو كان هناك أي نشاط إشعاعي في المنطقة إلا أن السلطات السورية رفضت طلبها ولم تسمح للمفتشين الدوليين بتفقد المنشأة العسكرية التي قصفتها إسرائيل.

سفير سوريا في لندن: أبواق أوروبية لأكاذيب المحافظين الجدد

من جانبه وصف السفير السوري في لندن سامي الخيمي اتهامات واشنطن لبلاده ببناء مفاعل نووي بالتعاون مع كوريا الشمالية بـquot;أكاذيب المحافظين الجددquot;، وأعرب عن أسفه لانضمام ما وصفه بـquot;أبواق أوروبيةquot;، للمحافظين الجدد، داعيا باريس إلى العودة لموقفها التقليدي في العدالة. ورأى أن عملية تفتيش للأنشطة النووية ستعطي نتائج لصالح دمشق. وقال الخيمي، في حديث مع وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء quot;هذه الاتهامات هي ادعاءات مضحكة، وللأسف يستمر المحافظون الجدد بتضليل الكونغرس الأميركي والرأي العام العالمي في ادعاءات من هذا القبيلquot;. وأكد أن quot;سورية لم يكن لديها أبدا برنامجا نوويا لأنها تؤمن أن طريق السلام لا يمر عن طريق الحصول على أسلحة نوويةquot;.

وأوضح أنه quot;لو كانت دمشق ترغب بالحصول على أسلحة نووية فكان من الأسهل عليها استيرادها من أي جهة وليس بالضروري بناء مفاعلات تكلف أموالا ضخمةquot;. وتساءل الدبلوماسي السوري quot;كيف يستقيم الأمر أن يقام مفاعل دون وجود مياه غزيرة حوله للتدريب ودون حراسة له فالأمر عبارة عن مهزلة تضاف إلى مهازل المحافظين الجدد مشابهة لما فعلوه في الماضي عندما قدم (وزير خارجية أميركا الأسبق كولن) باول في مجلس الأمن ادعاءات حول أسلحة الدمار الشامل في العراقquot;، في إشارة إلى عرض باول عام 2003 ما اعتبرته واشنطن أدلة على امتلاك العراق أسلحة دمار شامل.

وأعرب الدبلوماسي السوري عن quot;أسفهquot; لأن quot;هؤلاء الناس لم يملوا من سوق الادعاءات الكاذبةquot;، وقال quot;هم لا يحترمون مؤسساتهم نفسها ولا يحترمون الكونغرس ومن الأغرب أيضا أن تنضم إليهم أبواق أوروبية، فهذا أمر مؤسف للغايةquot;، معلقا على موقف باريس التي دعت اليوم دمشق للكشف عن أنشطتها النووية الماضية والحاضرة. وأضاف quot;نحن مستعدون لكشف كافة الأنشطة إذا ما تم الكشف عن جميع الأنشطة المتعلقة بنشاطات إسرائيل النووية، يجب أن تعود فرنسا إلى موقفها التقليدي في العدالة ولا يمكن الاستمرار في مثل هذه الطريقquot;، على حد قوله.

وأبدى الخيمي ثقة من أن أي عمليات تفتيش عن أنشطة نووية ستكون لصالح بلاده، وصرح quot;نعلم حكما أن أي كشف سيعطي نتائج ممتازة لسورية ولكننا متأكدون أن الإسرائيليين ليسوا في هذا الوضع وإسرائيل نفسها ليست مهتمة بهذا المفاعل المزعوم وهي ربما فعلت ذلك (أي قامت بالغارة) بناء على طلب من المحافظين الجدد والقوميين المغاليين بقوميتهم في الولايات المتحدةquot;، ورأى أن القضية أثيرت كـquot;محاولة من المحافظين الجدد الأميركيين اكتساب أصوات في الانتخابات الرئاسيةquot;، ووصف الأمر بـquot;المزايدة الانتخابيةquot;.

ولم يستبعد الخيمي أن تكون اتهامات واشنطن لبلاده جزءا من المفاوضات مع بيونغ يانغ، واستطرد quot;استطاعت الإدارة الأميركية أن تمنع بشكل خلبي ومزعوم كوريا الشمالية التوسع نوويا وهذا الأمر ربما يدخل في المفاوضات مع كوريا الشمالية وسورية لا تشعر إنها معنية بكل هذه الأمور وتشعر أن هذه الأكاذيب تستمر ولا احد يوقفها، وتأسف لذلكquot;، على حد قوله.

وفيما يتعلق بإمكانية فتح الأبواب السورية أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال الخيمي quot;هذا أمر يخض الوكالة فهي لن تعلن أبدا أنها ترغب بإجراء زيارة تفتيشية ومثل هذه الزيارات تعمم على المنطقة ولنرى من هو الكاسب ومن الخاسر في مثل هذه الأعمال التفتيشيةquot;، على حسب وصفه.