باق في السرايا بشعاره يا جبل ما يهزك ريح
قوى 14 آذار ترشح السنيورة لرئاسة الحكومة

الحريري سيرفض تولي رئاسة الحكومة

السنيورة إلى رئاسة الحكومة مجددا على الأرجح

إيلي الحاج من بيروت: قررت قوى14 آذار/ مارس الليلة تبني قرار كتلة quot; المستقبل quot; النيابية تسمية الرئيس فؤاد السنيورة مرشحها لرئاسة الحكومة المقبلة في الإستشارات النيابية الملزمة التي يجريها الرئيس الجديد للجمهورية ميشال سليمان الأربعاء ليكلف في نهايتها مساء الرئيس السنيورة تشكيل الحكومة الجديدة . وكانت كتلة quot; المستقبل quot; فوضت رئيسها النائب سعد الحريري قبل ساعات التشاور مع الحلفاء في قوى الغالبية قبل اتخاذ القرار النهائي. وقد جرت مناقشات عميقة داخل quot; تيار المستقبل quot;، الذي تعد كتلته الأكبر من ضمن الغالبية النيابية والعائد له تالياً تحديد اسم رئيس الحكومة المحصور عمرها حتى إجراء الإنتخابات النيابية في ربيع 2009 أي بعد نحو تسعة أشهر، والمحصورة مهمتها في التحضير لهذه الإنتخابات التي ستنتج موازين قوى وربما تحالفات جديدة في الحكم للسنوات الآتية.

رأيان ثم قرار

وكانت بين قيادات quot;تيار المستقبلquot; وكتلته النيابية ومستشاري النائب الحريري بحسب معلومات quot;إيلافquot; غالبية تفضل أن يتولى الحريري بنفسه رئاسة الحكومة للأسباب الآتية:

-إن وجود نجل الرئيس الراحل رفيق الحريري في هذا المنصب يرفع معنويات أنصار quot;المستقبلquot; بعد العملية العسكرية ndash; الأمنية التي قادها ضدهم quot;حزب اللهquot; وحلفاؤه في غرب بيروت ومناطق أخرى واضطرار الحكومة إلى التراجع عن قراريها الشهيرين اللذين تذرع بهما الحزب لشن هجومه، وكذلك بعد تراجع قوى الغالبية عن موقفها السابق وإعطائها القوى المناوئة لها الثلث المعطل أوالضامن في الحكومة المقبلة بموجب إتفاق الدوحة. وبتعبير آخر يوفر الحريري رئيساً توازناً ضرورياً في وجه الهجمات السياسية والإعلامية إذا ما تجددت.

-إن الحكومة العتيدة ستكون انتقالية أقرب إلى حكومة تصريف أعمال وليس المطلوب منها وضع خطة خمسية أو عشرية للبلاد، وكل المطلوب منها إلى جانب الإنتخابات وضع الموازنة السنوية وهي جاهزة.

-الأفضل لـquot;تيار المستقبلquot; أن يخوض الإنتخابات النيابية في ظل حكومة يترأسها رئيسه.

-يضفي وجود الحريري في رئاسة الحريري صدقية أكبر لالتزام قوى 14 آذار/ مارس إتفاق الدوحة ويستتبع ذلك مزيد من الدعم للبنان وللحكم الجديد في بداياته.

-ثمة خشية أن تتصرف قوى المعارضة بعدائية عالية مع السنيورة وقوى الغالبية، ما يضرب أجواء الوفاق السائدة حالياً، وذلك إذا اعتبرت أن عودته إلى السرايا رئيساً للحكومة يشكل تحدياً بل استفزازاً لها.

أما أنصار فكرة إعادة الرئيس السنيورة رغم تصريحه أنه يحتاج إلى الراحة من المسؤوليات بعد المواجهات الطويلة والمرهقة التي خاضها مع قوى المعارضة فاستندوا إلى الآتي :

-أثبت الرجل أنه أهل وكفء للمسؤوليات ومحط ثقة المجتمعين العربي والدولي، وهو بات رمزاً يجمع بين الصلابة والليونة في آن واحد . وعودته إلى الرئاسة مرفقة بحملة دعم إعلامية كفيلة بإعطاء معنويات عالية لأنصار quot;المستقبلquot; والغالبية وتكون بمثابة رد اعتبار له. خصوصاً بعدما quot;تفرعنquot; عليه كثيرون أبرزهم رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لم يكن يريد السماح له حتى بحضور جلستي الإنتخاب والقسم والجلوس في مقعد رئيس الحكومة.

-لا تستطيع المعارضة إستنزاف السنيورة في الملفات المتعددة التي قد تفتحها في وجه الحكومة، فهو متضلع من هذه الملفات جميعاً، كما أن ثقافته وخلفيته السياسيتين كحامل تاريخ قومي عربي ومثابرته وصبره عناصر تغلّب ضرورة توليه المسؤولية في هذه المرحلة.

-الأفضل أن ينصرف النائب الحريري كلياً إلى الإعداد للإنتخابات النيابية لأنها مصيرية وتفرض خوض معركة أصوات على كل مقعد على امتداد الأراضي اللبنانية.

-قد تنشأ أوضاع عربية ولبنانية ضاغطة تحتم زيارة رئيس الحكومة لسورية أو لقاء مع القيادة السورية وليس محبذاً أن يكون النائب الحريري هذا الرئيس، خصوصاً أنه مقيم على اعتقاد، لا بل على ما هو أكثر من اعتقاد ، بأن هذه القيادة السورية هي التي اغتالت الرئيس الحريري. وثمة مؤشرات إلى أن دمشق ستضغط عبر حلفائها في لبنان ليقوم رئيس الحكومة نجل الرئيس الحريري بزيارة لها قبل انطلاق عمل المحكمة الدولية أو في موازاتها وقد تخلق عراقيل ومشاكل أمام حكومته إذا لم يقم بهذه الزيارة.

ولم ينف الذين دعوا إلى تولي الحريري رئاسة الحكومة وجاهة أسباب أنصار ترئيس السنيورة، لكنهم ردوا على النقطة الأخيرة بأن الحريري يستطيع ألا يزور سورية وأن يترك هذه المسألة لرئيس الجمهورية ميشال سليمان والوزراء المعنيين.

حسابات سعد الحريري

إلا أن المعلومات التي توافرت لـquot;إيلافquot; أكدت منذ أيام أن منحى الأمور مختلف ومخالف خلافاً للتكهنات التي سادت الأوساط السياسية والصحافية في بيروت، وجزمت أن النائب الحريري سيرفض قرار غالبية نواب كتلته بترشيحه ، وسيصرّ على الإنصراف للمعركة الإنتخابية داعماً بالتالي وإلى أقصى حد عودة السنيورة الذي لن يتأخر بدوره في هذه الحال عن الإضطلاع مجددا بالمهمة التي يعتبرها واجباً وطنياً عليه.

وقال قيادي في quot;تيار المستقبلquot; لجريدة quot;إيلافquot; منذ الخميس الماضي أنه يستبعد تولي الحريري رئاسة الحكومة. أولاً لأنها ستكون حكومة موقتة وذات مهمة محددة في التحضير لإجراء الإنتخابات النيابية في ربيع 2009 والإشراف عليها . وهذه إنتخابات سيتحضر quot;تيار المستقبلquot; لخوضها مع حلفائه في قوى الغالبية الحالية بكل قوة في كل المناطق، ولا يريد الحريري أن يترك مجالاً لأي فريق كي يتهمه باستغلال موقعه في رئاسة الحكومة من أجل ربح الإنتخابات على غرار الإتهامات التي كانت توجه إلى والده الراحل رفيق الحريري، رغم أنه رد عليها آنذاك بخوض غمار معركة إنتخابية حقق فيها فوزا كاسحا عام 2000 وكان خارج السلطة بل مضطهداً منها في عهد الرئيس السابق إميل لحود.

ثانياً لايريد الحريري اليوم تولي رئاسة الحكومة لأن ظروف انطلاقة العهد الرئاسي الجديد قد تفرض تطبيعاً للعلاقات مع النظام السوري الذي يتهمه النائب الحريري أويقيم على اعتقاد ثابت بأنه ارتكب جريمة اغتيال والده ويفضل quot;الشيخ سعدquot; في هذه المرحلة من جهة أن يجنب نفسه عناء لقاء أركان القيادة السورية، ومن جهة أخرى لا يريد أن يكون عقبة أمام العلاقات بين الدولتين . أما صديق والده الرئيس السنيورة فقد أثبت مرونة لافتة ولياقة في التصرف في مثل هذه الظروف مقرونتين بصلابة في الموقف.
وأشاد القيادي بإطلاع السنيورة الدقيق على تفاصيل الملفات السياسية والإقتصادية وخبرته الكبيرة ومتانة أعصابه، لافتاً إلى الثقة الكبيرة بشخصه والدعم الكبير الذي يلقاه تالياً دولياً وعربياً، وإلى أن الرجل غير متمسك بالمناصب ولا يسعى إليها، لكنه لن يتخلى عن الواجب إذا ما استدعت الأوضاع عودته إلى رئاسة الحكومة بعد تقديمه إستقالته وفقاً لما ينص عليه الدستور بعد انتخاب الرئيس العتيد العماد ميشال سليمان الأحد المقبل.

وينص الدستور اللبناني على أن يجري رئيس الجمهورية إستشارات نيابية ملزمة يكلف بموجبها الشخصية التي تنال أكبر عدد من الأصوات النيابية، وبما أن قوى 14 آذار/ مارس تتمتع بالغالبية في مجلس النواب الحالي (68 من أصل 128) فإن مجرد تسميتها مرشحها يجعله حكما المكلف تشكيل الحكومة. مع الإشارة إلى أن التكتل الشيعي (quot;حزب اللهquot; وحركة quot;أملquot;) رفع في محادثات الدوحة quot;الفيتوquot; عن تولي الحريري أو السنيورة رئاسة الحكومة المقبلة، رغم غيظ لدى قوى في المعارضة لمجرد ذكر احتمال بقاء في السرايا الحكومية، ورغم أن التحالف المعارض كان رشق السنيورة بصنوف من الإتهامات بلغت حد وصفه بالعمالة والخيانة . إتهامات واجهها السنيورة مراراً بالإبتسام وعبارة quot;يا جبل ما يهزك ريحquot; التي أصبحت شعاراً منطبقاً عليه بجدارة.