اسلام اباد : أرجأت الحكومة الباكستانية الجديدة المنشغلة بمحاولة احتواء التضخم والحد من عجز ميزان المعاملات الجارية مؤقتا مسألة كيفية التخلص من الرئيس برويز مشرف.
فبعد ان جردت الانتخابات التي اجريت في فبراير شباط الماضي مشرف حليف الولايات المتحدة من التأييد البرلماني ثارت توقعات بأن الرئيس الذي يفتقر للشعبية والذي تولى السلطة في انقلاب عام 1999 سيطاح به من السلطة قريبا.
وبدلا من ذلك اختار اصف علي زرداري زعيم الحزب الذي يرأس الائتلاف الذي تشكل قبل شهرين تعديل الدستور لتحويل الرئاسة الى منصب شرفي.
ويحتاج 62 تعديلا مقترحا الى مشاورات تستغرق شهورا وسيتعين على الحكومة على الارجح الانتظار حتى اجراء انتخايات مجلس الشيوخ المقررة في مارس اذار 2009 لضمان تمرير التعديلات.
وبحلول ذلك الوقت قد تكون الادارة الامريكية الجديدة أقل ميلا لدعم حليف تراجعت أهميته في حربها ضد الارهاب.
وقال مستشار بارز من حزب الشعب الباكستاني الذي يتزعمه زرداري لرويترز quot; وسط كل ذلك اذا قرر مشرف... سيسمح له بترك السلطة بشرف وكرامة.quot;
لكن نواز شريف الشريك في الائتلاف ورئيس الوزراء الذي أطاح به مشرف لا يطيق صبرا على رؤية من أطاح به مطرودا من السلطة اما عن طريق محاكمته او حجب الثقة عنه.
واخذا ذلك في الاعتبار يجاهد شريف من أجل ان يعيد قضاة الى مناصبهم كان مشرف قد عزلهم عندما أعلن حالة طواريء لفترة وجيزة العام الماضي لدعم رئاسته.
وقال مستشار الحزب quot;شريف يريد الاطاحة بمشرف. ونحن نريد اخراجه بهدوء.quot;
واحتجاجا على فشل زرداري في اعادة القضاة الى مناصبهم بسرعة سحب شريف هذا الشهر تسعة وزراء من حزبه من الحكومة غير انه مازال يؤيد حكومة رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني.
ويقول نقاد ان شريف اختار أن يبقي خارج مسؤولية الحكم في وقت حرج للدخول في حيل سياسية لكي يدعم نفوذه بعد خروج مشرف من السلطة.
وقال اجوست برنارد محلل الائتمان في وكالة ستاندارد اند بورز للتصنيف الائتماني في سنغافورة quot;المنزل يحترق ورجال الاطفاء يتشاجرون على أشياء أخري.quot;
ولم تكتف ستاندارد اند بورز بخفض التصنيف الائتماني للدين السيادي الباكستاني خمس درجات عن تصنيف الاستثمار هذا الشهر بل خفضت كذلك توقعاتها الى quot;سالبquot; من quot;مستقرquot; بسبب مخاوف بشأن قدرة الحكومة الجديدة على مواجهة التحديات.
وابدى عشرت حسين محافظ البنك المركزي السابق حزنه على تباطؤ النمو الاقتصادي وخروج استقرار الاقتصاد الكلي عن مساره والفجوة في ثقة المستثمرين.
واشار حسين الذي تولى منصبه من 1999 الى 2005 الى ان صناع القرار فقدوا تركيزهم عندما حاول مشرف عزل رئيس المحكمة العليا قبل 14 شهرا.
وكتب في مجلة نيوزلاين هذا الشهر يقول quot;أضر الانشغال بالقضايا السياسية والازمة القضائية وحدهما تقريبا دون شك بالاقتصاد.quot;
وتأثرت الاسواق الباكستانية بالصراع الداخلي وبادراك ان بعض الخطوات الاقتصادية غير المرغوب فيها يجب ان تتخذ مثل رفع سعر الفائدة الاسبوع الماضي بمقدار 150 نقطة أساس.
وتراجعت سوق الاسهم 18.5 بالمئة عن ذروتها التي بلغتها في 21 ابريل نيسان في حين تأرجح سعر الروبية على ارتفاع طفيف من أدنى مستوياته على الاطلاق عند نحو 70 روبية للدولار الذي سجلته هذا الشهر.
والميزانية المقرر اعلانها يوم السابع من يونيو حزيران ستعطي حزب الشعب الباكستاني وهو حزب يحظى بشعبية كبيرة وشعاره quot;المأكل والملبس والمأوىquot; الفرصة لاستعادة ثقة الشعب.
واصدرت مؤسسة جالوب باكستان لقياس الرأي العام مسحا الاسبوع الماضي يظهر تراجع الموافقة على اداء جيلاني الى 38 بالمئة من 64 بالمئة قبل ستة اسابيع.
وسيعرض وزير الخصخصة نويد قمر الميزانية واشار الى اعتزامه عرض برنامج لمساعدة الاكثر فقرا بينما يسعى الى خفض العجز المالي.
وتشير تقديرات برنامج الاغذية العالمي الى ان نصف سكان باكستان البالغ عددهم 160 مليون نسمة يواجهون مخاطر عدم الحصول على تغذية كافية.
وارتفع معدل التضخم متجاوزا 17 بالمئة سنويا في ابريل نيسان وهو أعلى مستوى منذ سبعينات القرن الماضي بسبب ارتفاع اسعار النفط والسلع والنمو النقدي السريع لتغطية الاقتراض الحكومي.
وارتفع العجز المالي بدرجة كبيرة لتبلغ نسبته نحو تسعة بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي بسبب شلل عملية اتخاذ القرار خلال الاشهر الاخيرة من عهد الحكومة الموالية لمشرف التي قادها رئيس الوزراء شوكت عزيز والاشهر الخمسة التالية في عهد حكومة انتقالية.
وارتفع العجز في ميزان المعاملات الجارية الى ما بين 7.3 و7.8 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي مع ارتفاع تكاليف النفط وتراجع التدفقات الرأسمالية.
ويقول محافظ البنك المركزي شمشاد اختر ان هذه الاتجاهات لن تستمر.
ولو كانت باكستان دولة عادية وليست دولة نووية على خط النار في حرب ضد الارهاب لكانت تعرضت لخطر أزمة في ميزان المدفوعات مع تراجع احتياطيات البنك المركزي الى اقل من عشرة مليارات دولار.
لكن المجتمع الدولي وبخاصة الولايات المتحدة معني بنجاح التحول السياسي في باكستان.
لذلك تتوقع باكستان تدفقات مالية تصل الى 3.5 مليار دولار في الاسابيع القليلة المقبلة أغلبها من قادة مؤسسات متعددة الجنسيات وحكومات صديقة لدعم الاحتياطيات والميزانية.
وقال أسعد سعيد الاقتصادي المقيم في كراتشي quot;ليس من مصلحة العالم سياسيا ان يرى باكستان تسقط.quot;
وبالطبع سيطلب الغرب شيئا في المقابل وهو عادة ما يعني تحقيق نتائج أفضل في قتال حركة طالبان وتنظيم القاعدة.
التعليقات