موسكو: سينعقد في استكهولم يوم الخميس، 29 مايو مؤتمر بشأن تنمية العراق ودور الأمم المتحدة. ويتعين عليه تقييم عمل حكومة نوري المالكي خلال سنة.
ويؤكد الأمريكان أن العنف في العراق خف بشكل لم يسبق له مثيل، وحققت القوات المسلحة العراقية نجاحات باهرة، واقتربت quot;القاعدةquot; من نهايتها في العراق.
ويجدر التذكير هنا بأنه صدر في شرم الشيخ في مايو عام 2007 العهد الدولي للعراق (International Compact with Iraq) ، الذي ينص على خطة خمسية لاعمار العراق والتزامات الدول المانحة.
ويوجد لدى رئيس الوزراء العراقي على خلفية أحداث العام الماضي ما يفتخر به، علما بأن أي نجاحات يحققها العراق هي نسبية للغاية، وخاصة، إذا أخذنا بالاعتبار، أن كافة الأخبار عن الإنجازات تصدر من مصادر أمريكية بصورة أساسية.
وإذا صدقنا العسكريين الأمريكان، فإن مستوى العنف في العراق وصل عشية لقاء السويد إلى أوطأ حد منذ مارس عام 2004، أي بعد مرور سنة على الاجتياح. وبين الأخبار الأخرى، نجاحات القوات المسلحة العراقية، وخبر اقتراب نهاية quot;القاعدةquot; في العراق.
وبالفعل، تعطي المقارنة بمعلومات قبل سنة، نتيجة مثيرة، إذ أن عدد الحوادث خلال الأسبوع الذي انتهى في 23 مايو، كان، حسب معطيات العسكريين، حوالي 300، في حين أنه وصل خلال أسبوع في أواسط يونيو من عام 2007 إلى ما يقارب 1600.
وشنت في الربيع حملة ضد quot;جيش المهديquot; في البصرة، وفي حي مدينة الصدر (جيب شيعي في بغداد)، وكذلك عملية ضد quot;القاعدةquot; في الموصل في شمال العراق. ورسخت القوات الحكومية أقدامها في ثلاث مدن عراقية أساسية، وليس بدون مساعدة القوات الأجنبية بالطبع، ولكن مشاركة العراقيين أنفسهم في العمليات كانت نشطة جدا.
وأعلن السفير الأمريكي في بغداد رايان كروكر أن القوات العراقية عرضت خلال الستة أشهر الأخيرة تقدما في مكافحة المسلحين، واقتربت quot;القاعدةquot; في العراق الآن من نهايتها أكثر من أي وقت آخر. وهذا يدل على أنه يعترف بأنه من المبكر حاليا التحدث عن الانتصار عليها، وهذا رأي سديد.
وكان مسؤولون أخرون حذرين أيضا. فقد أعلن وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس أنه لاحت في العراق بوادر quot;نهاية اللعبةquot;، ولكنه حذر من أن التسرع بسحب القوات الأمريكية سيكلف غاليا. كما وعد قائد القوات المتعددة الجنسيات في العراق الجنرال ديفيد بيتريوس أعضاء الكونغرس بتقديم توصية في سبتمبر القادم أغلب الظن، حول استئناف سحب القوات الأمريكية من العراق، إلا أنه يجدر حاليا التوقف وفهم ما هو تأثير تقليص القوات العسكرية على الوضع.
ويجري الآن سحب 5 ألوية عسكرية أي حوالي 25 ألف فرد، تم نقلهم إلى هناك بصورة إضافية في النصف الأول من عام 2007 بمثابة تعزيزات بناء على أمر الرئيس بوش. وإن البريطانيين أيضا، رغم تصريحاتهم حول استقرار الوضع في البصرة التي تدخل ضمن منطقة مسؤوليتهم، ليسوا على عجل لمواصلة سحب وحداتهم من الجنوب الذي سبق أن بدأوه. وعلى ما يبدو فإن الوضع هناك ليس مستقرا كما تؤكد واشنطن ذلك.
وعلى العموم يعيش العراق ليس أول فترة هدوء نسبي. وتمخضت السابقات عن موجات عنف جديدة. فماذا ينتظر العراق الآن؟
فقد طلب quot;جيش المهديquot; الذي يخضع لرجل الدين الشيعي مقتدي الصدر هدنة في البصرة وبغداد. ولكن من المستبعد أن يكون هذا اعترافا بالهزيمة، لا سيما وأن أنصار الصدر لم يسلموا قسما كبيرا من أسلحتهم للحكومة. ويكفي للعودة إلى رفع السلاح من جديد عمل استفزازي واحد ضدهم أو استياء الصدر نفسه من الدور المخصص له في العملية السياسية في البلد. والدوافع للاستفزاز كثيرة.
فحتى بعد إعلان الهدنة حدث صدام بين أنصار الصدر والجيش. كما من المقرر أن تجري في الخريف انتخابات إلى هيئات السلطة المحلية، وأن الصدر في عدد من المناطق الشيعية يحظى بشعبية أوسع بكثير من أنصار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الذي ينتمي إلى الطائفة الشيعية أيضا. وإذا سمح للتيار الصدري بالمشاركة في الانتخابات، فغير معروف من سيسطر على جنوب العراق وحي مدينة الصدر.
وفيما يخص quot;القاعدةquot; التي تعرضت لضربة قوية في الموصل، فإن العديد من الخبراء العراقيين يشيرون إلى أن حكومة المالكي أعلنت عن نية شن حملة عسكرية في هذه المنطقة منذ الشتاء، مما وفر لقسم من المسلحين بعد هذا quot;التحذيرquot;، فرصة تغيير مكان التواجد.
وإذا أضيفت إلى هذا جملة الخلافات السياسية بين مختلف التنظيمات والأحزاب العراقية، التي تشل عمل الحكومة والبرلمان، فمن الواضح أن المالكي الآن في وضع صعب للغاية. ومع ذلك، تسنى له البقاء في منصب رئيس الوزراء أكثر من أسلافه. ففي 20 مايو مر عامان على ترؤسه الحكومة، ومن الواضح أن الوضع في البلد أخذ يتغير، وإن كان ببطء. ولربما أن العراقيين أنفسهم، الذين يعيشون في حالة توتر دائم ولا يزالون يعانون من غياب الأمن وأبسط متطلبات الراحة، وبالمرتبة الأولى توفر الكهرباء دون انقطاع، لا يلمسون هذا. ومع ذلك بوسع نجاحات المالكي المتواضعة اجتذاب الاستثمارات الأجنبية، والمساعدات الأخرى الضرورية جدا للبلد.
ولا يبقى إلا تصديق رجال الأعمال بتأكيدات العسكريين الغربيين على تحسن الوضع في العراق. وبإن هذا حقيقة مطردة، وليس حتى أول عمل إرهابي كبير.
التعليقات