بيروت، وكالات: إستبق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي وصل إلى بيروت اليوم بتوجيه أكثر من رسالة لدمشق وبيروت في آن. حيث أعلن في أحاديث صحافية قبيل وصوله عند الساعة العاشرة والربع صباحاً إلى لبنان لبضع ساعات في أول زيارة لرئيس غربي منذ إنتخاب العماد ميشال سليمان ان quot;صفحة جديدة ربما تفتح في العلاقات بين فرنسا وسورياquot;وحضر الى المطار ايضا وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي وصل الى بيروت الجمعة.

وصرح ساركوزي ان الرئيس اللبناني ميشال سليمان يتحمل quot;مسؤولية كبيرة بانجاز المصالحة الوطنيةquot; داعيا جميع الاطراف اللبنانيين الى الحوار. وقال ساركوزي في كلمة بعيد وصوله الى المطار ان quot;الرئيس سليمان يتحمل المسؤولية الكبيرة بانجاز هذه المصالحة الوطنية ومن الاساسي بهذا الصدد ان تترجم كل القوى السياسية اللبنانية التزامها بالتحاور على ارضية الواقعquot;.

وابدى ارتياحه لاتفاق الدوحة الموقع بين الاطراف اللبنانيين في 21 ايار/مايو والذي اتاح حلحلة الازمة السياسية وانتخاب سليمان بعد فراغ في سدة الرئاسة استمر ستة اشهر وازمة سياسية دامت 18 شهرا. وتابع ساركوزي ان quot;لبنان شهد ازمة خطيرة وشللا في مؤسساته استمر اشهرا طويلة. واليوم وبفضل جهود الجميع، جهود الجامعة العربية وقطر وفرنسا، اتاح اتفاق الدوحة حلحلة الوضع وارساء قواعد مصالحة حقيقيةquot;.وقال ان quot;لبنان شهد الكثير من المعاناة، الكثير من المآسي، الكثير من الموتى. حان الوقت لتوجيه الانظار الى المستقبل، مستقبل يمر عبر الحوار وحيث لكل لبناني مكانهquot;.

وسيلتقي ساركوزي والوفد الفرنسي الضخم المرافق له قادة من 14 حزبا لبنانيا ومنها حزب الله. وكان قد اكد ان quot;مطلبنا لمعرفة الحقيقة والعدالة في ما يتعلق بالاغتيالات السياسية التي حصلت في لبنان لم يتغيرquot;. وشدد ان quot;تشكيل المحكمة الدولية الخاصة يتقدم بسرعةquot;، وان quot;الامر يتعلق بعملية لا رجوع فيها وان قرارات مجلس الامن الدولي تفرض على الجميعquot;. ووصف اتفاق الدوحة بانه quot;نص متوازن يكرس قبل كل شيء انتصار الحوار على العنف ويوفّر مخرجا من الازمة يخرج منه الطرفان رابحين من دون مغلوب ومع غالب واحد هو الشعب اللبنانيquot;. وحض جميع المسؤولين اللبنانيين على quot;ان يفوا بالتزاماتهم من حيث عدم اللجوء الى العنف والمشاركة بحسن نية في الحوار الذي سيديره رئيس الجمهوريةquot;.

ويشار الى ان تعديلاً طرأ على برنامج الزيارة مع اعلان قصر الاليزيه امس ان الرئيس ساركوزي الذي يأتي برفقة رئيس وزرائه فرانسوا فيون وقادة الأحزاب الفرنسية الرئيسية في آن معاً، لن يتفقد كتيبة بلاده في جنوب لبنان كما كان مقرراً. وسيقوم وزير الدفاع ارفيه موران بهذه الزيارة، كذلك ألغى المؤتمر الصحافي الذي كان سيعقده في المطار لدى مغادرته لبنان. ونقلت quot;وكالة الصحافة الفرنسيةquot; عن الرئيس الفرنسي قوله في مؤتمر صحافي امس في اثينا، رداً على سؤال عن سبب الغائه الزيارة التي كانت مقررة لذوي القبعات الزرق الفرنسيين: quot;لقد رأيت ان مغزى الزيارة سيكون اقوى اذا ما اكتفيت بزيارة بيروت والسلطات اللبنانيةquot;.

وبالتوازي مع الخطوة الفرنسية باتجاه لبنان - والتي تحملّ الكثير من الدلالات ليس فقط على صعيد العلاقة التاريخية بين البلدين والدور الفرنسي في متابعة الملف اللبناني، بل ايضاً على صعيد دور اللاعب الفرنسي في منطقة الشرق الاوسط خصوصاً والعالم العربي عموماً - اعلن الرئيس الاميركي جورج بوش خلال تسلمه اوراق اعتماد السفير اللبناني انطوان شديد quot;ان تاريخ لبنان القريب اتسم بانجازات كبيرة كما اتسم بالمآسيquot;. واضاف انه quot;فخور بدعم جهود الحكومة اللبنانية لاقامة المحكمة الدوليةquot;، مشيراً الى انه quot;سيثير الوضع في لبنان خلال محادثاته مع الزعماء الاوروبيين في جولته القريبةquot;. وأكد انه quot;يتطلعquot; الى استقبال الرئيس سليمان في واشنطن بعدما وجه اليه دعوة لزيارته في البيت الابيض.

أما على الصعيد الداخلي، فمع استمرار الغموض في المسار الحكومي وسط عدم ظهور اي بوادر حلحلة للعقد الموضوعة امام الرئيس المكلف فؤاد السنيورة خصوصاً من قبل قوى 8 آذار، حيث العماد ميشال عون يتمسك بالمطالبة بخمس حقائب احداها سيادية والباقي خدماتية وسط مطالبة اكثر من فريق داخل المعارضة بالحقائب نفسها، بدا ان ثمة اتجاه لضبط الوضع الامني الذي كاد يطيح اتفاق الدوحة. فدعا رئيس quot;كتلة المستقبلquot; النائب سعد الحريري جميع المواطنين في بيروت للعودة الى منازلهم، وذلك بعدما تبلغ quot;من الاجهزة الامنية الرسمية استعداد جميع الاطراف لتطبيق مقتضيات الشق الامني من اتفاق الدوحةquot;. وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان اعلن ان quot;تعليمات مشددة اعطيت للاجهزة الامنية لمعالجة الاشكالات الامنية التي حصلت في اليومين الماضيين وما نتج منها من ذيول ومنع تكرارهاquot;. كذلك أعرب رئيس مجلس النواب نبيه بري عن ثقته quot;الكبيرة بمؤسسة الجيش واجهزتنا الامنية والقضائيةquot;. وترافقت الحلحلة على الصعيد الامني مع حركة اتصالات هاتفية قطرية أجراها أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس وزرائه الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني بالرئيس سليمان لعرض التطورات السياسية والأمنية.

وكان نهار امس شهد تراشقاً بالاتهامات بين فريقي 8 و14 آذار حول النوايا الكامنة وراء اعادة اللعب بالورقة الامنية، حيث اتهمت المعارضة الموالاة بتضخيم الملف الامني لمحاولة التفلت من التزاماتها في الدوحة، في حين اتهمت الاكثرية المعارضة بضرب اتفاق الدوحة في الصميم عبر اللعب بالامن، وطالبت بتطبيق ما تمّ الاتفاق عليه وبلجنة تقصي للحقائق وquot;بجعل بيروت مدينة خالية من السلاح تمهيداً لتوفير الأمن والأمان في كل مناطق لبنانquot;.

هذا، وذكرت اوساط المعارضة لصحيفة quot;النهارquot; انها اعدت تقريراً يتناول quot;تفاصيل الاعتداءات التي تعرض لها انصارها في بيروت ومناطق اخرى ونفذها مناصرون للموالاة بعد اتفاق الدوحة وعودة المسؤولين من قطرquot;. وتولى اعداده مسؤولون في حركة quot;املquot; وquot;حزب اللهquot; وسلمت نسخ منه الى الرئيسين سليمان والسنيورة والنائب الحريري والمدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي ومدير المخابرات في الجيش العميد جورج خوري. واوضحت ان التقرير لم يرسل الى قطر او الى اللجنة الوزارية العربية، وذلك لعدم quot;نشر غسيلنا الوسخquot; كما قال بري.

جورج بوش

واعتبر بوش ان quot;تاريخ لبنان القريب اتسم بانجازات كبيرة كما اتسم بالمآسيquot;، وعبر عن فخره quot;بجهود الحكومة اللبنانية من أجل إنشاء المحكمة الخاصة من اجل لبنان وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز المسارات والمؤسسات الديموقراطيةquot;.

وقال بوش خلال تقديم السفير اللبناني لدى الولايات المتحدة أنطوان شديد أوراق اعتماده في البيت الأبيض أمس، انه رحب مؤخرا بنهاية سنة ونصف من الطريق السياسي المسدود مع انتخاب ميشال سليمان، متوجهاً إلى شديد بالقول quot;اعرف انه خلال وقتكم في واشنطن ستستمرون في جهودكم في دعم لبنان وشعبه ومؤسساته الديمقراطيةquot;.

ولي العهد السعودي

بدوره أعرب نائب رئيس مجلس الوزراء السعودي ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز عن أمله في أن يشكل اتفاق الدوحة وانتخاب سليمان نقطة انطلاق نحو مستقبل مستقر وزاهر للبنان، تتضافر فيه جهود اللبنانيين بكافة طوائفهم وأطيافهم السياسية وعبر مؤسساتهم الدستورية وعلى أساس التوافق والوفاق فيما بينهم، في كنف دولة ينضوي تحت لوائها الجميع وتفرض سيادتها على الجميع.

وفي تصريحات لـصحيفة quot;الشرق الأوسطquot;، عبر الأمير سلطان الذي يواصل زيارته الرسمية الى مدريد عن ارتياحه إلى أن حل الأزمة اللبنانية جاء في إطار البيت العربي. وقال: quot;كما كان اتفاق الطائف عربي الهوية وكرس التركيبة الدستورية للبنان ومؤسساته، فإن اتفاق الدوحة جاء عربياً أيضاً ليعزز هذا التوجه، ويؤكد أسلوب الحوار والتوافق، ويرفض منطق الصدام والمواجهةquot;. وأضاف: quot;إن هذا يؤكد أن الأمة العربية أحرص على مصلحة دولها وشعوبها بمعزل عن الأهواء والأغراض الخارجية، كما أنه يعبر عن قدرة الإرادة العربية المخلصة على حل الأزمات العربية إذا ما توافرت لها الجدية والمصداقيةquot;.