طلال سلامة من روما: إنها أرقام مخيفة لكن التقديرات الأكثر حذراً تشير الى غرق عشرة آلاف مهاجر أمام السواحل الإيطالية، في السنوات العشر الأخيرة. وانطلقت قوارب الغرقى من الممرات الأفريقية باتجاه سواحل ايطاليا الجنوبية. في حال أخذنا بعين الاعتبار أن عشرين ألف مهاجر يتسلل الى ايطاليا بحراً، كل عام، يمكننا بسهولة تصور تفاقم أخطار الموت غرقاً في بحور ايطاليا. وبين 100 مهاجر غير شرعي، يصل الى ايطاليا، ثمة خمسة منهم يلقون حتفهم غرقاً. ومهما زادت الإجراءات الأمنية الإيطالية من درجات قسوة وعدم إنسانية إلا أنها تبقى ضعيفة حيال جبروت البحر الأبيض المتوسط الذي ينتزع يومياً أرواح نساء وأطفال، دون تمييز، متبعاً هكذا سياسة ترويج المذابح التي خصصها النازيون لتأليه صنمهم الحاكم، الذي كان يدعى آنذاك أدولف هتلر.

وتتسارع حركة التسلل الى ايطاليا قبل إقرار البرلمان الإيطالي بخطة روبرتو ماروني، وزير الداخلية الإيطالي، التي تقتضي بعدم التسامح مع المهاجرين غير الشرعيين. وما يحصل اليوم، من حركة نزوح الى ايطاليا، لا يختلف قط عن السنوات الماضية. ما يعني أن الجميع هنا، بما فيهم روبرتو ماروني، عاجزين عن صد أمواج البحر التي تحمل معها دفعات لا تحصى من المهاجرين. في هذا الصدد، تنوه لاورا بولدريني، المفوضة العليا في الأمم المتحدة، بأنه من المستحيل تمييز الدوافع القادرة على تفسير حركة المهاجرين، وحتى أحوال الطقس لم تعد تلعب دوراً هاماً في تخفيض أو تكثيف حركة النزوح البحرية الى ايطاليا.

يوماً تلو الآخر، تتآكل العلاقات بين ليبيا وإيطاليا بعدما بلغت أوجها في عهد برلسكوني السابق. مع ذلك، تستمر الجهود الإيطالية لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية والتجارة بالبشر. ولم تتأخر حكومة برودي السابقة عن تخصيص أكثر من 6 مليون يورو لدعم اتفاقية أبرمتها حكومتا روما وطرابلس الغرب في أواخر العام الماضي. فعدد المهاجرين الذين يريدون دخول ايطاليا انطلاقاً من الصحراء الليبية، ومعظمهم أفارقة من السودان وتشاد والنيجر ومصر، يرسو على أكثر من 2 مليون مهاجر. بين الفينة والفينة، تنجح الزوارق السريعة من الوصول الى ايطاليا عن طريق تونس أم الجزائر. يذكر أن ليبيا احتضنت هؤلاء المهاجرين، في تسعينات القرن الماضي باسم التضامن الأفريقي، لكنها أقدمت بعد ذلك على طردهم الى المنطقة الصحراوية التي أتوا منها مما آل الى مقتل عدداً منهم لا يختلف كثيراً عما حصده البحر الأبيض المتوسط من أرواح، للآن.