المنامة: دفع الخلاف بين الشيعة في البحرين الذين يشكلون أغلبية السكان والأقلية السنية في البلاد، والذي تعمق على مدار الأسابيع الماضية، العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، إلى التدخل في محاولة للتهدئة.
وقالت مصادر سياسية في البحرين إن الملك تدخل لوقف quot;التراشق الطائفيquot; بين التيارات السياسية الإسلامية، بعدما جمع أعضاء الحكومة على مأدبة غداء، مؤكدا quot;ضرورة الارتقاء بمستوى التحاور والتخاطب الوطني.quot;
وكانت صحف معروفة بسيطرة السنة عليها نشرت مقالات، قال عنها شيعة البحرين إنها مسيئة للمرجع الديني الأعلى الشيخ عيسى قاسم.
ويوم الخميس، تظاهر نحو عشرة آلاف شيعي، احتجاجاً على ما وصفوه بالإساءة لأكبر quot;مرجع ديني،quot; وينتمي معظمهم لحركة الوفاق البرلمانية الشيعية، التي تحتل 17 مقعداً في البرلمان الذي يبلغ مجموع مقاعده 40 مقعداً.
وتظاهر البحرينيون الشيعة في مسيرة عند شارع رئيسي خارج العاصمة البحرينية المنامة، مرددين شعارات داعمة للشيخ عيسى قاسم، أعلى مرجع ديني شيعي في البحرين، لكن أي حالات عنف لم تسجل.
والبحرين، حيث تحكم الأقلية السنية، الأغلبية الشيعية (70 في المائة من عدد البحرينيين البالغ 450 ألفا)، هي حليف مقرب للولايات المتحدة الأمريكية، وتستضيف قاعدة عسكرية أمريكية للأسطول البحري الخامس.
ويعّد هذا الملف الأخطر والأشد وقعاً في البحرين، فشيعة البلاد، الذين يمثلون شريحة واسعة من السكان، تربطهم علاقات مذهبية بالجارة الكبرى، إيران، وقد مثلت هذه العلاقات ذريعة من قبل البعض للتشكيك في الولاء الوطني للشيعة.
لكن أعضاء في المجلس التشريعي‮ ‬قالوا إن quot;دعوة الملك يجب أن تلبى‮ ويجب الالتزام بكل ما‮ ‬يحفظ الوحدة الوطنية والابتعاد عن كل ما‮ ‬يهددها،‮quot; ‬مؤكدين أن quot;توجيهات الملك للصحافة المحلية ولرجال الدين وعموم المواطنين درأت الفتنة،‮quot; وفقا لما نشرته صحيفة quot;الأيامquot; البحرينية.
وقالت الصحيفة إن قيادات بجمعيات سياسية ومهنية ونسائية دعمت توجيهات الملك وقالوا إنها ‮‬يجب أن تترجم على أرض الواقع في‮ ‬برامج الجهات الحكومية والأهلية‮.‬quot;
يذكر أن العلاقة بين القوى الشيعية والنظام الحاكم في البحرين شهدت أسوأ مراحلها خلال التسعينيات، ووصل التوتر بين الطرفين ذروته في نهاية العام 1994، إثر قيام حركة احتجاج شعبية شيعية مطالبة بالإصلاح والمساواة في الحقوق والعودة إلى دستور عام 1973، وتخللها مواجهات مع الحكومة، والتي استمرت حتى العام 1998.
وكان رد فعل الحكومة قاسياً وعنيفاً آنذاك، إذ جرى احتجاز الآلاف من المتظاهرين، كما تم اعتقال عدد من قيادات المعارضة، مثل الشيخ علي سلمان، وعبدالأمير الجمري، وحيدر الستري، وعبدالوهاب حسين.
إلا أن مراقبين يرون تولي الملك حمد بن عيسى الحكم، رافقه انفتاح للنظام على الشيعة، بعد أن أطلق الملك مشروعه الإصلاحي، والذي نجح نسبيا، إلا أنه لم يمنع وجود بعض أوجه التوتر بين الطرفين.