أسامة مهدي من لندن : شنّ رئيس المؤتمر الوطني العراقي نائب رئيس الوزراء السابق أحمد الجلبي حملة شديدة ضد الأوضاع في العراق، وأكد أنه بعد خمس سنوات من سقوط النظام السابق، فإن الناس يعيشون في مصائب وشدد على أن العراق ليس بحاجة إلى أن يحكم عن طريق المذهبية والطائفية والمحاصصة وأشار إلى أن هناك أحزابًا تتشبث بأذيال المرجعية للوصول إلى السلطة، وأكد وجود 23 ألف معتقل عراقي في السجون الأميركية في العراق لا يستطيع أحد إطلاق سراحهم كاشفًا عن مطالب الأميركيين من العراقيين في الإتفاقية الاستراتيجية المنتظرة.
احزاب تتشبث بأذيال المرجعية وصولاً إلى السلطة
واضاف الجلبي في كلمة له خلال اجتماعه بتدريسيين وتربويين عراقيين وارسل نصها الى quot;ايلافquot; مكتبه الاعلامي اليوم quot;ان العالم الان في غليان مستمر ونحن نصوت للمذهب والطائفيةquot; . واشار الى ان دور المرجعية في كتابة الدستور كان كبيرًا جدًا وهنا تولدت مشكلة كبيرة حيث استغلت بعض الاحزاب تأييد المرجعية للدستور من اجل الاستمرارٍ بالتمسك باذيال المرجعية للوصول الى السلطة . وشدد بالقول انه quot; لايجوز اعطاء صكوك الغفران والوعود بالاخرة لكسب الاصوات وعند زيارتي لمدينة الصدر طلب مني سكانها خلاصهم من الاوضاع المأساوية التي يعيشونها فقلت لهم اذهبوا الى ممثلكم الذي انتخبتموه واطلبوا منه ذلك فقالوا لقد خدعونا ووعدونا بصكوك الغفران وبالاخرة وقالوا لنا في حالة عدم التصويت للقائمة الفلانية فان جهنم ستكون عاقبتكم ، وفي النتيجة انتخبوا القائمة ودخلوا جهنم في دنياهمquot; .
وقال الجلبي quot;انا شخصيًا سعيت لأن يكون هناك ائتلاف (في اشارة الى الائتلاف الشيعي الحاكم) والسبب كان واضحا لدي وهو الدافع لأن يشرع دستور بأصوات عراقية وليس بارادة اميركية وهذا عمل وطني كنا نسعى لتحقيقه ونجحنا في انجازه بمباركة المرجعية .. لكن بعد ذلك تغيرت الامور واصبح هناك استمرار لنهج التمسك بالمرجعية بشكل بعيد عن الهدف الاساسي ووصلنا الى نتيجة في ان يكون هناك توجه الى تأسيس تكتل انتخابي على اساس طائفي ومذهبي وانا لا اعتقد ان العراق يجب ان يحكم عن طريق المذهبية والطائفية والمحاصصة وهذا الكلام فيه عمق سياسي وليس سهل الاستيعاب من عامة الناس وهذا الذي حدث لنا ... ونأتي الان ونجني ما زرعناه ولكن هذه الفترة كانت تجربة ودرسًا تعلمه الناس ولولا مقاومة الشعب لكان كلامنا ومعارضتنا صفرًا، لان الذي جاء للحكم عن طريق المحاصصة لايعتبر نفسه مسؤلا امام الشعب وانما يعتبر نفسه مسؤولاً امام من جاء به الى الحكم وهذا درس تعلمه الكثير.. ونحن لا نريد ان نزيد في النقد لكن النقد مطلوب ، ونعتبر هذه المرحلة مرحلة انتقالية ولكن لا يجوز الاستمرار في هذا الوضعquot;.
الاتفاقية الاستراتيجية مع واشنطن والمعتقلين العراقيين
واشار الجلبي الى ان حديث الشارع العراقي اليوم يدور حول هذه الاتفاقية الامنية quot;والجميع يعرف اننا رفضنا ان نكون تبع للاميركان ورفضنا ان تكون اي شائبة على سيادة العراق واستقلاله .. والان الاتفاقية الامنية المزمع عقدها بين العراق واميركا تطلب من الحكومة العراقية الموافقة على اعتقال العراقيين.. ويطلبون حصانة للشركات الامنية البالغ عدد افرادها في العراق (154) الف شخص... كذلك يطلبون في الاتفاقية (320) موقعًا لإقامتهم، ويؤكدون ان هذه ليست بقواعد دائمة، فضلاً عن تأكيدهم انهم من يقررون من هو يشكل تهديدًا للعراق ومن يكون الارهابيين، وهذا سيجعلك في حالة نزاع مع كل دول الجوار... وكذلك يريدون السيطرة على دخول القوات الاجنبية وخروجها والسيطرة على فضاء الجو العراقي ضمن ارتفاع (29) ألف قدم والسيطرة على خطوط النقل والموانئ والاعفاء الضريبي ... فماذا بقى إذن للعراقquot;.
وعن المعتقلين العراقيين في السجون الاميركية في العراق فقد اكد الجلبي وجود (23) الف عراقي معتقل لدى الاميركان حاليا quot;وليس هناك اي اجراءات قانونية حسب الدستور العراقي تمارس بحقهم مع انه يقول إن العراقي لا يعقتل إلا بأمر قضائي صادر عن قاضي تحقيق من خلال توجه تهمة اليه خلال فترة محدودة (72) ساعة.. الآن هناك معتقلين أمضوا (4) سنوات ولم توجه لهم اي تهمة .. عندما نسأل الاميركيين يقولون ان هؤلاء موقوفون حسب معلومات استخباراتية تهدد امنناوطريقة معالجتهم قضائيًا او الافراج عنهم ستكون من خلال لجنة مؤلفة من وزارات الدفاع والداخلية والعدل وضابط اميركي وليس لجنة قضائية وهذا الامر مخالف للدستور العراقيquot; .
سوء الاوضاع الاقتصادية وازدياد البطالة وفقدان الخدمات
وأكد الجلبي على ضرورة دعم الدولة للقطاع الزراعي وقال quot;ندعو الى ضرورة دعم الدولة لموسم زراعي كامل لشريحة المزارعين من خلال توفير الوقود والبذور والاسمدة والمعدات وغيرها لدعم الفلاحين ماديًا والدولة ليس لها امكانية في معالجة الوضع الزراعي في العراق، حيث لم تعد الزراعة من اولويات الدولة في الوقت الحاضر مع العلم ان اكبر شريحة من المواطنين تعمل في الزراعة هم الفلاحونquot;. واضاف ان العراق يستورد الان سنويًا 7 ملايين ومئتي الف طن من المواد الغذائية للحصة التموينية ،و(4) ملايين طن قمح من الخارج بقيمة مليون وخمسمئة الف دينار للطن الواحد فيما تشتري الدولة القمح من المزارعين العراقيين بمبلغ (650) الف دينار للطن الواحد ..فهل يعقل ان الدولة تشتري القمح من الخارج بهذا المبلغ ولا تشتريه من المزارعين العراقيين بنفس المبلغ؟quot; .
وعن معاناة العراقيين من النقص الكبير في الطاقة الكهربائية قال quot; في الاسابيع الاولى بعد السقوط قال لي البعض ان الاميركيين سيعملون على مشاريع الكهرباء سريعا فقلت لهم في حينها ان هذا لن يحدث واذا بدأنا العمل من الان وبشكل صحيح فبعد خمس سنوات ستتحسن الكهرباء ولكن الان الكهرباء ليست احسن من قبل وانتاج الكهرباء لم يرتفع طيلة الخمس سنوات مع العلم ان الامريكيين انفقوا من اموالهم اربعة مليارات ومائتي مليون دولار على الكهرباء والعراق انفق بقدر هذا المبلغ ايضًا، والان اقول كذلك اذا بدأنا العمل بشكل صحيح فبعد خمس سنوات سيتحسن وضع الكهرباء في العراق وستكون هناك كهرباء لمدة 24 ساعة دون انقطاعquot;.
واضاف quot;اما البطالة فإذا كانت هناك مشاريع اعمار وبناء في العراق فهل ستكون هناك بطالة وفقر؟ وكل المرافق الصناعية والمهنية والحرفية .. واريد ان اصل الى نتيجة ايجابية وهي ان المواطنين يطلبون العمل في القطاع الخاص ويتركون العمل في الدولة ... تصبح لديهم ثقة كاملة ان مشاريع العمل كثيرة والاموال متوفرة والقطاع الخاص لديه استمرارية.. وهذا ممكن تحقيقه ولكن يتطلب ثورة حقيقية في القوانين وقوانيننا الان تكبل الدولة في التعامل مع العراقيين وهي مسلطة لاستمرار سيطرة الدولة على حياة العراقيينquot;.
العراق بحاجة الى 4270 مدرسة
وعبر عن الاسف لتدهور الاوضاع التربوية في البلاد وقال ان البلاد quot;بحاجة الان الى (4270) مدرسة في وهناك (1500) مدرسة طينية في العراق وقد قمت بزيارة لبعضها وهناك مدارس معدل طلابها في الصف الواحد اكثر من (90) طالبا والمؤسف اكثر ان المرافق الصحية في اغلب المدارس في حالة يرثى لها وقد خجلت كثيرا عند زيارتي لبعض المدارس وشاهدت هذه الامور بأم عينيquot; . واضاف ان هناك وضعا اقتصاديا في العراق quot; ولكن لايجوز ان يكون راتب الشرطي ضعفين ونصف راتب المعلم والناس تدفع الرشاوي لشراء التعيين في الشرطة والجيش ، والمعلمون يعانون من كبرى المشاكل والمصائب.. ان عدد المدارس التي تم بناؤها في العراق منذ عام 2003 ولحد الان (730) مدرسة ونحن سنويا وحسب زيادة عدد السكان بحاجة الى (1000) مدرسة وطيلة الخمس سنوات لم نبن سوى (730) مدرسة.. وهناك نقص في عدد المدارس تجاوز (4270) مدرسة ولدينا (1500) مدرسة طينية فتصوروا وضعنا المأساويquot; .
وتساءل قائلا quot; انا غير مستوعب كيف الناس قابلة بهذا الوضع ولماذا راضية ان تعيش وترى اموالها تتراكم كأرصدة في بنوك الخارج وهي بأمس الحاجة الى كل شيء.. الشعب العراقي قاوم صدام ولولا مقاومته لكان كلامنا ومعارضتنا صفرًا ولولا رفض الشعب العراقي لنظام البعث لما كان علينا عمل شيء، الشعب العراقي اعطى بيدنا السلاح واستطعنا الخلاص من صدام ونظامه ونحن الان لا نستطيع ان نعلق مشاكلنا واخطاءنا على شماعة النظام السابق والان مضت خمس سنوات ولا نزال نعاني من المصائب التي تحيط بنا من كل جانبquot; .
واشار الى ان العراق يملك ارصدة واموالا في البنك الفدرالي الاميركي (57) مليار دولار مما يعني ان كل عراقي يملك الان (2000) دولار وفي النتيجة كل عائلة متكونة من خمس اشخاص تملك (10) الاف دولار ويشمل ذلك كل عراقي من الجنوب الى الشمال ومن الشرق الى الغرب من ارض العراق، ولكن اين؟ وماذا كسبنا ؟ مع العلم ان هذا المبلغ يتجدد سنويا وهذا الموضوع يجب ان يكون في اذهانكمquot;.
وقال quot; ان المسألة الاساسية والكبيرة جدا والتي يجب ان نعرفها جميعاً هي ان المال ليس مال الدولة وانما هو مال الشعب وعند كتابة الدستور سعيت وباصرار شخصي الى اقرار نص دستوري في المادة (111) ، ورغم تعدد اوجه الخلاف والمشاكل في اغلب النصوص القانونية بين اعضاء اللجنة الدستورية المكلفة بكتابة الدستور وقلت للجنة الدستورية ان النفط والغاز ملك الشعب العراقي وليس ملك الدولة العراقية ليصبح ذلك نصاً دستورياً .. ولكن لحد الان لايزال هذا النص بمثابة شعار في الدستور ولا صدى حقيقي له في نفوس المواطنين واصبحوا ينتظرون المكرمة او المنحة من الدولة .. كلا .. نحن نرفض ذلك لان هذا مال الشعبquot; . واضاف ان quot;الحكومة الان اذا احسنت التصرف في ادارة البلاد فبامكانها ان تضاعف ثلاث مرات من انتاج النفط في العراق من الان ولغاية 4 سنوات وهذا يعني ان مبلغ (10) الف دولار للعائلة العراقية الواحدة سيتضاعف الى (40) الف دولار سنوياquot; .
ضعف القضاء العراقي
اما عن القضاء في العراق فقد اشار الجلبي الى انه quot;اخذ يضعف ويخضع الى ارادة السلطة التنفيذية وهذه مسألة خطرة جدا... نحن نريد ان يكون القضاء مستقلاً وشجاعًا في اتخاذ القرارات، وشخصيًا احترمت القضاء على الرغم من التجنيات ففي عام 2004 امتثلت للقضاء العراقي بدعوى تزوير العملة العراقية وعندما كنت رئيس اللجنة المالية في مجلس الحكم طلبت نماذج للعملة العراقية المزورة من اجل الاطلاع عليها ومعرفتها وجاءتني (3000) دينار منها فقط فئة (250) دينارًا ووضعتها في درج مكتبي وعند اقتحام القوات الاميركية مقراتنا في ايار (مايو) عام 2004 عثروا على الـ (3000) دينار المزورة في درج المكتب واتهموني بتزوير العملة العراقية ..! واقاموا دعوى قضائية ضدي في محكمة عراقية وقاضي عراقي وكان السيناريو والاعداد اميركياً ..فذهبت الى المحكمة مع محامي الخاص الشهيد عماد الفرعون الذي اغتاله الارهابيون وامتثلت امام القاضي العراقي حيث استقبلني وقدم لي ورقة فوقعت عليها وانصرفت مودعا المحكمة محترما القضاء العراقيquot;.
وشدد على ضرورة اقامة دعاوى الان quot; ضد اناس مسؤولين استعملوا القتل والاعتقال وانتهكوا حقوق العراقيين وانا مستغرب من موقف اعضاء البرلمان حاليا الذين بامكانهم الغاء امر رقم (17) الذي اقره بريمر حول حصانة الشركات الامنية الاجنبية .. لماذا لايفعلون ذلك.. وهذه مسؤولية البرلمانيين العراقيين.. وعندما تسألهم يقولون لا نستطيع ان نفعل شيئاquot; .
التعليقات