طهران، وكالات: يتوقع مسؤولون بوزارة الدفاع الأميركية أن تشن إسرائيل قبل نهاية العام الحالي عملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. وأشار موظف كبير بوزارة الدفاع الأميركية في مقابلة أجرتها معه قناة quot;ABCquot; التلفزيونية الأميركية إلى احتمال قيام إسرائيل بمثل هذه العملية الأمر الذي يدفع إيران إلى مهاجمة إسرائيل وكذلك أهداف ومصالح أمريكية في مختلف أنحاء العالم.

وترى مصادر البنتاغون أن العملية الإسرائيلية المحتملة ستلحق أضرارا جزئية ومؤقتة فقط بالمشروع النووي الإيراني، ولكنها ستنطوي على عواقب وخيمة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط ومناطق أخرى بحيث ستكون هناك موجة من الاعتداءات على أهداف أميركية في العراق والخليج وأماكن أخرى.

وأعربت تلك المصادر عن اعتقادها بأن إسرائيل قد تقوم بمثل هذه العملية من أجل منع إيران من استخدام نظام صواريخ بعيدة المدى اشترته إيران من روسيا. وأشاروا إلى أن إسرائيل أصبحت مصممة على القيام بعملية عسكرية ضد إيران قبل تولي الرئيس الأميركي الجديد مهام منصبه، حسب إذاعة quot;صوت إسرائيلquot;.

محللون: تهديدات إسرائيل لإيران تبدو خدعة حتى الآن

من جهتها إسرائيل تبدو راضية عن الابقاء على إيران وبقية العالم في حالة تكهن وترقب لما إذا كانت ستشن هجوما على منشآت نووية إيرانية أم لا ومتى تفعل. فهي لم تقم بجهد يذكر لتهدئة التكهنات التي اثارتها مناورات جوية اسرائيلية ضخمة الشهر الماضي وتصريح وزير اسرائيلي بان العمل العسكري quot;حتميquot; وتوقع المسؤول الاميركي السابق جون بولتون بان ذلك قد يحدث في الاسابيع الاخيرة من فترة ولاية الرئيس الاميركي جورج بوش.وتسخر ايران من هذا اللغو باعتباره quot;حربا نفسيةquot; وتهدد بعواقب وخيمة اذا وقع أي هجوم.

وتشعر دول الخليج العربية التي قد تكون صادراتها النفطية بين أهداف ايران الانتقامية بالقلق في حين ترتفع أسعار النفط الخام. وكتبت صحيفة جلف نيوز التي تصدر في دبي في عددها الصادر يوم الاثنين تقول quot;اذا كانت اسرائيل من الغباء بحيث تحاول شن هجوم على ايران كما هددت مرارا فان من حق طهران بالتاكيد الرد على الهجوم بمثله.quot; واضافت الصحيفة quot;لكن ذلك لا يلغي التوتر السائد بين الناس في المنطقة بسبب اعلان ايران أنها في اطار ردها الانتقامي سوف تغلق... مسارات النفط الخليجي.quot;

وربما يعتقد الاسرائيليون أن مجرد الحديث عن عمل عسكري قد يدفع ايران الى تغيير سلوكها أو على الاقل يحفز على عمل دولي أكثر تشددا لحمل طهران على وقف مساعيها النووية التي يقول الايرانيون انها تهدف فقط لانتاج الكهرباء وليس القنابل. وقال افرايم كام نائب مدير مركز جافي للدراسات الاستراتيجية في جامعة تل ابيب ان اسرائيل تفضل حتى الان ان تترك الضغوط الدبلوماسية تأخذ مداها.

وابلغ رويترز في القدس quot;الحديث (عن خيارات عسكرية) يهدف الى الردع والضغط على الاوروبيين لزيادة ضغوطهم على أمل ان يردع ذلك ايران.quot; ومع ذلك فان الجيش الاسرائيلي يفترض ان يكون يعد خططا طارئة نظرا لمخاوف اسرائيل العميقة من ان تهدد ايران مسلحة نوويا وجودها ذاته- رغم ان الدولة اليهودية لديها رادع نووي قوي خاص بها وان لم يكن معلنا.

وقال رئيس اركان الجيش السابق موشي يعلون للصحفيين الاسبوع الماضي quot; جيش الدفاع الاسرائيلي يجب ان يكون جاهزا لجميع الخيارات... عمل عسكري في ايران ليس بالامر السهل. يجب ان يكون الملاذ الاخير ولكن يجب ألا نستبعده.quot; ووصف فكرة بولتون بأن الهجوم الاسرائيلي قد يقع بين الانتخابات الاميركية في نوفمبر تشرين الثاني وبدء ولاية الرئيس الجديد في يناير كانون الثاني بانه quot; تكهن مثير للاهتمام جدا.quot;

وبولتون الذي يدعو الى استخدام العنف تجاه ايران لا يرى فرصة تذكر في أن تقوم ادارة بوش بذلك خاصة بعد ان افاد تقرير للمخابرات الاميركية العام الماضي بأن طهران أوقفت العمل على تصنيع قنبلة ذرية مع استمرارها في انشطة نووية أخرى. وزادت تقارير مسربة عن تدريب عسكري كبير قامت به اسرائيل فوق البحر المتوسط يوم الثاني من يونيو حزيران من الجدل الدائر بشأن موقف اسرائيل.

وقال مسؤولون أميركيون طلبوا عدم نشر اسمائهم ان التدريب شمل مئة طائرة لكنهم لم يؤكدوا او ينفوا تقريرا لصحيفة نيويورك تايمز افاد انه كان تدريبا على شن هجوم على ايران. ويقول بعض المحللين الامنيين أن حتى حملة جوية اميركية شاملة لن تتمكن سوى من تعطيل خطط ايران النووية لبضع سنوات. والقوات الاسرائيلية التي تعمل بعيدا عن ديارها لا تأمل في تدمير جميع المنشات النووية المحصنة المتناثرة.

وحذر محمد البرادعي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر الماضي من أن الهجوم على ايران سوف يحول منطقة الشرق الاوسط الى quot;كرة من نارquot; ويدفع طهران لمحاولة انتاج قنابل نووية بأسرع وقت ممكن. لكن اسرائيل قد تقرر المضي قدما على أي حال بعد دراسة جميع مخاطر الردود الانتقامية والاضطرابات الاقليمية والاضرار على الاقتصاد العالمي في وجه ما تراه تهديدا لوجودها.

وقال دبلوماسي اوروبي بارز quot;كل من يعرف الاسرائيليين يعرف انهم لن يقفوا مكتوفي الايدي متمنين الافضل. فهم يقدمون على مخاطر كبيرة من اجل امنهم.quot; واضاف quot;سيكونون حازمين بشدة ولن يخشوا استدراج اخرين في الامر.quot; ولكن هذه اللحظة لم تأت بعد.

وعندما قال شاؤول موفاز نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي الشهر الماضي ان الهجوم على ايران يبدو لا مفر منه في ضوء ما احرزته هذه الدولة على الصعيد النووي اتهمه منتقدون في الداخل بانه يستغل قضايا امن استراتيجية لتحقيق مكاسب سياسية. وقال كام من مركز جافي ان اسرائيل قد تتوقع انتقادات بسبب أي هجوم على ايران حتى من اقرب حلفائها في الغرب. وأضاف quot;لكني اعتقد في نهاية الامر انه سيكون هناك تفهم في الخارج وربما ايضا شعور في الغرب أن الاسرائيليين قاموا بالعمل القذر نيابة عنهم. ايران ليس لها الكثير من الاصدقاء هناك.quot;

وكثيرا ما حمت الولايات المتحدة اسرائيل حليفتها من انتقادات مجلس الامن الدولي لاعمالها العسكرية ضد الفلسطينيين وعرب اخرين. والهجوم على ايران ايا كانت عواقبه لن يختلف عن ذلك. وقال تريتا بارسي الخبير في علاقات الدولتين بايران والمقيم في واشنطن quot;من الصعب للغاية رؤية الولايات المتحدة تعاقب اسرائيل.quot; وأضاف quot;الولايات المتحدة قد تتبنى اسلوبا هادئا في حين تحتفل سرا بالهجوم.quot;

وقال بروس ريدل المسؤول السابق بوكالة المخابرات المركزية الامريكية ويعمل حاليا بمعهد بروكينجز ان كبار المخططين العسكريين الاسرائيليين يعتقدون ان مهمة لوقف برنامج ايران النووي قابلة للتنفيذ. وقال لرويترز في رسالة بالبريد الالكتروني مشيرا الى هجمات اسرائيلية سابقة على العراق وسوريا quot;التاريخ يشير الى ان اسرائيل ستستخدم القوة للابقاء على احتكارها للسلاح النووي في الشرق الاوسط.quot; وأضاف quot;الزعماء السياسيون في اسرائيل قد يرون الشهور الاخيرة من ولاية ادارة بوش الصديقة بمثابة فرصة.quot;

وقال ريدل مشيرا الى ان القوات الامريكية في الخليج والعراق قد تكون من الاهداف المرجحة لرد ايران الانتقامي وهو ما قد يثير بدوره حربا جديدة في لبنان ويدفع اسعار النفط الى ارتفاعات جديدة quot;واشنطن لها مصالح استراتيجية حيوية معرضة للخطر هنا وتحتاج لان تعلن بوضوح رؤيتها لحكمة او خطورة العملية الاسرائيلية.quot;

مستشار لخامنئي يحذر من الشعارات quot;الاستفزازيةquot;

بدوره حذر علي اكبر ولايتي مستشار المرشد الاعلى للجمهورية الايرانية اية الله علي خامنئي الثلاثاء مسؤولي البلاد من اطلاق الشعارات quot;الاستفزازيةquot; حول الملف النووي، في انتقاد ضمني للرئيس محمود احمدي نجاد. وقال ولايتي مستشار خامنئي للشؤون الدبلوماسية في مقابلة مع صحيفة quot;جمهوري اسلاميquot; ان quot;على المسؤولين والخبراء السياسيين (...) تجنب التصريحات والشعارات غير المنطقية والاستفزازيةquot;.

وبخصوص الملف النووي لفت ولايتي الى ان quot;مجموعة 5+1 تزن كل كلمة في تصريحاتها وشعاراتهاquot; معتبرا انه quot;ينبغي التفوه بكلام اكثر اتزاناquot;. وقال ولايتي الذي شغل فترة طويلة منصب وزير الخارجية quot;بعض الكلام قد يسبب لنا المشاكلquot;، في اشارة ضمنية الى التصريحات الحادة التي يدلي بها احمدي نجاد حول هذا الملف.

ودعا ولايتي للمرة الثانية خلال بضعة ايام الى بدء مفاوضات مع مجموعة الدول الست. وتابع ان quot;الذين يتحركون ضد مصالحنا يريدوننا ان نرفض عرض (الدول الكبرى) ومن مصلحتنا بالتالي الموافقة عليهquot;. ورأى ولايتي ان الولايات المتحدة quot;تسعى للقول بان لا فائدة من التفاوض مع ايرانquot; في حين quot;يقول الاوروبيون ان المفاوضات يمكن ان تفضي الى نتيجةquot;. واوحى بانه يرفض هذا الشرط المسبق اذ اوضح ان quot;على ايران التحرك بشكل فاعل من اجل التفاوض مع الاحتفاظ بمكتسباتها العلمية والتكنولوجيةquot;.