لاهاي : اعتبر الخبراء في القضاء الدولي الخميس ان المحكمة الجنائية الدولية قادرة بالرغم من العوائق على التأثير بعمق على المستقبل السياسي للرئيس السوداني عمر البشير، مستشهدين بسوابق في هذا الصدد مع الرئيسين الصربي سلوبودان ميلوشيفيتش والليبيري تشارلز تايلور.

وقد طلب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو الاثنين من القضاة اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني بتهمة ارتكاب quot;جرائب حرب وجرائم ضد الانسانية وابادة جماعيةquot; في اقليم دارفور في غرب السودان الذي تجتاحه الحرب الاهلية منذ 2003.

ويعود الان الى قضاة المحكمة دراسة الادلة التي قدمها المدعي واتخاذ قرار بشأن طلبه، وهذا يتطلب شهرين او ثلاثة اشهر.

وقال نيك غرونو نائب رئيس مجموعة الازمات الدولية انه quot;من غير المحتمل اصدار مذكرة توقيف على المدى القصير او ان يتم توقيف البشير في بلد اخر يرتبط معه باتفاق ثنائيquot; لان المحكمة الجنائية الدولية، على غرار المحاكم الدولية الاخرى، لا تملك قوة شرطة لتنفيذ مذكرات التوقيف وتعتمد على تعاون الدول.

لكن جيرار برونييه صاحب كتاب بعنوان quot;دارفور: ابادة غامضةquot;، استطرد قائلا ان المحكمة الجنائية الدولية quot;ستنزع صفة الشرعية (عن الرئيس السوداني) من خلال اصدار عقوبة جزائية لجرائمهquot;.

وذكر الخبراء كيف ان الاعلان عن توجيه المحكمة الخاصة بسيراليون الاتهام الى الرئيس الليبيري تشارلز تايلور في اليوم الاول من انعقاد قمة لمحادثات سلام في غانا، اثار سيلا من الانتقادات وحتى انه اغضب كوفي انان عندما كان امينا عاما للامم المتحدة.

ويذكر بيار هازان صاحب كتاب quot;محاكمة الحرب، محاكمة التاريخquot;، ان quot;تشارلز تايلور استقل بسرعة طائرة للعودة الى ليبيريا. وندد كل العالم بجنون المدعي العام الذي نسف عملية السلامquot;.

وتابع quot;لكن ذلك الاختبار الجديد للقوة ادى في نهاية المطاف الى تهميشه ثم نفيه الى نيجيرياquot; حيث تم توقيفه. ويحاكم تايلور حاليا امام المحكمة الخاصة بسيراليون في لاهاي.

وكذلك فان توجيه الاتهام الى سلوبودان ميلوشيفتش في خضم عملية قصف الحلف الاطلسي على صربيا quot;اسهم في تفتت حكمهquot; كما قال هازان.

وتوقع غرونو ان تكون احدى نتائج توجيه اتهام محتمل الى عمر البشير انه quot;سيفعل كل ما بوسعه لكي لا يخسر الحكم، ويمكن والحالة هذه ان نتوقع على سبيل المثال تأجيل الانتخابات المرتقبة العام المقبل او ان تشوبها اعمال عنفquot;.

وقال برونييه quot;نعلم ان الحرب ستستأنف. فلتستأنف، على الاقل سنكون في وضع نزاع حقيقيquot;.

واضاف quot;ان قوات المعارضة ستشعر بشرعية اكبرquot; آملا quot;ان يقوم السودانيون انفسهم باطاحة البشير وتسليمه تماما كما فعل الصرب مع ميلوشيفتشquot;.

وقد عارضت دول مثل الصين او روسيا، ولكن ايضا الاتحاد الافريقي او الجامعة العربية، توجيه اي اتهام محتمل الى البشير باعتبار ان ذلك من شأنه ان يضع آمال السلام quot;في خطرquot;.

وتساءل برونييه باستياء quot;اي عملية سلام هي التي تجري اليوم في السودان؟ اود فعلا الحصول على شرح لذلكquot;، مشيرا الى ان 450 الف شخص قتلوا في دارفور منذ 2003.

واضاف غرونو quot;ان العملية ستكون سياسية كلياquot;، فيما شدد هازان على quot;الفصامquot; في الامم المتحدة التي فوضت قبل ثلاث سنوات مدعي المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في دارفور وتقلق اليوم على قواتها هناك.

وعلى الذين يتهمون المحكمة الجناية الدولية بانها قضاء الغربيين بظلال استعمارية، وفي طليعتهم السودان، يرد الخبراء بان نحو ثلاثين دولة افريقية صادقت على قانونها الاساسي، مقابل 13 دولة اسيوية.