طلال سلامة من روما : تستقبل مدينة باليرمو، بجزيرة صقلية، السلطان قابوس بن سعيد، سلطان السلاطين . وستعيش باليرمو حلم ألف ليلة وليلة مع السلطان لغاية الثالث عشر من الشهر الجاري. كالعادة، تتميز زيارة السلطان قابوس لأي دولة من الدول الأوروبية بسلسلة من عمليات التنسيق مع السلطات المحلية لتأمين كافة أنواع الراحة والحماية، له ولفريقه. وتشمل الإجراءات الأمنية المتعلقة بمدينة باليرمو تسيير دوريات بحرية وجوية فضلاً عن حجز ثلاثة فنادق بخمس نجوم بأكملها من أجل استقبال فريق السلطان وتجهيزه بسلة من الغرف الخاصة باستقبال الضيوف والقيام بكافة الأنشطة المخطط لها.

في شهر مايو(أيار) الماضي، زار سلطان عُمان مدينة quot;باريquot; جنوب ايطاليا، ولم تخلو هذه الزيارة من تقديم هدايا فاخرة كما ساعات رولكس(قيمة كل واحدة منها عشرين ألف يورو) مما يذكرنا بشهامة عربية طالما اشتهر بها سلاطين الماضي. أثناء زيارته لمدينة باري، استلم رئيس بلديتها من السلطان قابوس مبلغ 3 مليون يورو ستستعمل لتقديم رزمة من المنح الدراسية لطلاب الجامعات فضلاً عن مبلغ 2 مليون يورو ستستخدمها مدينة باري لشراء أجهزة طبية لم تستطع شرائها من موازنتها الخاصة بسبب التقشف المالي الذي تتبعه حكومة روما مع جميع البلديات الإيطالية، من دون استثناء.

لم يظهر السلطان قابوس على شاشات وسائل الإعلام التلفزيونية الإيطالية. فهو يتفادى عقد لقاءاته أمام الكاميرات كونه يتميز بروح التحفظ نتيجة سيرته التعليمية الممتازة التي تلقاها بلندن. تنظر ايطاليا الى سلطان السلاطين بأنه بطل ثورة الحرية التي قادها ببلاده وأدت الى منح حق التصويت للنساء إضافة الى حق انتخابهن في البرلمان العماني. وبما أن شغفه الوحيد هو الموسيقى الكلاسيكية فان طلاب أكاديمية الموسيقى بإقليم quot;بولياquot; هم الذين سيستفيدون أكثر من غيرهم من المنح الدراسية التي استلمها رئيس بلدية باري.

ما تزال زيارة السلطان لمدينة باري، أولاً، والآن لباليرمو مغطاة بشيء من الغموض. يفيد بعض المراقبين أن الزيارة لها أهداف استثمارية. تتسرب الى مكتب ايلاف بروما أخبار متأتية من باليرمو تشير الى أن السلطان قابوس قد يستثمر 2 بليون يورو من أجل إعادة إحياء هذه المدينة، المشهورة بكونها قلب المافيا. يهدف هذا الاستثمار الى شراء المنطقة التي يقع فيها مرفأ باليرمو بأكملها ابتغاء تحويلها الى محور فاخر لاستقبال السفن السياحية وغيرها. هكذا، بدأ سكان باليرمو التحدث دون توقف عن سخاء السلطان قابوس وعن نهر الدولارات البتروكيماوية التي يحملها معه والتي قد تعتبرها المنظمات المافيوية بباليرمو استفزازاً متعمداً يصفع وجههم بجرأة عربية.

على الصعيد السياسي، ثمة طلب غير مألوف سيستلمه السلطان قابوس من ابنة صحفي، قتلته المافيا في الماضي، ترأس اليوم جمعية أسر ضحايا المافيا. فالعنصرية والإذلال التي تمارسه حكومة روما على هذه الجمعية باتت لا تطاق. لذلك، سيحاول سكان باليرمو الشرفاء إقناع السلطان الموافقة على افتتاح غرفة عمليات تابعة للجمعية الوطنية الإيطالية لأسر ضحايا المافيا مباشرة في عُمان. في الحقيقة، وبدلاً من إقدام حكومة روما على حماية أسر الرجال والنساء الذين قتلتهم المافيا بسبب إخلاصهم لوطنهم هاهي اليوم تقطع 300 مليون يورو عن الصندوق المخصص لضحايا المافيا. سيذهب هذا المبلغ لصالح قوات الشرطة التي قطعت حكومة روما بدورها عنها مبلغ مليار يورو.