توقف مفاوضات الإتفاقية لرفض العراقيين مسودة أميركية لها
حصانة الجنود الأميركيين والمتعاقدين تعيق توقيع الإتفاقية
أسامة مهدي من لندن: أكدت مصادر عراقية ان الخلاف حول حصانة الجنود والمتعاقدين الاميركيين تشكل العقبة الرئيسية حاليا أمام توقيع الاتفاقية الاستراتيجية طويلة الامد مع الولايات المتحدة حيث توقفت مفاوضات التوقيع عليها في الوقت الحالي اثر رفض العراقيين نسخة لها تضمنت بنودا لم يوافقوا عليها .
وقال رئيس كتلة الائتلاف العراقي الشيعي الموحد الحاكم في مجلس النواب علي الأديب أن حصانة الجنود والمتعاقدين الأميركيين في العراق تقف الان حجر عثرة امام التوصل لاتفاق بين العراق والولايات المتحدة الامر الذي ادى الى تعثر المفاوضات بصددها اثر رفض الجانب العراقي مسودة اميركية تضمنت بنودها رفضها الجانب العراقي . واضاف في تصريحات وزعها مكتبه اليوم أن المفاوضات العراقية الاميركية حول الاتفاقية قد توقفت قبل أسبوع اثر تقديم الجانب الأميركي صيغة عدها نهائية احتوت على نقاط رفضها المفاوضون العراقيون .
واوضح الاديب وهو قيادي في حزب الدعوة الاسلامية بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي ان الجانب الأميركي طلب مهلة 10 أيام ستنتهي بعد ثلاثة أيام للرد على اعتراضات الجانب العراقي على بنود رئيسية فيها . وقال ان وزيرة الخارجية الأميركية كوانداليزا رايس استجابت كانت قد استجابت خلال زيارتها الاخيرة لبغداد الشهر الماضي الى بعض الاعتراضات العراقية حول الاتفاقية لكن حصانة الجنود الأميركيين والمتعاقدين خارج إطار العمليات العسكرية لم يتم الاتفاق عليها بعد . واكد أن الحكومة العراقية ستكون مضطرة على عرض الاتفاق على مجلسي الوزراء والنواب في حال رفض الجانب الاميركي تعديل بند الحصانة القضائية الخاص بقواته والمتعاقدين معهم في العراق .
واشار رئيس الوزراء نوري المالكي امس الاول الى ان حكومته تنتظر رد الجانب الاميركي على مسودة عراقية مقترحة تحفظ للعراق سيادته ومصالح شعبه وستقدم الى مجلس النواب خلال عشرة ايام quot;فالنواب سيقررون قبول الاتفاقية او رفضهاquot;. ومن جهته قال رئيس مجلس النواب محمود المشهداني ان quot;هناك سبعة بنود خلافية بين بغداد وواشنطن تتطلب تعديلات عليهاquot; لكنه لم يحددها .
واشارت المصادر العراقية الى وجود توجه لتوقيع بروتوكول او ملحق أمني قبل نهاية العام الحالي لتوفير غطاء شرعي لوجود القوات الاميركية في العراق بشكل مؤقت ومن ثم يتم التوقيع على الاتفاقية طويلة الامد بشكل كامل بعد اتفاق طرفي المفاوضات . ويعتمد تواجد القوات الأميركية في العراق حاليا على تفويض من الأمم المتحدة ينتهي في الحادي والثلاثين من كانون الاول (ديسمبر) المقبل حيث رفضت الحكومة العراقية ان يكون الوجود الاميركي في العراق مفتوحاً وطالبت خلال المفاوضات بتحديد سقف زمني لايتجاوز ثلاث سنوات بحيث ينتهي الانسحاب الاميركي من العراق بنهاية عام 2011 . وجرت العادة خلال السنوات الماضية أن يجدد التفويض قبل نهاية كل عام بطلب من الحكومة العراقية التي ترى اليوم ان لا حاجة الى تمديده مجدداً.
وتشير المصادر الى توجه عراقي بتأجيل التوقيع على الاتفاقية الى حين انتهاء الانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لانها لاتريد الارتباط باتفاقيات مع ادارة سترحل خلال شهرين .. بينما ترغب الادارة الاميركية الحالية بتوقيع الاتفاقية قبل الانتخابات لتكون عاملا مساعدا في حملة الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه الرئيس جورج بوش للبقاء في البيت الابيض سنوات اخرى .
وتشير مسودة الاتفاقية الى ان الولاية القانونية على افراد القوات المسلحة الاميركية والعنصرالمدني داخل وخارج المنشآت والمساحات التي يستخدمها تلك القوات ستكون للولايات المتحدة الاميركية فيما يقترح العراق أن تكون الولاية القانونية للولايات المتحدة داخل المنشآت التي تستخدمها قواتها وخارجها اثناء اداء الواجب باستثناء الاعمال العمدية والخطأ الجسيم حيث اقترح الوفد العراقي أن تكون الولاية القضائية للعراق على افراد القوات المسلحة الاميركية والعنصر المدني عند ارتكابهم جرائم تسجل افعالا عمدية وخطأ جسيما والتي تخرق القانون العراقي. وتقترح الموسم ان يسلم اعضاء القوات الاميركية والعنصر المدني من الذين تم القاء القبض عليهم فورا للولايات المتحدة الاميركية واقترح العراق تسليمهم لسلطات الولايات المتحدة المختصة خلال 24 ساعة.
كما اقترح العراق تقديم قائمة بالمنشآت والمساحات التي ستتخذها القوات مقرات لها لغرض اعتبارها ملحقا بالاتفاق الامر الذي اشارت اليه الاتفاقية بأن تكون المساحات والمنشآت هي مساحات ومنشآت مملوكة للحكومة العراقية وتتخذها القوات اعتبارا من تاريخ توقيع الاتفاق وانها تحدد في قائمة تقدمها قوات الولايات المتحدة. وحول الفترة الزمنية لبقاء القوات فأن العراق قد اقترح بأن تنسحب القوات الاميركية من العراق فور تسلم القوات العراقية لملفاتها الامنية في تاريخ لا يتعدى الثلاثين من حزيران (يونيو) عام 2009 وسيتم الاتفاق بين الطرفين حول هذا الامر.
وقال الرئيس العراقي جلال طالباني الخميس الماضي ان السقف الزمني لوجود القوات الأميركية في العراق سيكون نهاية عام 2011 . واوضح أن هنالك بندا آخر quot;يعطي الحق للعراقيين في تمديد بقاء تلك القوات مدة إضافية طالما تطلب الوضع على الأرض ذلكquot;.
وقد اثيرت حصانة المتعاقدين مع القوات الاميركية بقوة اثر تورط عناصر مسلحة في شركة quot;بلاك ووترquot; الامنية الخاصة المتعاقدة مع وزارة الخارجية الأميركية في قتل 8 عراقيين بإطلاق النارعليهم عشوائياً اواخر عام 2006 الامر الذي اثار بشكل عام مشكلة الحصانة التي يتمتع بها عناصر الشركات الأمنية الخاصة العاملة في العراق خصوصاً هذه الشركة التي تعتبر أكبرها ويقدر عدد العاملين لديها بحوالي 20 ألف مجند يستخدمون الأسلحة ذاتها التي يستخدمها الجيش الأميركي بما فيها عربات هامفي والمروحيات ولا يعاقبهم القانون ويتقاضى كل عنصر منهم بين 500 و1500 دولار يومياً . وقد اعترف الجيش الأميركي بتورط عناصر من الشركة في الحادث الذي وقع في ساحة النسور في بغداد وهو مادفع الحكومة العراقية سحب الترخيص من شركة بلاك ووتر وإحالة المتورطين في الحادث على القضاء .
وتشير احصاءات الحكومة العراقية وتقارير تنشرها القوات الأميركية الى ما يزيد عن 100 شركة أمنية في العراق يزيد عدد عناصرها على 25 ألف مسلح قتل منهم بحسب تقرير للكونغرس نحو 200. وهم يوفرون الأمن والحراسة للبعثات الديبلوماسية والمسؤولين العراقيين وشركات الإعمار. لكن بعض الجهات تتهمهم بتنفيذ عمليات مسلحة خارج نطاق القانون . ويستعين مسؤولون وشركات تجارية بعناصرهذه الشركات في توفير الحماية الامنية اضافة الى مشاركتهم الجيش الاميركي في عملياته العسكرية وادارة السجون وتوفير الحماية لمؤسساته.
يذكر ان quot;إعلان مبادئquot; وقعه الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء نوري المالكي في كانون الأول ديسمبر الماضي كان من المؤمل التوقيع عليه في نهاية تموز (يوليو) الماضي ليدخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني (يناير) من العام المقبل لكن ذلك لم يتحقق . وتحكم الاتفاقية الأمنية طويلة الأمد تواجد القوات الأميركية في العراق بعد عام 2008 حيث يعتمد وجودها حاليا على تفويض من الأمم المتحدة يجدد عند نهاية كل سنة بطلب من الحكومة العراقية. وكان عدد من المسؤولين والقادة السياسيين العراقيين وفي مقدمتهم طالباني والمالكي قد أعلنوا مؤخرا أن العام 2011 سيكون الأخير لبقاء القوات الأجنبية في العراق فيما لم يصدر من المسؤولين الأميركيين أي تأكيد حول الموضوع.
التعليقات