طلال سلامة من روما: دفعت أسعار النفط المرتفعة الأمراء الخليجيين الى التخطيط لبناء مشاريع ضخمة من شمال ايطاليا الى جنوبها. فهل عاد العرب بتاريخهم الى أيام المجد القديمة؟ وما هو تأثير الخليج الغني، سياسياً واقتصادياً، على القارة الأوروبية بخاصة على ايطاليا التي تعاني أكثر من بقية الدول الأوروبية في كافة المجالات. في المقام الأول، نجد سلطان عمان، قابوس بن سعيد، الذي يستهدف سوية مع نخبة من المستثمرين العرب جزيرة صقلية.

وتتفرع طموحات جلالة سلطان عمان لتحتضن بناء مجمع سياحي فخم في محافظة quot;أغريجينتوquot; بصقلية عن طريق استثمار مقداره أكثر من 100 مليون يورو، إضافة الى إنفاق أكثر من مليوني يورو لإنعاش ميناء مدينة باليرمو ومحيطها. ولن تصطدم خطة سلطان عمان بأخرى يقف ورائها أمير دبي أحمد بن سليمان الذي يريد ترميم القلب التاريخي لمدينة quot;سيستو سان جيوفانيquot;، دوماً بجزيرة صقلية، التي هجرتها حكومة روما منذ زمن سحيق. ستهتم شركة quot;ليميتليسquot;، المملوكة الى أمير دبي، بهذه المدينة القديمة. لذلك، فان الدور الاقتصادي الذي سيلعبه السلطان قابوس وجلالة أمير دبي بعيد خطوة واحدة عن بيت السياسة الإيطالي. فالنفوذ المالي يعني أوتوماتيكياً المشاركة في الحياة السياسية.. وربما قراراتها.

في موازاة الخطوة الاستثمارية الإماراتية، لن يستثمر السلطان قابوس هنا مباشرة بواسطة شركته المعروفة باسم شركة عمان للاستثمارات (Oman Investment Company) إنما عن طريق شركة إيطالية تنظر الى بناء منتجعات سياحية في آسيا انطلاقاً من عمان.

على الرغم من عدم تضارب أم تشابك مصالح أغنياء الخليج هنا، إلا أن توخي الحذر واجب مقدس لا سيما ان تكلمنا عن جزيرة صقلية التي هي معقل المافيا التي تتخذ من مدينة باليرمو عاصمة لها. بمعنى آخر، على المستثمرين الخليجيين التعايش من حاجات المافياويين الإيطاليين منهم! ولن يتم أي احتكاك غير مؤذ بين العرب والمافيا إلا عن طريق بعض quot;الأزقةquot; السياسية التي ينبغي تنظيمها بصورة تليق بالطرفين.

مما لا شك فيه أن ايطاليا تنظر بتقدير واحترام الى التوسع العربي الاقتصادي في الخارج بيد أن الضوء الأخضر لإنجاح الاستثمارات العربية هنا يمر بدربين موازيين، هما سلطات روما المختصة، من جهة، وزعماء المافيا، من جهة أخرى. في الحالتين، يصطدم الخليجيون بخطط اقتصادية سياسية ليست سهلة الفهم عليهم.