البرلمان الإيراني لايتوقع من أوباما مهاجمة إيران
خبراء إيرانيون مطمئنون لإنشغال إسرائيل بالحرب في غزة
خسرو علي أكبر من طهران: تطرق تقرير أعده مركز الدراسات والبحوث في البرلمان الايراني إلى الأسباب التي منعت الولايات المتحدة من استخدام الخيار العسكري ضد طهران في الأيام الأخيرة من رئاسة جورج بوش، وحسب هذا التقرير الذي نوقش في البرلمان الايراني مؤخراً فان البيت الأبيض كان قد وضع خطة لمهاجمة إيران في آخر شهر من إقامة بوش في البيت الأبيض، وشاركت في التقرير لجنة من كبار الخبراء الايرانيين في المركز المذكور والذي يقوم بدور استشاري لاعضاء البرلمان. وقد تم البدء بإعداد هذا التقرير بعد فوز المرشح الديمقراطي باراك اوباما، مما يدل على توقعات واستعدادات ايرانية لمواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة.
ووفقا لهذا التقرير المكون من أربعين صفحة، سعى المحافظون الجدد في حكومة بوش الى استخدام الخيار العسكري إنطلاقاً من اعتقادهم بعجز الادارة الاميركية المقبلة على مواجهة إيران وتحجيم دورها في المنطقة، وهو الخيار الذي يرغم الديمقراطيين على انتهاج سياسة متشددة تجاه طهران ويضعهم امام سياسة الأمر الواقع. وتعكس أكثر من رقعة جغرافية استراتيجية جوانب من الخصومة بين البلدين الا ان التقرير المذكور يؤكد ان القضية الخلافية الاساسية بين البلدين تتمثّل برفض واشنطن للمشروع النووي السلمي الايراني.
ويعتقد الخبراء في مركز الدراسات والبحوث ان الادارة الأميركية حاولت بشتى الطرق المرفوضة الضغط على ايران لحرمانها من التقنية النووية الاستراتيجية وقد نجحت واشنطن في تغيير مجرى القضية النووية الايرانية من بعدها القانوني وتحويلها الى مسألة سياسية، ولعل اهم انجاز حققته اميركا في هذا المضمار اخراج الملف النووي الايراني من اشراف وكالة الطاقة الذرية وتحويله الى مجلس الأمن الدولي الذي أصدر خمسة قرارات تتضمن عقوبات بحق ايران لتعليق برنامجها النووي السلمي.
ولم تغفل الادارة الاميركية المجال الاقتصادي في سياستها المخاصمة لايران. فأصدرت عقوبات ضد الشركات الاجنبية المتعاونة مع ايران وتثبيت اسمائها في اللائحة السوداء، اضافة الى ضغوط على بنوك وشركات ايرانية خارج ايران. لكن إصرار الايرانيينعلى مواصلة مشاريعهم النووية ضاعف احتمال لجوء البيت الأبيض الى توظيف الحلول العسكرية،وكان متوقعا ان تحدث مواجهة بين البلدين منذ وضع الرئيس الاميركي بوش، ايران ضمن دول محور الشر الى جانب العراق quot;في عهد نظام صدام quot;وكوريا الشمالية.
ويشير التقرير الى انخفاض احتمال استخدام الخيار العسكري مع إقصاء المحافظين الجدد الداعين إلى مهاجمة ايران من مناصبهم في الادارة الأميركية، ويعتبر التقرير كلا من ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي وجون بولتون السفير الأميركي السابق في الأمم المتحدة و السيناتور جوزيف ليبرمان على قائمة المؤيدين لاستخدام القوة ضد ايران، ويرى هذا الفريق أن الخيار العسكري سيضمن اضافة الى شل المشروع النووي حسر وتحجيم النفوذ الايراني في كل من افغانستان والعراق ولبنان وفلسطين، في الجهة المقابلة رجح وزير الدفاع روبرت غيتس ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الضغوط السياسية والاقتصادية على الخيار العسكري واعتبروها اكثر تأثيرا في ارغام ايران على تعليق انشطتها النووية.
ويؤيد تقرير البرلمان الايراني سببا اخر اعتمده الموافقون على استخدام القوة العسكرية ضد طهران quot;ويرى هذا الفريق ان الدعم الذي تقدمه ايران لفصائل موالية لها لقتل الجنود الاميركيين في العراق هو بمثابة اعلان حرب ضد اميركا، والحل العسكري هو أفضل حيال الحكومة الايرانية quot;.
وحسب خبراء ايرانيين فان السبب الأكثر أهمية بالنسبة إلى الفريق المؤيد للحرب على ايران هو التزام أميركا بواجبها في الحفاظ على أمن اسرائيل من تهديدات الصواريخ والسلاح النووي الايراني،وان استهداف المنشآت النووية الايرانية وتدميرها في الايام الأخيرة من ولاية بوش سيحقق الهدف المذكور، خصوصا وان حكومة اوباما التي ستتسلم زمام الامور لن تكون بمستوى من الاقتدار يؤهلها إلى تدمير المفاعل النووية الايرانية من وجهة نظر كبار دعاة خيار الحل العسكري في الادارة الاميركية.
ويعتقد محللون للشؤون الدولية ان عدة اسباب رجّحت انتفاء الخيار العسكري وانتصار فريق المؤيدين للضغط على ايران عبر الصعد الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية، وأهمها انتشار المنشآت النووية الايرانية في أكثر من 30 نقطة في مناطق متباعدة في ايران واستحالة تدميرها جميعا، كما ان استهدافها سيمنح الايرانيين شرعية سعي طهران لامتلاك اسلحة نووية على اعتبار انها تعرضت لعدوان خارجي يمنحها الحق في عدم الاكتفاء بالجانب السلمي في مشروعها النووي، كما ستحتد المواجهة بين طهران وواشنطن في النقاط الساخنة اي العراق وافغانستان ولبنان وفلسطين، يضاف الى ذلك ان الخيار العسكري سيرفع من التفاف الشعب الايراني بكافة قومياته حول القيادة السياسية في البلاد ويمنح النظام الايراني مزيدا من التأييد الجماهيري.
وحسب مصادر مطلعة فان الخيار الوحيد الذي كان مفتوحا أمام المتشددين تجاه ايران في البييت الأبيض هو إعطاء الضوء الأخضر لاسرائيل في مهاجمة المفاعل النووية الايرانية، الا ان خيارا من هذا القبيل لم يعد ممكنا نظرا إلى الظروف الصعبة التي تواجه قادة الكيان الصهيوني في حربهم ضد الفلسطينيين في غزة.
التعليقات