طلال سلامة من روما: لا يمتلك سيلفيو برلسكوني، رئيس الوزراء الحالي، خبرة في السلك القضائي لكنه يعتقد بأن اتهام quot;أنتونيو دي بياتروquot;، زعيم حزب quot;قيم ايطالياquot;، من جانب جهات معينة بوقوفه وراء التحريات والتحقيقات القضائية التي طالت الحزب الديمقراطي اليساري عار من الصحة والسلامة العقلية. يكفي النظر الى العدد الكلي للقضاة الإيطاليين، الخارجين عن أي سيطرة حكومية، لنجد أنه يتجاوز ألفي قاضياً ما يعني أن كل قاض من هؤلاء القضاة يعتبر شظية جنونية خطرة يمكنها استهداف أي شخصية سياسية أم ديبلوماسية مقيمة بإيطاليا.

علاوة على ذلك، يتمسك برلسكوني، كرئيس وزراء، بموقف سياسي عادل يضمن حقوق الجميع لا سيما حق التعبير الديموقراطي لخصومه السياسيين حتى لو كان بصورة شبه دائمة على شكل حرب ضروس تسعى الى تشويه سمعته. مع ذلك، ما يزال برلسكوني يحتفظ بدرجة ثقة عالية من قبل الناخبين الإيطاليين تحوم حول 65 الى 70 في المئة. وبدلاً من تعرية برلسكوني من أسلحته السياسية الواعظة الذكية هاهم اليساريين يعانون بدورهم من قبضة القضاة المؤلمة، التي تستهدفهم في أكثر من إقليم إيطالي استراتيجي لأسباب متعلقة بالفساد المالي.

بما أن برلسكوني خبير بمدى قساوة هذه القبضة القضائية الفولاذية، القادرة على الإطاحة به من منصبه في لحظة واحدة لولا موافقة البرلمان ومجلس الشيوخ الإيطالي على تحصينه من جميع الجوانب وكأنه داخل سيارة أوباما الهجينة المضادة للدروع، فانه يتريث في الضحك من معاناة حزب فالتر فلتروني القضائية. لا بل يفضل الابتعاد عن التعليق ربما بانتظار صدور الأحكام بحق المسؤولين اليساريين المتورطين في قضايا فساد لا نهاية لها. علماً أن كل حكم هنا مقسم الى ثلاثة درجات لإفساح المجال وحق الاستئناف أمام المتهمين. بيد أن الدرجة الثالثة من الحكم نهائية ولا يستطيع التدخل بها إلا وزير العدل بتوصية من رئيس الجمهورية.

غريبة هي سياسة ايطاليا! إذ طالما آمن اليسار بأنهم تيار مختلف لديه العصا السحرية للتحكم بآلية الأخلاقية السياسية. لكن ما يحصل منذ الخريف الماضي يبرهن العكس وهذا يحض برلسكوني على الاعتقاد أن جميع الأحزاب السياسية، على غرار البشر، هم سواسية معرضين للوقوع في شهوة الخطأ.