يبدو أن المفاعل النووي السري الذي تم الكشف عنه مؤخراً في مدينة quot;قمquot; الإيرانية لن يكون مصدر القلق الوحيد لتل أبيب، حيث تكشف اليوم مجلة quot;فورين بوليسيquot; الأميركية تقريرا ً تحليليا ً مطولا ً تتحدث فيه عن أجواء والذعر والقلق التي تسيطر الآن على القيادة العسكرية والسياسية في تل أبيب نتيجة المساعي التي تبذلها طهران حاليا ً لامتلاك صواريخ أرض- جو روسية الصنع ( صواريخ مضادة للطائرات )، حيث نظرت المجلة إلى هذا التطور على أنه الأزمة الحقيقية التي طرأت على خط المواجهة بين طهران وتل أبيب. وفي هذا الإطار، تنقل المجلة عن خبراء ومحللين عسكريين تقديرات تفيد بأنه في حالة إتمام تلك الصفقة بين موسكو وطهران، فإنها ستُقرِّب بشكل كبير من تنفيذ تل أبيب لوعودها المتعلقة بشن ضربة عسكرية ضد إيران.
في الوقت الذي يرى فيه الخبراء أن أمام إيران عام كامل على الأرجح حتى تتمكن من امتلاك سلاح نووي فاعل، يشيرون إلى أن صفقة الصورايخ الروسية ndash; التي قد تضمن توفير الحماية لمنشآت إيران النووية من خطر التعرض لأي هجوم - ربما تتم في أي وقت. ما جعل المجلة تمضي لتقول إنه ولهذا السبب، تسارع الإدارة الإسرائيلية الآن للتعامل مع تلك القنبلة الزمنية الموقوتة. فيما أوضحت المجلة أن تلك الصواريخ مسار الجدل هي صواريخ S-300 المكافئة لصواريخ باتريوت الأميركية. وتتميز تلك الصواريخ بسرعة رد الفعل، وقد تم تصميمها خصيصا ً للزود عن مناطق واسعة من المجال الجوي ضد الطائرات والصواريخ الباليستية في حالة التعرض لهجوم.
وتشير الصحيفة في محور ذو صلة إلى أنه وفي الوقت الذي لم تجرى فيه أي اختبارات مطلقا ً لتلك النوعية من الصواريخ وسط أجواء وظروف قتالية، يثمن خبراء عسكريون قدرات وإمكانات تلك الصواريخ، لاسيما النوعيات الأكثر حداثة مثل الصواريخ طراز PMU-2 ( التي تعرف اختصارا ً في الغرب بـ SA-20B ) وهو الطراز الذي يمكنه تقفي أثر 100 هدف في الوقت الذي يتمكن فيه من استهداف 12 هدفا ً. ويتمكن أيضا ً من ضرب الأهداف من على بعد مسافة تصل إلى 120 ميل. وهنا، تنقل المجلة عن سيمون ويزيمان، من معهد استكهولم الدولي لأبحاث السلام المنوط بمراقبة شحنات الأسلحة حول العالم، قوله :quot; تلك الصواريخ من نوعية الأسلحة شديدة التطور من الناحية التكنولوجية. حيث لا يقتصر تأثيرها على نطاق يبلغ مساحته اثنين أو ثلاثة كيلومترات. ويمكن اعتباره بالفعل سلاحا ً غاية في الأهميةquot;.
وتنوه المجلة في ذات السياق إلى أن روسيا سبق لها وأن عرضت على إيران فرصة شراء صواريخ S-300 في عام 2005، إلا أنها سحبت هذا العرض بعد ذلك نتيجة للخلافات الدبلوماسية التي أحاطت ببرامج إيران النووية. وفي عام 2007، قامت طهران بتوقيع اتفاقية لشراء العديد من بطاريات S-300 ، أو هكذا بدا الأمر على أقل تقدير. كما سادت حالة من الفوضى والارتباك بخصوص تلك الصفقة منذ ذلك الحين. فيما سبق لرئيس الوكالة العامة الروسية لصادرات الأسلحة أناتولي ايسايكين أن أكد على أن الدولتين ( إيران وروسيا ) يجريان مفاوضات بشأن تلك الصفقة في سبتمبر / أيلول عام 2008. وفي أبريل / نيسان الماضي، قام نائب وزير الخارجية الإيراني مهدي سافاري بزيارة إلى موسكو من أجل تحريك الأمور، وحينها أعلن قائلا ً :quot; ليس هناك من مشكلات بخصوص تلك الاتفاقيةquot;. لكن لم يتم تسليم أي من تلك الصواريخ إلى الإيرانيين حتى الآن، حسبما أفادت فورين بوليسي.
وبالتزامن مع ذلك، بدا من الواضح أن هناك حالة من القلق لازالت تهيمن على الجانب الإسرائيلي الذي حاول على مدار شهور أن يدخل في تحالف مع نظيره الروسي للحيلولة دون تسليم الصواريخ لإيران. وتشير المجلة في هذا الإطار إلى سلسلة الزيارات التي قام بها مسؤولون إسرائيليون إلى موسكو خلال الأشهر القليلة الماضية، بدءا ً من زيارة وزيرة الخارجية أفيغدور ليبرمان في يونيو/ حزيران الماضي، وزيارة الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في أغسطس / آب الماضي، ونهاية بالزيارة السرية التي أثارت حولها موجة كبيرة من الجدل لرئيس الوزراء بنيامين نيتنياهو في سبتمبر / أيلول الماضي.
وفي محور آخر ذو صلة، تشير المجلة إلى أن إسرائيل تدرك الآن أن إيران تمتلك الآن نفس نوعية الصواريخ التي امتلكتها سوريا وقت أن قامت بشن هجوم على احد المواقع الذي اشتبه في كونه موقعا ً نوويا ً بسوريا في سبتمبر / أيلول عام 2007 وهي الصواريخ التي لم تحول دون وقوع الهجوم - أما الصورايخ الروسية المتطورة التي تسعى إيران لامتلاكها الآن فستحول دون وقوع أي هجوم جوي إسرائيلي على طهران. وفي مقابل ذلك، سبق للمسؤولين الروس ndash; بمن فيهم الرئيس ديمتري ميدفيديف نفسه - أن أكدوا على حق الإيرانيين في إمتلاك أي أنظمة دفاعية يرغبون في امتلاكها ( مشددين في الوقت ذاته على أن ذلك لا يمثل انتهاكا ً للحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على تزويد إيران بالتكنولوجيا المرتبطة بمشروعها النووي ).
وفي جزئية أخرى هامة، تلفت المجلة الانتباه إلى أن الخطوة التي أقدم عليها مؤخرا ً الرئيس الأميركي باراك أوباما بإلغاء خطط نشر الدرع الصاروخية في شرق أوروبا قد تشتمل على خطوة مضادة من جانب روسيا لوقف تسليم شحنات صواريخ إس- 300 لطهران. فيما حذرت المجلة في نهاية تقريرها من خطر حدوث عمليات خداع فيما وراء الكواليس، وقالت أنه قد بات يتعين الآن على الإسرائيليين ( وكذلك الأميركان ) أن يراقبوا عن كثب كل طائرة شحن روسية تدخل المجال الجوي الإيراني، بالإضافة للسفن التي تسافر بين البلدين عبر بحر قزوين. وبالنظر إلى واقع الأجواء المتوترة، فإنه من السهل تصور مكوث القوات الإسرائيلية الخاصة في الصحراء خارج مدينتي quot;ناتانزquot; وquot;اراكquot;، ومراقبتها عن كثب لجميع ما يحدث في المناطق الريفية المجاورة، وأنها على أهبة الاستعداد لشن هجمتها عندما يحين الوقت.
التعليقات