تخلو جعبة المعارضة المصرية من مرشح قوي ينافس الرئيس حسني مبارك ونجله جمال قبل زهاء سنتين لدخول المعركة الرئاسية المقبلة في خريف 2011، فيما تتزايد التساؤلات حول هوية الرئيس المقبل. هذا وتبرز أنباء على الساحة المصرية ان أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى قد يترشح الى المنصب خلفا لمبارك، الا ان التوقعات تدور في فلك الحزب الحاكم صاحب الحظ الأوفر في الوصول الى الكرسي الرئاسي مع استحالة منافسة اى مرشح مستقل أمام مرشح الحزب الوطني.
القاهرة: قبل سنتين تقريبا من موعد الانتخابات الرئاسية المصرية فى خريف عام 2011 ، وتزامنا مع بدء السنة التاسعة والعشرين لحكم الرئيس مبارك، الذى تولى السلطة فى 17 اكتوبر 1981 خلفا للرئيس أنور السادات، زادت الأسماء المطروحة للترشح على منصب الرئاسة فى مصر واشتعلت التكهنات حول الرئيس القادم ، بعد ان اعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية وزير الخارجية الأسبق عمرو موسى إمكانية ترشحه لرئاسة مصر فى الانتخابات القادمة. وبالرغم من ان بعض القوى السياسية طرحت فى وقت سابق اسماء تتمتع بثقل دولى مثل الدكتور البرادعي واحمد زويل للتنافس فى انتخابات الرئاسة القادمة ، الا ان الخبراء يتوقعون ان تكون الانتخابات الرئاسية القادمة استعراضا لرجل واحد فقط quot;ون مان شو quot;. هو quot;رجل الحزب الوطني quot;.
اثار إعلان الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إمكانية ترشيحه على منصب الرئاسة فى الانتخابات القادمة المزمع عقدها فى عام 2011 الكثير من الجدل والتكهنات حول رئيس مصر المقبل. وبالرغم من ثقل شخصية موسى وشعبيته وخبرته السياسية ، إلا أن هناك قواعد إجرائية لا بد ان تنطبق عليه، وهى الشروط التي حددتها المادة 76 من الدستور، والتي تضمن استحالة منافسة اى مرشح مستقل أمام مرشح الحزب الوطني، بحسب الخبراء . quot;من حق اي مواطن ان يتطلع الى ترشيح نفسه على منصب رئاسة الجمهورية لكن ان يقبل ترشيحه فهذا شئ آخر quot;، هكذا قال جمال عودة أستاذ العلوم السياسية ، مشيرا فى حديثه الى quot;إيلافquot; الى أن quot; هناك شروط وقواعد يجب ان تنطبق على المرشح حددتها المادة 76 التي تم تعديلها فى التعديلات الدستورية الأخيرة quot;.
و يجب على موسى او أي مرشح مستقل وفقا لهذه المادة ان quot; يؤيده للترشيح على منصب الرئاسة 250 عضواً على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات، على ألا يقل عدد المؤيدين عن خمسة وستين من أعضاء مجلس الشعب وخمسة وعشرين من أعضاء مجلس الشورى، وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبي محلي للمحافظة من أربع عشرة محافظة على الأقلquot;. ومن الصعوبة من وجهة نظر الخبراء أن يحقق شروط المادة التي أثارت جدلا كبيرا خلال تعديلها فى عام 2005 ، حيث ان الحزب الوطني يسيطر على أغلبية البرلمان بغرفتيه الشورى والشعب وكذلك المحليات.
وتستثنى المادة المعدلة من الشروط السابقة الأحزاب التى مضى على تأسيسها 5 اعوام متصلة قبل اعلان فتح باب الترشيح واستمرت طوال هذه المدة في ممارسة نشاطها مع حصول أعضائها في آخر انتخابات على نسبة خمسة في المئة على الأقل من مقاعد المنتخبين في كل من مجلسي الشعب والشورى. ، فيحق لها وفق نص المادة quot;أن ترشح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاء هيئتها العليا وفق نظامها الأساسي متى مضى على عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة على الأقلquot;.
ولذلك فى ظل هذه القيود لا يستطيع عمرو موسى او غيره الترشح إلا بعد انضمامهم الى احد الأحزاب القائمة، وتصعيدهم للهيئة العليا بها. quot;لكن هذا قد لا يضمن أيضا ترشيح المتقدم ، إذا لم يكن ينعم برضا الحزب الوطني و الأمن ولجنة الأحزاب quot; ، بحسب قول عبد الحليم قنديل المنسق العام لحركة كفاية ، مضيفا لإيلاف ان الجهة المنوط بها مراقبة الأحزاب بالموافقة أو إلغاء او تجميد نشاطها هى لجنة شئون الأحزاب التى يرأسها رئيس مجلس الشورى السيد صفوت الشريف، الشخصية الثانية فى الحزب الوطني من حيث النفوذ ، quot;ولذلك لا يمكن ان نتوقع ترشيح الأحزاب لمرشحين من الهيئة العليا يتمتعون بشعبية فى الشارع او تحالفهم ذرة أمل فى الفوز في الانتخاباتquot; .
وكان عمرو موسى الذى طرحته منتديات ومجموعات سياسية على شبكة الانترنت قد أكد فى حوار مع جريدة الشروق نشر أمس، quot; أن من حق كل مواطن لديه القدرة والكفاءة أن يطمح لمنصب يحقق له الإسهام في خدمة الوطن بما في ذلك المنصب الأعلى، مشيرا إلى أن quot;صفة المواطنة وحقوقها والتزاماتها تنطبق عليّ كما يمكن أن تنطبق عليك كما يمكن أن تنطبق على جمال مباركquot;. لكنه لم يتخذ قرار في هذا الشأن ، قائلا:quot; ان اتخاذ قرار بهذا الشأن يخضع لاعتبارات عـدة وما زلنا بعيدين بعض الشيء عن وقت اتخاذ قرار في هذا الشأن quot; .
وبالرغم من ان مراقبين اعتبروا تصريح وزير الخارجية الأسبق ( 1991-2001 ) بأنه تطور على درجة كبيرة من الأهمية، ويعكس سقوط الكثير من المحرمات والخطوط الحمراء السابقة ، خاصة انه أول مرة يعلن عن ذلك ، إلا أنهم استبعدوا فى الوقت نفسه خوض موسى انتخابات محدد فيها الفائز سلفا وهو مرشح الحزب الوطني الحاكم .
ولم يحدد الحزب الوطني مرشحه للانتخابات القادمة ، ومن غير المتوقع ان يتم ذلك أيضا فى مؤتمر الحزب القادم التي تجري له الاستعدادات حاليا ، كما لم يحدد الرئيس مبارك الذى تنتهي ولايته الخامسة فى عام 2011 موقفة من الترشح لولاية سادسة .
ويكتسب تصريح موسى أهميته فى وقت تحاول فيه قوى المعارضة المصرية البحث عن مرشح قوي ضد الرئيس مبارك او نجله أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني جمال مبارك. فبالرغم من ان الرئيس مبارك استبعد حدوث ما يسمى بتوريث السلطة فى مناسبات عديدة ، ويكتفي جمال مبارك فى الإجابة على الأسئلة حول خلافته لوالده بالقول quot;انها أسئلة افتراضية quot; إلا انه يسود اعتقاد واسع وسط المعارضة بان خطة توريث الحكم بدأت ، وعزز من هذا الاعتقاد الصعود السريع لجمال مبارك المصرفي السابق الى منصبه البارز الحالي فى الحزب الوطني .
وتسابقت قوى سياسية فى الأيام القليلة الماضية فى طرح عدد من الأسماء للتنافس على منصب الرئيس مثل رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي ، والعالم الدكتور الحائز على جائزة نوبل فى الكيمياء أحمد زويل والطبيب الشهير محمد غنيم وأسماء أخرى سجلت تفوقا مهنيا بارعا فى مجالاتها . لكن لم يبد أحد إمكانية ترشحه. وفى الوقت الذى أعلن فيه البرادعى انه سيفكر فى الأمر بعد تركه منصبه فى الوكالة الشهر القادم ، لم يرد زويل على الجانب الأخر ، فيما أعلن المحامى القبطي ممدوح رمزي ترشيح نفسه.
وينتقد خبراء اختيار مرشح رئاسة الجمهورية على أساس التفوق فى المجال العلمي والمهني . quot;النجاح فى المجال المهني شيء ، ورئاسة الجمهورية شيء آخر quot;، وفقا للباحث فى الشئون السياسية طارق عثمان، مضيفا أنه quot;من الأجدى لمنصب رئاسة الجمهورية ،الذين خاضوا تجربة العمل السياسي ويحملون فى نفس الوقت مشروعات سياسية للتغيير quot;.
ولخص الكاتب الصحفي محمد الدسوقي رشدي فى مقاله بصحيفة اليوم السابع رؤيته لمرشح الجمهورية قائلاquot; ان مصر ليست بحاجة الى خبير علاقات دولية، quot;مصر فى حاجة إلى رجل يبنى بصدق هذا الداخل الذى ينهار، رجل على دراية بالتغيرات التى حدثت للشعب المصرى فى السنوات العشر الأخيرة، يمتلك من الصبر ما يجعله قادرا على أن يأخذ من هنا ليضع هناك، ويعيد توزيع كل الأدوار بشكل عادل حتى يقف هذا الشعب على قدميه مرة أخرى، ولا يذهب هذا البلد ضحية فوضى الطوابير والمحرومين من الطعام والحريةquot;.
التعليقات