تشهد تونس غدا انتخابات رئاسية ربما تتجدد فيها البيعة للرئيس الحالي زين العابدين بن علي، الا ان المعركة ليست غائبة عن الساحة السياسية حيث يشارك في الانتخابات الرئاسية أربعة مرشحين يتقدمهم الرئيس الحالي كما تحولت مواقع الكترونية الى أحدث ساحة للتنافس الانتخابي حيث يرى معارضون ان اللجوء الى الفيسبوك أصبح ضرورة فرضها ضيق قنوات الاتصال الجماهيرية واحتكارها من طرف واحد مشارك في المعركة الانتخابية.

تونس، وكالات: اعتاد عماد أن يقضي ساعات طويلة كل يوم أمام جهاز الكمبيوتر ليناقش مع أصدقائه على منتديات الانترنت عدة موضوعات من بينها السياسة والانتخابات التي قال انه لا يمكنه الحديث عنها في المقهى أو مع الأصدقاء. وقال هذا الشاب الذي يبلغ عمره 25 عاما انه لم يكن يهتم من قبل بالسياسة أصلا وان اهتماماته لم تكن تتجاوز الرياضة والحديث عن فريقه المفضل في كرة القدم. لكنه اعترف بأن موقع الفيسبوك جعل اهتماماته تتغير وجعل السياسة تقتحم حياته من أوسع الأبواب.

وتحول الموقع الاجتماعي فيسبوك خلال الأشهر الأخيرة الى أحدث ساحة للتنافس الانتخابي. واحتلت كل الاحزاب السياسية في البلاد مواقع لها في هذا الموقع الذي يضم نحو 850 ألف مشترك تونسي قصد استقطاب شبان مثل عماد وغيره للتصويت لها في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تجري يوم الاحد 25 اكتوير تشرين الاول.

ويشارك في الانتخابات الرئاسية أربعة مرشحين يتقدمهم الرئيس الحالي زين العابدين بن علي ممثلا لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي واحمد ابراهيم عن حركة التجديد ومحمد بوشيحة عن حزب الوحدة الشعبية واحمد الاينوبلي عن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي. ويتوقع ان يفوز الرئيس بن علي الذي يحكم البلاد منذ 22 عاما بولاية رئاسية خامسة دون عناء.

لكن محللين يتوقعون ان تدور رحى المنافسة على جزء من مقاعد البرلمان البالغ عددها 189 مقعدا والتي يسيطر الحزب الحاكم على 80 بالمئة منها. وبرز الشبان خلال الانتخابات السابقة بمشاركتهم الضعيفة لذلك لجأت الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات الحالية الى الانترنت قصد استقطاب أكثر ما يمكن من هذه الفئة المهمة.

وسيتمكن في انتخابات يوم الاحد المقبل نحو 450 الف شاب تونسي يتراوح عمرهم بين 18 و20 عاما من التصويت لأول مرة بعد تعديل على قانون الانتخاب. ويمثل الشبان قرابة نصف سكان تونس البالغ عددهم أكثر من عشرة ملايين نسمة. بدأت يوم 11 الشهر الحالي بل بدأت بالفعل حملاتها على الانترنت منذ أكثر من شهر.

وبدأ حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم في بث صور وتسجيلات فيديو لمرشحه زين العابدين بن علي على الفيسبوك منذ اشهر اضافة الى تغطية اخباره وأنشطته وخطاباته. وتمكن بالفعل منظمو حملة بن علي على الانترنت من جمع مساندة عشرات الالاف من الاعضاء.

والى جانب الفيسبوك أطلق التجمع ثلاثة مواقع انترنت أخرى مخصصة للتعريف بانجازات بن علي وتتضمن تسجيلات فيديو لشخصيات تونسية واجنبية تشيد فيها بما تحقق للبلاد طوال حكم بن علي. كما أطلق التجمع أول تلفزيون تونسي على الانترنت.

أما باقي الاحزاب السياسية والتي ليس لها وزن كبير على الساحة السياسية فانها حاولت ان تكسب على الانترنت ما لم تستطع ان تحققه في الواقع. ويعتبر الديمقراطي الوحدوي أحد أكثر الاحزاب المعارضة في تونس استخداما للفيسبوك في حملته الانتخابية اذ ينشر صورا وتسجيلات واخبارا لامينه العام الاينوبلي ولقائماته الانتخابية.

ويرى معارضون ان اللجوء الى الفيسبوك أصبح ضرورة فرضها ضيق قنوات الاتصال الجماهيرية واحتكارها من طرف واحد مشارك في المعركة الانتخابية. وقال سفيان الشورابي عضو حركة التجديد المعارضة والذي أنشأ موقعا لمساندة أحمد ابراهيم زعيم حركة التجديد ان اللجوء للفيسبوك أصبح ضرورة لمخاطبة فئة كبيرة من الشبان الذين لايمكن الوصول اليها بسهولة في الواقع نتيجة عدة عراقيل من بينها تجنيد كل وسائل الاعلام المحلية لخدمة مرشح الحزب الحاكم على حساب بقية المنافسين واضاف الشورابي انه فوجئ بترحيب كثير من الشبان ومساندتهم للمرشح ابراهيم رغم انهم ليسوا من أعضاء حزبه. لكن رغم هذا التجاوب فان الشورابي أشار الى انه ليس هناك أي ضامن بأننا كسبنا أصواتا ليوم التصويت وقال quot;هل سيصوتون لنا ام لا هذا أمر غير محسومquot;.

وتقول شابة عمرها 24 عاما واسمها صابرة لرويترز quot;حقا لم أكن أعرف أسماء الأحزاب السياسية في البلاد باستثناء حزبين هما التجمع الدستوري الديمقراطي والحزب الديمقراطي التقدمي..لكن الفيسبوك فتح أمام عيني نافذة لم أكن أعرفها.quot;

ولكن المهدي مبروك استاذ علم الاجتماع في جامعة تونس حذر من ان التعاطف أو المساندة التي قد يحصل عليها العديد من السياسيين قد تكون في أوقات كثيرة نوعا من المجاملة واللطف بين الأصدقاء أو الأقارب. واضاف لرويترز quot;من المهم ايضا ان أؤكد ان التفاعل الرقمي لايحدث أي التزام حقيقي لذلك ترى الجميع يساندون ويعارضون على الانترنت كما يشاؤونquot;.

ويشتكي صحفيون مستقلون من ان الحكومة تشدد الرقابة على حرية التعبير وحرية الصحافة في البلاد ويقولون انهم ملاحقون بسبب كتاباتهم. وتنفي الحكومة باستمرار هذه الادعاءات وتؤكد انها تضمن حرية التعبير بلا قيود. وبرر توفيق العياشي وهو صحفي في جريدة الطريق الجديد اللجوء الى الانترنت بضيق سبل التعبير الاخرى مثل التلفزيون والصحف المحلية وعدم قبولها لرأي مخالف للرأي الرسمي.

ويتبادل صحفيون ومواطنون على الفيسبوك تسجيلات فيديو لضحايا فيضانات أو احتجاجات اجتماعية مثلا لم يتعرض لها التلفزيون الحكومي إضافة الى تسجيلات دينية أو جنسية يمنع تداولها. لكن جماعات حقوق الانسان في تونس حذرت من ان الحكومة تشدد رقابتها على الانترنت أيضا وانها تلاحق البعض بسبب كتابات وآراء على الانترنت. وتنفي الحكومة هذا.

وقال الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض هذا الاسبوع ان السلطات اعتقلت عضو الحزب زهير مخلوف بسبب تقرير اعلامي بثه على الانترنت وتعرض فيه للاوضاع المتردية لحي صناعي في مدينة نابل. ومن المقرر ان تتم محاكمة مخلوف في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني المقبل بتهمة الاساءة إلى الغير باستعمال شبكة الانترنت.