لم تكن لحظة تواجد الدكتور آراش حجازي بالقرب من الفتاة الإيرانية ندى سلطاني وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة إلا محض صدفة. وقد قلبت هذه اللحظة حياته رأسًا على عقب، وجعلته quot;ضحيَّة للاستبدادquot; كما كشف لـ صحيفة التايمز البريطانيّة، ردًا على اتهام السلطات الإيرانيَّة له بأنّه المسؤول عن وفاة سلطاني التي تحوّلت الى رمز للثورة الخضراء بُعيد إطلاق النار عليها في أحد شوارع العاصمة طهران في يونيو (حزيران) الماضي.
لندن: قال الدكتور أراش حجازي (38 عامًا) الذي حملته السلطات الإيرانيَّة مسؤوليّة وفاة الشابة الإيرانيَّة ندى آغا سلطاني، quot;أنا قلت الحقيقة. أنا فعلت ما كان يجب فعله لكن هناك نتائج وخيمةquot;!.إقرأ أيضًا
واعتبر حجازي الذي درس للحصول على شهادة الماجستير في النشر من جامعة اكسفورد بروكس لصحيفة quot;تايمزquot; البريطانيَّة في عددها الصادر يوم 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 موقف الحكومة الإيرانيَّة بمثابة آخر قشة تمنعه من الكشف عن محاولة النظام لتشويه سمعته ومعاقبته وإسكاته منذ أن أخبر العالم بما حدث لندى سلطاني، وكيف جرى إطلاق النار عليها على يد أحد أعوان الحكومة خلال تظاهرة احتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها أحمدي نجاد.
المنحة الجامعيَّةيمولها مجهولان بريطانيان، وهي عبارة عن 4 آلاف جنيه استرليني، لدراسة الفلسفة على مدى عامين، وقد فازت بها أريان شاهويزي ذات الأصول الإيرانية. |
صدفة قلبت حياتي
وأشارت quot;تايمزquot; الى انَّ الدكتور حجازي يعيش حاليا كمنفي في بريطانيا ومن دون عمل وتحت مشاعر الخوف، بينما يقوم النظام الإيراني بتشويه اسمه ومطاردة اصدقائه وأفراد عائلته وزملائه. وقال حجازي quot;أنا قلت الحقيقة. أنا فعلت ما كان يجب فعله لكن هناك نتائج وخيمةquot;. وأوضح حجازي أنَّ تواجده بالقرب من ندى سلطاني لحظة إصابتها لم يكن إلا محض صدفة، وهذه اللحظة قلبت حياته رأسا على عقب وجعلته quot;ضحية للاستبدادquot;.
وأشار الدكتور حجازي الذي كان يعمل طبيبا قبل تحوله إلى النشر إلى أنَّه كان في مهمة عمل في طهران حين اندلعت التظاهرة يوم 20 حزيران (يونيو)، وسمع دويا لاطلاق النار فالتفت حوله ورأى الدم يتدفق بغزارة من صدر فتاة تقف بجانبه. أضاف أنَّه حاول كل ما يستطيعه لإنقاذها، وخلال ساعات قليلة بثت وسائل إعلام عالميَّة فيديو يصور اللحظات الأخيرة من حياة الشابة الإيرانيَّة ندى سلطاني التي تحولت إلى رمز يعبّر عن قسوة النظام وعن كفاح الشعب الإيراني للحرية.
كشفت الحقيقة وبدأت المتاعب
وبعد أيّام قليلة من الحادثة، كشف حجازي للـ بي بي سي وصحيفة تايمز كيف قتلت سلطاني على يد رجل من الباسيج كان يقود دراجة نارية. وقال حجازي quot;بدأت المشاكل منذ ذلك الحينquot;، وأوضح أنَّ والده الذي يعمل أستاذًا جامعيا جرى استجوابه لساعات وأمر بأن يطلب من ابنه التزام الصمت.
وكان مسؤولون إيرانيون أكدوا أنَّ وكالات استخباراتية أجنبية دبرت عمليَّة قتل ندى سلطاني، واتهموا حجازي بأنَّه جزء من مؤامرة دولية لتقويض الجمهورية الإسلامية.
تهديدات بالقتل
وكشف حجازي لـ تايمز أنَّه على الرغم من تلقيه آلاف الرسائل الالكترونية التي تثني على شجاعته في كشف الحقيقة، إلا أنَّه تعرّض لتهديدات بالقتل من قبل أنصار النظام الذين اعتبروه قاتلا وجاسوسا. وهذا ما جعل شرطة مدينة أكسفورد تنصب جهاز تنبيه في شقته، وهو لا يشعر بالأمان حاليا.
وقال حجازي الذي انهى دراسته في أيلول (سبتمبر) الماضي، إنَّ العودة إلى إيران باتت مستحيلة، لأنَّه سيعتقل فور وصوله إلى مطار طهران، وسيكون ضمن مئات السجناء السياسيين الذين تعرضوا للضرب والاغتصاب والتعذيب خلال الأشهر الخمسة الأخيرة. وأضاف أنه يعتبر نفسه في المنفى حاليا، وهو يبحث الآن عن عمل في مجال النشر في بريطانيا لكن من دون جدوى. كما فقدت زوجته عملها كمحاسبة كانت تعمل في شركة إيرانية كبيرة وهما يعيشان حاليا على أموال اقترضاها من أصدقاء. وقال حجازي: quot;أنا لا استطيع أن أرى عائلتي وفقدت عملي ومهنتي. ولا أعرف كيف سأتمكن من إعالة نفسيquot;.
ايران تشجب
وأثارت المنحة التي قدّمتهاكليَّة كوينز كولج التابعة لجامعة أكسفورداحتجاج طهران، فبعثت السفارة الإيرانية في لندن برسالة إلى الجامعة العريقة اتهمتها فيها quot;بخوض حملة سياسية الأهداف ستقوض مصداقية المؤسسة وستضعها في مواجهة باقي المجتمع الأكاديمي في العالمquot;.
وردت الجامعة بالقول إن إنشاء المنحة قرار اتخذته الكلية المعنية. وقال عميد كوينز كوليدج بول مادن إن هدف المنحة هو مساعدة الطلاب الفقراء من الإيرانيين أو من ذوي الأصول الإيرانية على الدراسة في أكسفورد.
وجاء في الرسالة التي وقعها نائب السفير الإيراني في لندن سفر علي إسلاميان إن مقتل ندى كان من تدبير أطراف هدفها تقويض النظام الإيراني، ومن بينها بريطانيا. وقالت الرسالة إن quot;قتلة ندى صوروها بينما كانت تتعرض لإطلاق النار في مكان منعزل بعيدا عن التظاهرات ثم إن هناك أدلة كثيرة على أن الحادث كان مُعدا.quot;
وكانتصحيفة الفاينانشال تايمز قالت إنَّمؤسسة الشهداء التي أنشئت لتكريم قتلى الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988) عرضت على أسرة ندى سلطاني منحها لقب الشهادة، لكن والدتها رفضت العرض معتبرة إياه تعاطفا كاذبا حسبما ذكرت الصحف الموالية للتيار الإصلاحي في إيران.
التعليقات