قالت مصادر في الشرطة العراقية ومعتقلون سابقون ان معسكر بوكا شكل مرتعا خصبا لتنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة التي تدور في فلكها قبل ان تغلقه السلطات الاميركية في ايلول الماضي.

الرمادي:يقول ابو محمد (32 عاما) من الرمادي (110 كلم غرب بغداد) ان quot;معسكر بوكا مدرسة كانت تخرج اعدادا كبيرة من التكفيريين والمتطرفين بطريقة مدبرة ومقصودة وغير عشوائيةquot;. ويضيف الشاب الذي امضى 26 شهرا في المعسكر ويعمل حاليا باجر يومي ان quot;التكفيريين كانوا يختارون الجهلة واصحاب السوابق في الجريمة كونهم اللقمة السائغة لهم وبالامكان ادخال الافكار المتطرفة الى عقولهم بسهولةquot;.

وقد شيدت القوات الاميركية معسكر بوكا وسط صحراء قاحلة في اقصى جنوب العراق بعد الاجتياح عام 2003. وامضى حوالى مئة الف معتقل فترات متفاوتة خلال ستة اعوام بحيث بلغت اعدادهم ذروتها مع نحو 22 الفا العام 2007. ولدى اغلاقه في 17 ايلول/سبتمبر الماضي، تم نقل ثمانية الاف معتقل الى معسكري التاجي، شمال بغداد، وكروبر غربها.

من جهته، يكشف الحاج احمد (45 عاما) احد المعتقلين السابقين عن quot;دورات منتظمة داخل قسم المتشددين لتلقين الابرياء الفكر التكفيري المتطرف فيخرجون بعد حقبة من الزمن متطرفين يحللون قتل الجيش والشرطة بوصفهم مرتدين، ويصبح الواحد منهم مفتيا بين ليلة وضحاهاquot;. ويتابع احمد الذي قضى اربع سنوات في بوكا واطلق سراحه نهاية عام 2008، quot;لقد مارس التكفيريون عملية غسل دماغ للجهلة الذين يسارعون فور خروجهم الى الانضمام للقاعدة ويصبحون قتلة متشددين يفتون بغير علم الامر الذي اثار استغراب الكثيرينquot;.

بدوره، يؤكد مصدر رفيع المستوى في وزارة الداخلية ان quot;معظم المشتبه بهم الذين اعتقلناهم بعد الهجوم المزدوج في 19 آب/اغسطس الماضي ضد وزارتي المالية والخارجية كانوا معروفين في معسكر بوكا كما ان السيناريو ذاته تكرر في الهجوم الاخير في 25 تشرين الاول/اكتوبرquot;. وتؤكد اوساط امنية ان الانتحاريين اللذين نفذا هجمات آب/اغسطس، ما ادى الى مقتل حوالى مئة شخص، كانا معتقلين في بوكا. وينطبق الامر ذاته على منفذي هجمات 25 تشرين الاول/اكتوبر على وزارة العدل ومبنى محافظة بغداد ما اسفر عن مقتل 153 شخصا.

بدوره، يكشف مصدر امني عراقي اخر ان quot;عناصر القاعدة الذين كانت تعتقلهم القوات الاميركية يدخلون الى المعتقلات باسماء وهويات مزورة، وعند اطلاق سراحهم تسلم القوات الاميركية ملفاتهم لنا ولم نجد اوامر توقيف صادرة بحقهم بسبب التزويرquot;. ويضيف quot;بمحض الصدفة، جلب لنا الاميركيون عددا من المعتقلين تريد اطلاق سراحهم وسلمتنا الاسماء للتدقيق فيها ولم نعثر على اي دليل ضدهم، لكننا قمنا بعرض صورهم على بعض المعتقلين الاخرين، فتمكن احدهم من التعرف عليهم وتبين انهم مطلوبون بقضايا قتل وارهاب، لكن هوياتهم مزورةquot;.

ويؤكد quot;وجود العديد من المعتقلين لدى الاميركيين يحملون هويات مزورة بعناوين تختلف عن عناوينهم الحقيقية، الامر الذي يمكنهم من الافلات من العقابquot;. ويقول براد كيمبرلي المتحدث باسم ادارة المعتقلات الاميركية quot;عدم تلقي اي دليل (من الجانب العراقي) على تورط اي معتقل سابق في هذه الهجماتquot;.

من جهته، يقول ابو محمد (32 عاما) الذي تم اعتقاله بعد الانفجار الذي استهدف مرقد الامام العسكري في سامراء في شباط/فبراير عام 2006 ان quot;التكفيريين يركزون على الشباب الذين تقل اعمارهم عن 24 عاما، فبمجرد وصولهم يرحبون بهم بحرارة ويستفسرون منهم عن سبب اعتقالهم وارتباطاتهم الدينيةquot;.

ويضيف quot;بعد ذلك، يباشرون عملية تغيير افكارهم بما فيها اطلاق اللحى وارتداء ملابس خاصة بهم وكيفية التعامل مع عناصر الحكومة خصوصا رجال الشرطة والجيش (...) لم اكن اتوقع ان اكون هناك حيث يعملون على تغيير توجهات الناسquot;. بدوره، يرى ابو ياسر (45 عاما) الذي اعتقل بعد تفجير مرقد سامراء ايضا quot;انهم يعلمونهم (الابرياء) علنا كيف يتعاملون مع الكفار واهمية القضاء عليهم وان نهايتهم ستكون في الجنةquot;. ويضيف ان quot;الاميركيين مطلعين تماما، بمساعدة كاميراتهم واجهزة التنصت، على عمليات غسيل الدماغ التي يقوم بها عناصر القاعدةquot;.

لكن كيمبرلي يؤكد ان quot;مراكز الاعتقال التابعة لنا هي افضل المدارس لمساعدة المحتجزين على النجاح في المجتمعquot;. ويختم قائلا quot;يتم فصل المحتجزين عن المعتقلين الاكثر تطرفا لاننا لا نريدهم ان يتاثروا بمن يسعون الى شن هجمات ضد الشعب العراقي وقوات التحالفquot;.