إعتبارًا من أول كانون الثاني/يناير، تطبق الحكومة الفرنسية ضريبة بقيمة 25 دولارًا أميركيًا على كل طن من ثاني أكسيد الكربون المنبعث، مما سيساهم في تخفيض هذه الظاهرة الضارة. تشكل مثل هذه الضريبة التي اقترحها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي نموذجًا للتعامل مع المسألة المناخية حول العالم وإن لم نعرف بعد مدى فعاليتها في ميدان التطبيق ومدى الجدية في الإلتزام بها. فهي على العموم حالة خاصة تتعامل بها الدولة بشكل مباشر مع المصانع والمنشآت الإقتصادية الكبرى على صعيد البلاد، مما قد يسبب ارتباكات اقتصادية على صعيد الإنتاج لا بد من تجاوزها بأساليب غير ضارة بالمناخ.
باريس: صوتت الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ في فرنسا في تشرين الأول\ اكتوبر وتشرين الثاني\ نوفمبر على تمرير اقتراح بفرض ضريبة على انبعاثات ثاني اكسيد الكربون اعتبارًا من 2010.
وعلى الرغم من تطبيق القانون، فإن الجدل مستمر حول مدى احقية هذه الضريبة. وقد جذب اعتزام الحكومة فرض تسعيرة الكربون لمعادلة تأثير الضريبة، الاهتمام الدولي.
ما هي ضريبة الكربون
اقترح فرض ضريبة الكربون للمرة الأولى الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزي قبل عامين، واطلق عليها اسم quot; المناخ- ضريبة الطاقةquot;. ولدى اصداره النسخة النهائية من الاقتراح في 10 سبتمبر/أيلول هذا العام، قال ساركوزي، في إستجابة لتغير المناخ ، ان تقليل اعتماد البلاد على النفط، وتحديث نمط النمو الاقتصادي في البلاد، تحتاج الحكومة الى تطبيق بعض التعديلات من اجل وضع قانون ضريبي حقيقي للبيئة.
وقال انه تم اجراء بعض التجارب الناجحة بالفعل في بعض دول أوروبا الشمالية.
وأكد ساركوزى أن فرض الضريبة لن يفيد فقط ميزانية الحكومة، وانما سيغير أنماط استهلاك الوقود لكل من الاسر، والشركات.
وبموجب هذه الضريبة، يمكن للأسر ان تستمتع بتخفيضات او اعفاءات من ضريبة الدخل وضريبة الرفاهية الاجتماعية ، فيما يتم تعويض الشركات من اجل الاستثمار.
يذكر ان الكثير من الطاقة الكهربائية في فرنسا تولدها محطات نووية ، أو محطات للطاقة الكهرومائية، والتي تعد انبعاثات ثاني اكسيد الكربون بها أقل بكثير . ومن ثم فإن قطاعات توليد الطاقة الكهربائية في فرنسا معفاة من ضريبة الكربون.
كما اقترح ساركوزي تشكيل لجنة مستقلة تضم اعضاء غير حكوميين، وجماعات حماية البيئة، وخبراء ، وأعضاء برلمان من اجل ضمان شفافية جمع الضرائب، والحوافز.
واضاف ان الحكومة الفرنسية ستعزز بنشاط استخدام الطاقة المتجددة.
الجدل بشأنها
يعارض الرأي العام بشدة هذا الاقتراح الضريبي، على الرغم من ان ساركوزي اوضح دائمًا ان الضرائب المحصلة سترجع فى النهاية الى دافعي الضرائب في اشكال مختلفة، دون تحملهم المزيد من الأعباء.
واعرب اكثر من 70 في المئة من الشعب الفرنسي عن عدم موافقتهم على هذه الضريبة، وفقًا لبعض الاستطلاعات. وقالوا انها ستخفض دخل الاسر بشكل اكبر ، حيث ان الضريبة تمس تقريبًا جميع أوجه حياتهم اليومية ، مثل اسعار النفط.
واكد اتحاد صناعة النفط الفرنسي في اكتوبر هذا العام ان ضريبة الكربون ستزيد اسعار النفط ووقود الديزل بنسبة 3.8 و5.1 في المئة على التوالي. وأنه إضافة الى الضرائب الجديدة الأخرى، فإن سعر وقود الديزل سيرتفع الى ما يقرب من 10 في المئة.
كما ذكر العديد من الفرنسيين ان الشركات الملوثة للبيئة يجب ان تكون هي المسؤولة، لا الافراد.
بيد ان قطاعات الاعمال اعربت ايضًا عن شكواها. وقالت ان هذه الضريبة سوف تعرض قدرتهم التنافسية الدولية للخطر ، وسوف تضر بالتنمية المستقبلية للشركات.
سعادة السكير ليست فى الخمر
وعلى الرغم من المعارضة الكاسحة ، تمسك ساركوزى بقراره فرض الضريبة. واضافة الى تطبيق هذه السياسة فى فرنسا، دعا ايضا الى فرض تعريفة الكربون على حدود الاتحاد الاوروبي.
وقال ان فرنسا تبذل جهودًا للحد من الانبعاثات، في حين تستفيد الدول الاخرى من خلال انتاج منتجات وتصديرها الى دول الاتحاد الاوروبي دون الالتزام بتعهداتها بخفض انبعاثات ثاني اكسيد الكربون.
واضاف ان هذه الظاهرة ليست مقبولة بالنسبة إلى فرنسا، التي سيتعرض مناخها والوظائف بها لمعاناة.
وقال ساركوزي انه مستعد لالزام نفسه بتخصيص هذه الضريبة نفسها في الدول والمناطق خارج الاتحاد الأوروبي، مضيفًا ان تعريفة الكربون الدولية تعد تعويضًا معقولاً لضريبة الكربون الوطنية.
وما زال ساركوزى، يمارس الضغط حاليًا على بعض دول الاتحاد الاوروبي بشأن هذه التعريفة، وقد ظهر هذا الضغط خلال اجتماعين مع رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس رودريجويز ثاباترو، والرئيس الالمانى هورست كوهلر.
ويشير المحللون الى ان فرنسا مستخدم تقليدي للطاقة النووية بمستوى منخفض من الانبعاثات للفرد. واذا كانت ملتزمة بالمستوى القياسي لانبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون، فإن ذلك سيحقق مزايا عظيمة في جميع انحاء العالم.
وتحاول الحكومة الفرنسية مؤخرًا الحصول تدريجيًا على توافق داخل الاتحاد الاوروبي حول تحويل ضريبة الكربون الى تعريفة للكربون.
بيد ان تحقيق ذلك سوف يكون عملية معقدة بسبب اختلاف الانبعاثات فى دول الاتحاد الأوروبى. وعلى سبيل المثال ، نرى ان الآنبعاثات في المانيا اكبر بكثير من فرنسا. وهذا يفسر سبب حذر الحكومة الالمانية في تصريحاتها بشأن قضية تعريفة الكربون.
التعليقات