في خضم التفاعلات الناتجة عن التصريحات المتضاربة عقب عودة الناشطة الصحراوية أمينتو حيدر إلى مدينة العيون، اكدت السلطات الاسبانية ان البيان الصادر قبيل عودة حيدر، لايمكن أن يعد اعترافا من مدريد بسيادة المغرب على الصحراء التي تنازعه فيها جبهة البوليساريو، موضحة أن الحكومة والحزب لم يغيرا نهائيا موقفهما من نزاع الصحراء. في وقت تضامنت الصحف الاسبانية مع الحكومة ولم تخفف من حدة لهجتها المعادية للمغرب، مستغلة المناسبة لإخراج ملفات قديمة.

الرباط: أعطت الحكومة الإسبانية الاثنين إشارات واضحة بالتراجع عن الاعتراف بالسيادة المغربية على المحافظات الصحراوية الجنوبية ،الذي اشترطه المغرب عليها وعلى فرنسا لقبول وساطتهما بخصوص قضية الناشطة الصحراوية أمينتو حيدر، التي انتهت بعودة الاخيرة إلى مدينة العيون ، مقر سكناها الاسبوع الماضي.

وكانت الناشطة ، صرحت قبيل وإثر رجوعها إلى مدينة العيون ،العاصمة الإدارية للصحراء ، أن عودتها تحققت دون الخضوع لأية شروط من المغرب، بينما أكد الأخير في بلاغات رسمية أن دخول حيدر، التراب الوطني، تم وفق القواعد الإدارية المطبقة على جميع المواطنين أثناء مغادرة الحدود أو العودة عبرها، وهو ما أكده خالد الناصري وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية ، مساء الأحد الماضي.

وفي خضم التفاعلات الناتجة عن التصريحات المتضاربة، عمد الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم إلى صب قدر من الزيت على الحطب المشتعل، و صرحت الاثنين ليري باخين مسؤولة التنظيم في الحزب الإسباني الحاكم ، قائلة إن البيان الصادر عن حكومة بلادها قبيل امتطاء الناشطة الصحراوية الطائرة في الطريق إلى العيون ، لايمكن أن يعد اعترافا من الحكومة الإسبانية بسيادة المغرب على الصحراء التي تنازعه فيها جبهة البوليساريو، موضحة أن الحكومة والحزب لم يغيرا نهائيا موقفهما من نزاع الصحراء، موضحة أن البيان المذكور يندرج ضمن سياق المفاوضات التي جرت بين بلادها وفرنسا من جهة والمغرب والولايات المتحدة ، دون أن يترتب عنها اعترافا بالسيادة المغربية على المحافظات الصحراوية.

واستدركت المسؤولة الحزبية الإسبانية القول بالإشارة إلى أن الفقرة الواردة في بيان الخارجية الإسبانية والتي فهم منها الإقرار بسيادة المغرب على أراضيه في الجنوب، إنما كانت تعني أنه ريثما لم يتم التوصل إلى حل نهائي لنزاع الصحراء ، فإن القوانين المغربية تظل سارية المفعول بها .

وأدلت باخين بهذه التصريحات التي تلتقي مع ما لمح به وزير خارجية بلادها، ميغيل أنخيل موراتينوس ، في اجتماع للحزب الاشتراكي حيث ذكرت جريدة quot;البايييسquot; أن انتقادات كثيرة وجهت لقيادة الحزب على خلفية تعاطيها مع أزمة الناشطة الصحراوية وكذا مشكل اختطاف رعايا إسبان في موريتانيا على يد تنظيمات غامضة.

إلى ذلك يستمر الجدل بين الحزبين الرئيسيين الحاكم والمعارض الذي يتهم الحكومة بأنها رضخت لصفقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، في إشارة إلى تجديد الاتفاق الفلاحي بين الطرفين ، إذ يدعي الحزب الإسباني اليميني المعارض أن الاتفاق تم على حساب مصالح المزارعين الأسبان بدليل أنه تزامن مع قضية الناشطة الصحراوية . واعتبر الاشتراكيون الاتهام باطلا ومحض كذب ،لأن التفاوض على الاتفاق جرى منذ شهور وأن تزامنه مع الأزمة التي صنعتها حيدر ، هو مجرد مصادفة ، وهو ما أكده أيضا سفير المغرب في إسبانيا حين سأله الصحافيون الإسبان عن ذات الموضوع.

ولم يعلق المغرب ، على تلميحات موراتينوس وتصريحات مسؤولة التنظيم في الحزب الاشتراكي ، ولا شك أنه يدرك حجم الضغوط التي تتعرض لها حكومة مدريد التي تتلقى الضربات من كل جهة بما فيها من امينتو حيدر التي وجهت انتقادات لاذعة للجهاز التنفيذي ، بينما كالت الثناء العطر للرأي العام والمجتمع المدني في إسبانيا الذي وقف إلى جانبها.

وعلى صعيد آخر، لم تخفف أغلب وسائل الإعلام الإسبانية من حدة لهجتها المعادية للمغرب، مستغلة المناسبة لإخراج ملفات وحكايات قديمة، حتى إن جريدة quot;الباييسquot; المعروفة بموضوعيتها النسبية ، نشرت الاثنين مقالا يتحدث عن خطورة الإسلام في إسبانيا وبالذات المساجد التي اعتبرها صاحب المقال، مراكز تطرف ديني، مستغربا تعاطف الجالية المغربية المقيمة في إسبانيا، مع بلدها الذي تعرض لحملة إعلامية ظالمة، على طول أيام إضراب أمينتو حيدر عن الطعام ،دون أن يتوقف الإعلام عن سلوكه المنحاز خاصة وقد انتهت القضية بسلام.