مصر تتهم سوريا بمحاولة إفساد مساعيها لرأب الصدع الفلسطيني
القاهرة: حديث مشعل عن بديل لمنظمة التحرير يضر بمكانة حماس

نبيل شرف الدين من القاهرة: في وقت جاءت فيه التصريحات المفاجئة التي أدلى بها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة quot; حماس quot;، والتي تحدث فيها عن إنشاء بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية، لتلقي بظلال كثيفة على فرص نجاح مساعي الوساطة المصريّة، لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل، وتثبيت هدنة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بينما أعرب مصدر دبلوماسي مصري عن امتعاض بلاده مما وصفه بمحاولة سورية في إفشال الجهود المصرية التي تهدف لإنجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية، وأشار إلى تلويح أحمد جبريل أمين quot; الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة quot;، والمقيم في دمشق باقامة جبهة موحدة تضم فصائل المقاومة غير المنخرطة في منظمة التحرير الفلسطينية .

وفي هذا السياق رأى مسؤول مصري رفيع المستوى أن تصريحات خالد مشعل تكتيكية، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر حماس حيال المبادرة المصرية، لافتاً إلى أن وفداً من الحركة سوف يصل إلى القاهرة قادماً من دمشق لتسليم وزير المخابرات المصرية عمر سليمان، رد حماس على الموقف من مشروع اتفاق التهدئة، وأشار إلى أن الحديث عن تدشين بديل للمنظمة لن يكون أمراً سهلاً، وستكون له عواقب وخيمة على مكانة quot;حماسquot; على الخريطة الفلسطينية والعربية، ويضر بموقفها كثيراً على الساحتين الداخلية والإقليمية .

وكان مشعل قد أعلن في العاصمة القطرية الدوحة، أن حركته ستعمل على بناء مرجعية وطنية فلسطينية تمثّل الداخل والخارج، وتضم كل قوى الشعب الفلسطيني وتياراته الوطنية، وقال : quot;نحن في حماس وقوى المقاومة نرحب بالحوار وبالمصالحة، ولكن على أساس الثوابت الوطنية، أما أن يكون الحوار مدخلا لفرض الأجندة الأجنبية وعلى حساب حقوق شعبنا، فهو حوار كاذبquot;، على حد تعبيره .

مبارك يجدد رفضه وجود مراقبين اجانب على حدود مصر مع قطاع غزة

من جانبه أكد مبارك مجددا اليوم رفض بلاده مطالبة البعض بنشر مراقبين اجانب على حدود مصر مع قطاع غزة في اعقاب العدوان الاسرائيلى الاخير على قطاع غزة quot;ايا كانت المبررات والذرائعquot;. ولفت إلى انه رفض محاولات عديدة ومتكررة للحصول على موطىء قدم أجنبية فوق أرض مصر تحت ذرائع ومبررات مختلفة بما فى ذلك ما حدث بعد العدوان الاسرائيلي الاخير على غزة.

وقال quot;ان الامن القومي لمصر واجبي المقدس الذي يحظى بالاولوية المطلقة quot; معتبرا ان اول التحديات والاولويات التي تواجه مصر حاليا يتمثل في ضمان السلامة والامن فى بيئة اقليمية تزخر بالازمات والتهديدات والمخاطر. وشدد في هذا الاطار على ضرورة ضمان الامن القومي المصري والتعامل مع تحديات محيط اقليمي ودولي اكثر اضطرابا واقل امنا واستقرارا معتبرا ان معيار النجاح يتمثل في الحفاظ على الامن وحماية الوحدة الوطنية وترسيخ الشعور بالامان والعدل وسيادة القانون.

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية اكد مبارك قناعته quot;بان الانقسام الفلسطيني هو الذي ادى الى العدوان على غزة اخيرا والحق باهلها الاما ومعاناة هزت قلوب الجميعquot; لافتا الى ان الانقسام ادى كذلك الى اضعاف القضية الفلسطينية quot;وهي جوهر الصراع فى الشرق الاوسطquot;.وقال quot;ان هذه المنطقة الصعبة لن تنعم بالسلام وبالامن ولن تتخلص من شرور الارهاب دون ان يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعةquot; داعيا الى ضرورة تجاوز الانقسام الفلسطيني quot;لان استمراره خصم أكيد من رصيد القضية برمتهاquot;.

ولفت الرئيس مبارك الى ان الجهد المصري بهذا الشأن لم يتوقف quot;ولكنه يحتاج من الجميع الى المرونة والايمان بخطورة استمرار الانقسام الحاليquot; معربا عن امله ان يؤدى اجتماع مرتقب بالقاهرة الشهر المقبل لتحقيق quot;اختراق حقيقيquot;.

ونوه بان مثل هذا التطور سيتوج الجهود التى تابعتها مصر دون توقف قبل العدوان على غزة وفى اعقابه ويعيد مفاوضات السلام حول قضايا الوضع النهائى الى مسارها وصولا لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق تسوية للسلام العادل فى اطار مبادرة السلام العربية والشرعية الدولية وقرارات الامم المتحدة.كما اوضح الرئيس مبارك فى حديثه ان الشرطة المصرية حققت انجازات عديدة في تطوير كافة مجالات العمل الامني معتبرا ان الامن فى شقيه السياسي والجنائي يسعى لتحقيق الاستقرار والامان للمجتمع ومكافحة الجريمة بكافة اشكالها.

رد حماس

وقال دبلوماسي فلسطيني يقيم في القاهرة إنه من المفترض أن يتم توقيع اتفاق التهدئة في الخامس من شباط (فبراير) الجاري، على أن تكون شاملة ومتبادلة ومتزامنة في غزة والضفة مقابل وقف الاعتداءات الإسرائيلية ورفع الحصار وفتح كافة المعابر وفق ضوابط محددة . وأوضح الدبلوماسي أن هناك تقاربا في وجهات النظر بين الفصائل، مشددا على ضرورة إبرام اتفاق التهدئة بين جميع الفصائل وإسرائيل وعدم الاقتصار على فصيل دون غيره .

في غضون ذلك سوف تستأنف المفاوضات في القاهرة لدى عودة وفد حركة quot;حماسquot; مجدداً لمصر قادماً من سورية حيث سيسلم الوزير عمر سليمان رده على مشروع الاقتراح الخاص بالتهدئة في قطاع غزة، وقال مصدر مصري إن المناقشات حول الورقة المصرية للحوار الفلسطيني من المقرر لها أن تبدأ في 22 شباط (فبراير)، وأن مؤتمر الدول المانحة لإعادة إعمار قطاع غزة سوف يؤجّل حتى مطلع آذار (مارس) المقبل، وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية حسام زكي إن مصر بصدد توجيه الدعوات الخاصة للعديد من دول العالم والجهات المانحة للمشاركة في مؤتمر إعادة إعمار غزة، الذي ستستضيفه القاهرة .

وبينما يقول دبلوماسيون غربيون إن اسرائيل سوف تطالب بضمانات تكفل ألا تستفيد حركة حماس من أي مشروعات ترتبط بإعادة إعمار غزة، فقد أوضح المتحدث باسم الخارجية المصرية حسام زكي أن المناقشات مع الفصائل الفلسطينية سوف تتناول حزمة من الموضوعات الهامة مثل حكومة الوفاق الوطني، والانتخابات الرئاسية، وإعادة هيكلة وإصلاح الأجهزة الأمنية، إضافة إلى تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية .

ولفت المتحدث المصري إلى أن بلاده تتحرّك على مسارين متوازيين، يهدف الأول إلى الحيلولة دون أي عمل عسكري إسرائيلي مستقبلاً، وذلك بالعمل على تثبيت وقف إطلاق النار من خلال مشروع للتهدئة تحترمه جميع الأطراف، وأشار إلى جهود القاهرة الحثيثة لتحقيق المصالحة الفلسطينية ورأب الصدع الفلسطيني، كونها المحور الثاني الذي تسعى مصر لإقراره .

وسبق أن اقتربت مصر من تنظيم حوار وطني فلسطيني خلال تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، إلا أن حماس انسحبت قبل الموعد بأيام قائلة إن حركة فتح لم تف بطلبها بشأن إطلاق سراح سجناء من حماس، وترى مصر والسعودية والاتحاد الاوروبي أن المصالحة عنصر أساسي لإحراز أي تقدم باتجاه إنهاء ما يوصف بالحصار الاسرائيلي لغزة وباتجاه استئناف محتمل لمحادثات السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية .