العراقراغب في زيارة الزعيمين السعودي والمصري لبغداد
المالكي وساركوزي إتفقا على تعاون عسكري ونفطي وإنهاء العقوبات

أسامة مهدي من لندن: اعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي اتفاقهما على خطوات للتعاون الامني والنفطي ومساعدة العراق على انهاء عقوبات الامم المتحدة عنه واعادته الى الاسرة الدولية قويا وتبادل زيارات رسمية على اعلى المستويات قريبا . وقال المالكي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ساركوزي عقب انتهاء مباحثاتهما في بغداد اليوم انه يرحب بزيارة اول رئيس اوربي الى العراق موضحا انها الزيارة جاءت في الوقت المناسب . واضاف ان مباحثاته مع الرئيس الفرنسي كانت ايجابية جرى خلالها التفاهم على تطوير علاقات البلدين مشيرا الى ان افاق التعاون المشترك كبيرة وواسعة في المجالات الامنية والنفطية والاستثمارية وقال ان ابواب العراق مفتوحة امام فرنسا للمساهمة في التعاون . واضاف ان وزيري النفط والدفاع العراقيين سيقومان بزيارة قريبة الى فرنسا لتطوير التعاون الامني والنفطي المشترك .

واعلن ان فرنسا ستبني لها في بغداد سفارة كبيرة كما ستفتح قنصلينين في مدينتي البصرة الجنوبية والموصل الشمالية ليكون رجال الاعمال الفرنسيين قريبين من المساهمة في عمليات الاعمار . ودعا فرنسا الى دعم العراق للتخلص من عقوبات الامم المتحدة التي فرضت عليه اثر غزو الكويت عام 1990 وقال quot;نريد عونا من فرنسا للتخلص من هذه العقوباتquot; ولكي يعود العراق الى مكانته الدولية . واضاف المالكي ان العراق الذي كان له اعداء كثيرون في الماضي فانه الان لديه اصدقاء كثيرون وهو يريد ان يكون ساحة للتعايش وليس للتنافس . وعبر عن رغبته في قيام العاهل السعودي الملك عبد الله والرئيس المصري حسني مبارك بزيارة العراق مرحبا بكل افق للتعاون وقال ان الجسور التي نسفها النظام السابق مع الدول العربية قد تم ترميمها .

وحول تصريحات نائب الرئيس الاميركي بايدن مؤخرا بممارسة الادارة الاميركية الجديدة ضغوطا على العراق لتحقيق اصلاحات سياسية اكد المالكي ان هذا كلام قد فات اوانه والعراق حقق الكثير في مجال تحقيق المصالحة الوطنية وحكومته تدرك مسؤولياتها والمصالحة مثار حرصها واشار الى ان اي اصلاحات فأن مجلس النواب العراقي هو المسؤول عنها . وقال ان الحكومة اجرت حوارات مع الكثير ممن كانوا محسوبين على النظام السابق وحققت انجازات على هذا الطريق وحسمت قضية منتسبي الجيش السابق والوزارات التي حلها الحاكم الاميركي السابق بول بريمر عام 2203 .. كما تم القضاء على الطائفية وتجريد المليشيات من الاسلحة التي اصبحت بيد الدولة وحدها .

ومن جانبه اكد الرئيس الفرنسي التزام بلاده في مساعدة العراقيين على تحقيق الامن والاستقرار والتنمية . وقال انه يتابع خطوات الحكومة العراقية لاستعادة السيادة وهو ما يعني ان العراق لم يعد يشكل تهديدا للعالم . وخاطب المالكي قائلا quot;يمكنكم الاعتماد على فرنسا لادماج العراق بالكامل في الاسرة الدولية ولا يجب معاقبة العراقيين على اخطاء ارتكبها دكتاتورquot; في اشارة الى الرئيس السابق صدام حسين . واضاف ان الانتخابات العراقية الاخيرة قد نجحت وهو ما سيؤدي الى استكمال المصالحة وقال quot; ساوزر لاحقا ثلاث دول عربية وساشهد هناك على ماتحقق في العراق من ديمقراطية واعادة للبناءquot; .

واعلن ساركوزي ان رئيس الوزراء الفرنسي سيزور العراق قبل الصيف المقبل مصحوبا بوزير الخارجية لوضع اسس لتعاون عسكري وسياسي وثقافي وطاقوي واستثماري .. وقال quot;ان عراقا قويا موحدا هو عربون تعاون في المنطقة وسنعمل على ان نكون في الصف الاول الى جانب العراق الجديدquot; . واشار الى ان نسبة 20% من الديون العراقية المتبقية بعد الغاء فرنسا 80% من هذه الديون ستعالج من خلال تفيذ مشاريع تبرم بين الحكومتين العراقية والفرنسية معتبرا أن عراقا ldquo;قوياrdquo; سيخلق توازنا في هذه المنطقة التي تحتاج إلى توازن. وقال ان العراق الآن بحاجة الى التعاون الاقتصادي اكثر من التعاون الامني بعد استتباب الوضع الامني فيه .

وردا على سؤال رفض الرئيس الفرنسي فكرة ان فرنسا تنافس الولايات المتحدة وبريطانيا لاخذ دور في العراق وقال ان بلاده تتطلع الى المستقبل وليس الى الماضي المؤلم الذي عانى منه العراقيون موضحا ان فرنسا كانت حاضرة دائما على الارض العراقية برغم انها كانت ضد الحرب الاخيرة فيه . واضاف ان بلاده تريد مساعدة العراقيين على استكمال المصالحة الوطنية . واضاف انه يمكن ان تكون هناك وجهات نظر مختلفة مع واشنطن لكن هذه صديقة لبلاده لان الولايات المتحدة تحتاج لاوربا قوية عسكريا وسياسيا واقتصاديا وقال ان العراق سيكون من كبرى دول العالم مادام متمتعا بسيادته وديمقراطيا .

مباحثات الرئيسين العراقي والفرنسي

وفي وقت سابق اكد الرئيس ساركوزي ان فرنسا والعالم يريدون عراقا قويا ديمقراطيا موحدا يعود ليأخذ دوره في المنطقة وعبر عن استعداد بلاده لتسليح وتدريب وتأهيل القوات العراقية ودعا الشركات الفرنسية الى المساهمة في عمليات التمية العراقية وقال ان الانتخابات العراقية الاخيرة كانت ناجحة في بلد يتصف بالتعددية مشيرا الى ان المنطقة بحاجة الى هذه التعددية .

واضاف الرئيس الفرنسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس العراقي جلال طالباني عقب مباحثاتهما في بغداد اليوم ان زيارته للعراق مهمة سياسيا ودبلوماسيا على صعيد علاقات البلدين وقال quot;أنا متأثر بوجودي في بغدادquot; . واكد تضامن فرنسا مع العراقيين واشار الى ان الفرنسيين تاثروا كثيرا للاحداث الدموية التي عصفت بالعراق خلال السنوات الماضية وبالعمليات الارهابية التي قتلت المدنيين وهجرتهم .. وقال لكن العراق بدأ يستقر ويعود الامن اليه ويخرج من الطريق المسدود الذي دخل فيه محققا سيادته .

واشار الى ان الانتخابات المحلية التي شهدها العراق مؤخرا كانت ناجحة حيث وضع العراقيون تطلعاتهم في صناديق الاقتراع من اجل سيادة القانون وتحقيق الديمقراطية وبناء المؤسسات القادرة على مواجهة التحديات . وشدد على ان فرنسا تؤمن بعراق ديمقراطي موحد ذا سيادة وقوي والعالم بحاجة لهذا العراق . وقال ان فرنسا تريد للعراق استعادة قوته وعودته لاعبا فعالا في المنطقة . واشار الى ان بلاده ستساهم في عمليات التنمية الاقتصادية في العراق وتشييد بناه التحتية .. وقال quot;ان دعمنا غير محدود للعراق والعراق قوي لانه متعدد المكونات الاثنية والدينية من سنة وشيعة واكراد ومسلمين ومسيحيينquot; .

واضاف ساركوزي ان بلاده تريد تعاونا مع العراق في مجالات الطاقة والاقتصادة واعادة بناء وتاهيل وتسليح القوات العراقية وابدى الاستعداد لتدريب اعداد كبيرة من منتسبي قوات الجيش والشرطة العراقيين والعمل على اعادة العراق الى المجتمع الدولي قويا موضحا ان العالم بحاجة الى عراق ديمقراطي موحد مستقل يحترم جميع مكوناته ويدير شؤون مواطنيه باقتدار .

وقال الرئيس الفرنسي ان العراق يمثل املا للعالم والمنطقة وستكون هناك انتخابات عامة اواخر العام الحالي حيث ان هناك تحديات تنتظر العراقيين لكنهم قادرين على تجاوزها .

واكد انه سيحث القادة الاوربيين لمزيد من التعاون مع العراق وقال quot;لابد من عراق قوي وغير مهمش متحصنا بتعدديته ليكون مثالا في المنطقة التي تحتاج الى التعددية quot; . واشار الى انه من مصلحة الاوربيين تحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين واستقرار الاوضاع في العراق .
وفيما اذا كانت الشركات الفرنسية ستعود الى العراق للمساهمة في عمليات اعماره اوضح ساركوزي انه على العراقيين بذل جهود في هذا المجال والاتصال بالشركات الفرنسية وقال ان حكومته لاتعارض ذلك داعيا مدراء الشركات الفرنسية الى المجيء الى العراق لبحث احتياجاته التي يمكن ان يساهموا في تلبيتها .

وكان طالباني استهل المؤتمر الصحفي مرحبا بالرئيس الفرنسي في بغداد وقال انه يعرف ساركوزي منذ سنوات طوال منذ ان كانت المعارضة العراقية تنشط ضد النظام السابق وكان ساركوزي داعما لنضال الشعب العراقي . واكد رغبة العراق في اقامة افضل العلاقات مع فرنسا في جميع المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها .

ووصل الرئيس الفرنسي الى بغداد صباح في زيارة مفاجئة واجرى مباحثات مع طالباني و نائبيه عادل عبدالمهدي وطارق الهاشمي. كما دخل في مباحثات عقب ذلك مع رئيس الوزراء نوري المالكي حيث ينتظر ان يعقدا مؤتمرا صحافيا مشتركا في وقت لاحق اليوم .

وتاتي زيارة ساركوزي لبغداد التي وصلها قادما من القاهرة ضمن جولة له في المنطقة تشمل كذلك الكويت والبحرين و عمان. ويذكر ان زيارة ساركوزي الى العراق تعد الاولى لرئيس فرنسي منذ سقوط النظام السابق عام 2003 فيما كان وزير خارجيته برنارد كوشنير قد زار بغداد في أيار (مايو) من العام الماضي. وكانت فرنسا قد عارضت الحرب على العراق عام 2003 والتي ادت الى اسقاط نظامه السابق ولم تشترك قواتها العسكرية ضمن قوات التحالف التي قادتها الولايات المتحدة في هذه الحرب .

ويتفاوض العراق مع فرنسا حول شراء نحو خمسين طائرة مروحية جديدة مخصصة لمراقبة الحدود والمنشآت النفطية الحيوية بالنسبة للعراق.

واكدت صحيفة لوفيغارو الفرنسية مؤخرا ان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي طلب من وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير لدى زيارته الأخيرة إلى بغداد تزويد العراق بمعدات عسكرية دقيقة وبعدها حضر وفد عسكري عراقي إلى معرض الأسلحة الأوروبي وبدأت مفاوضات حول شراء طائرات. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي فرنسي قوله ان المفاوضات مستمرة وإن العراقيين يرغبون شراء الطائرات ولكن الصفقة لم تنجز بعد بسبب الإجراءات الواجب احترامها فيما يتعلق ببيع الأسلحة.

ورأت الصحيفة أن صفقة بيع الطائرات قد تعيد إطلاق التعاون العسكري بين باريس وبغداد إذ كانت فرنسا أبرز مزودي العراق بالسلاح في عهد النظام السابق وقد تم استبعادها من إعادة بناء العراق عام 2003 بسبب موقفها المعارض للحرب.

ويعتقد مسؤولون عراقيون ان الوقت حان للاستثمار وخاصة في حقول النفط التي تضم ثالث أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم. وشركة النفط الفرنسية توتال من بين الشركات المؤهلة لتقديم عروض لتطوير ابار النفط العراقية في المدى الطويل.

وقال ساركوزي اثناء مؤتمر صحفي مشترك مع الطالباني حيث تحدث من خلال مترجم عربي ان الامن يتحسن رغم المشاكل العالقة منذ فترة طويلة وان الموقف ليس مثاليا لكن في الاشهر القليلة الاخيرة من كان يتوقع ان يقوم هو بزيارة للعراق ولزعمائه.