طهران: عرضت إيران التوقف عن مهاجمة الجنود البريطانيين في العراق في محاولة لاكتساب الغرب للتخلي عن معارضته لبرنامجها النووي، حسب سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة السير جون ساورز.

وتسلط هذه المعلومات -التي أدلى بها الدبلوماسي البريطاني لبرنامج وثائقي للبي بي سي- أضواء جديدة على مفاوضات الكواليس بين إيران والغرب. وقد تصاعدت الهجمات المسلحة ضد الجنود البريطانيين والأمريكيين في العراق وبلغت ذروتها عام 2005. وكان مدى الدور الإيراني في تسليح وتدريب الميليشيات مجهولا آنذاك.

وبينما أنكرت إيران أي دور فيما كان يحدث، كان المسؤولون البريطانييون يغلفون اتهاماتهم بالقول إن quot;لديهم أدلة مفصلةquot;. وبعد صدور هذه المعلومات قال ناطق باسم الخارجية الايرانية لبي بي سي ان quot;ليس لايران اي دور في الهجمات على الجيوش الاجنبية في العراق وافغانستان وان دور الجمهورية الاسلامية وهدفها كانا دائما العمل من اجل السلامquot;.

واضاف الناطق ان طهران quot;ناقشت وتعاونت مع العديد من الدول من اجل احلال السلم في العراق وافغانستانquot;.

ولكن الديبلوماسي البريطاني يكشف ليس عن اعتراف الإيرانيين بضلوعهم وحسب بل وعن عرض مثير للدهشة للتوقف عن هذه الهجمات في العراق مقابل توقف الغرب عن الاعتراض على برنامج إيران النووي المثير للجدل.

وقال السير جون ساورز إن الإيرانيين عرضوا الاقتراح خلال محادثات غير رسمية بأحد فنادق لندن. وأضاف قائلا: quot;اتصل عدد من الإيرانيين جاؤوا إلى لندن واقترحوا جلسة شاي في هذا الفندق أو ذاك. إنهم يحاولون نفس الشيء في باريس وبرلين. بعدها نقارن بين ما سجلناه.quot;

وزاد موضحا: quot;كانوا يريدون الحصول على صفقة يتوقفون بموجبها عن قتل قواتنا في العراق مقابل السماح لهم بالاستمرار في تطوير برنامجهم النووي: ؟نتوقف عن قتلكم في العراق، وتتوقفون أنتم عن نسف العملية السياسية هناك تسمحون لنا بالاستمرار في برنامجنا النووي دون عراقيل.quot;

وبعد أن رفضت بريطانيا العرض استؤنفت عمليات تخصيب اليورانيوم بعد وقت قصير. إنه حادث واحد يكشف عن نمط من صفقات الكواليس التي أبرمت مع الإيرانيين منذ عام 2001.

ويبدو من اللقاءات مع المسؤولين الإيرانيين والأميركيين أن طهران ومنذ سبتمبر/ أيلول عام 2001 تعاونت عن قرب مع الولايات المتحدة لقلب نظام طالبان في أفغانستان، وبلغ هذا التعاون حدا كشفت فيه عن معلومات استخباراتية للأميركين.

وتتذكر هيلاري مان وكانت عضوا في إحدى البعثات كيف ضرب مسؤول عسكري إيراني بقوة على الطاولة للضغط على الأميركيين حتى يغيروا الهدف. وقالتموضحة: quot;إنه نشر الخارطة ثم أشار إلى الأهداف التي ينبغي أن يركز عليها الأميركيون. ولقد حملنا معنا الخريطة إلى مركز القيادة، واعتمدنا بالفعل هذه الخطة.quot;

وفيما يتعلق بالعراق عرض الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي التعاون من أجل الإطاحة بصدام حسين بحجة أن الزعيم العراقي كان عدوا لإيران أيضا. لكن العلاقات ساءت بعد أن أدرج الرئيس السابق جورج بوش الإبن إيران ضمن ما سماه quot;محور الشرquot;. ولم تسفر محاولات الأوروبيين لفتح مفاوضات عن أي نتيجة.

ووفقا لنيك بيرنز المكلف بالملف السياسي في وزارة الخارجية على عهد الإدارة الأميركية السابقة يبدو أن اللهجة المتشددة مع إيران لم تكن مثمرة. وقال بيرنز: quot; لقد أيدنا تغيير النظام، لقد فضلنا موقف التهديد خلال عدة سنوات. ولم يؤد ذلك إلى أي نتيجة إيجابية إطلاقا.quot;

إن لقطات البرنامج الوثائقي عن سلسلة القاءات غير الرسمية التي أجريت على امتداد عدة سنوات وأثمرت تعاونا حقيقيا قد تبدو مشجعة.

لكن مجموعة اللقاءات الصحافية المذهلة لا تكشف عن آفاق مستقبل العلاقات وعن إمكانية تحسنها. وتبقى العقبة الأساسية قائمة: فكل الساسة وأصحاب القرار في إيران -حتى الرئيس الإصلاحي الذي سيتقدم إلى انتخابات الصيف المقبل- يصرون على حق إيران في تطوير برنامجها النووي دون عراقيل.

وفي المقابل يصر الغرب على الاعتقاد أن هذا البرنامج ستار لتطوير سلاح نووي، ويطالب بوقف نشاط تخصيب اليورانيوم. ويبدو أن عرض الرئيس الأميركي بـquot;ـمد يدهquot; إذا ما قررت إيران quot;فك قبضتهاquot; غير كاف للخروج من النفق المسدود.