مثول 7 من أركان النظام السابق بمحاكة جديدة في إعدام مئات البرزانيين
تبرئة طارق عزيز والإعدام لثلاثة بينهم المجيد بقضية الصدر
أسامة مهدي من لندن: قضت المحكمة الجنائية العراقية العليا اليوم بتبرئة نائب رئيس الوزراء العراقي السابق طارق عزيز والإفراج عنه في حال عدم وجود قضايا أخرى ضده والحكم بإعدام ثلاثة آخرين من رموز النظام السابق وعلى ثلاثة آخرين بالمؤبد، وذلك عن مسؤوليتهم حول أحداث صلاة الجمعة بمدينة الصدر في بغداد والتي أعقبت الإضطرابات التي شهدتها، إثر اغتيال آية الله السيد محمد محمد صادق الصدر ونجليه ( والد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وشقيقيه ) عام 1999. فقد اصدرت المحكمة حكمًا بتبرئة اشهر شخصية سياسية عراقية من قادة النظام السابق المتهمين بجرائم هو طارق عزيز والافراج عنه اذا لم يكن متهمًا بقضايا اخرى وكذا باعدام ثلاثة من المتهمين هم علي حسن المجيد ابن عم الرئيس السابق صدام حسين وهو الحكم الثالث من نوعه في قضايا سابقة ايضًا وعلى محمد فيزي من قادة حزب البعث وعزيز صالح النومان القيادي والوزير السابق.
ثم حكمت بالسجن مدى الحياة على كل من لطيف نصيف جاسم وزير الاعلام السابق ومحمد زمام عبد الرزاق وزير الداخلية السابق وعبد حمد سكرتير الرئيس السابق صدام حسين وجاسم محمد وبرأت كلا من طارق عزيز وسيف الدين محمود وعكلة عبد صابر وابراهيم صالح كرم. ومن الاحكام الاخرى السجن 15 عامًا لصبار ماهود ومحمد شاكرو6 سنوات لقيس جاسم. واصدرت المحكمة الجنائية احكامها هذه في جلسة عقدتها في بغداد صباح اليوم في قضية احداث صلاة الجمعة بمدينة الصدر في بغداد وهي القضية الخامسة المعروضة امامها والتي يعود تاريخها الى عام 1999.
ويرأس هذه المحكمة التي بدأت جلساتها في تموز (يوليو) 2008 القاضي محمد العريبي والتي تتعلق بقمع انتفاضة مصلي الجمعة في مدينة الصدر اثر اغتيال والد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وشقيقيه وهم المرجع آية الله السيد محمد محمد صادق الصدر ونجليه بمدينة الكوفة (150 كم جنوب بغداد) في 19 شباط (فبراير) عام 1999 وعلى اثر التوترات الامنية التي شهدتها مدينة الصدر حينها هوجم جامع المحسن فيها الذي كان يضم محتجين وتم قتل عدد من المصلين فيه واعتقل العشرات منهم.
وكان بديع عارف عزت محامي طارق عزيز الذي يحاكم في عدد من القضايا قد توقع تبرئة موكله واطلاق سراحه يث كانت المحكمة اجلت النطق بالاحكام الى اليوم بعد ان كان مقرر لذلك امس بسبب تقديم الادعاء العام وثائق جديدة تدين احد المتهمين وهو عبد حمود سكرتير الرئيس السابق صدام حسين. ويحاكم طارق عزيز الذي تمت تبرئته في هذه القضية باخرى تتعلق بإعدام 42 تاجرًا حيث كان قد أكد خلال التحقيق عدم علاقته باعدام هؤلاء التجار في الرابع والعشرين من تموز (يوليو) عام 1992 والتي عرفت انذاك بمذبحة التجار ورد ازاء التهم الموجهة إليه وهي القتل العمد للعراقيين عام 1979 وعام 1991 قائلاً quot;هل هي جنائية وهل قتلت شخصًا او اعدمت احدًاquot;.. مؤكدًا انه بريء ولم يرتكب اي جريمة والتهم الموجهة إليه باطلة.
ومثل سبعة من أركان النظام العراقي السابق بينهم طارق عزيز بتهمة quot;الابادة الجماعيةquot; ضد عشيرة البرزانيين الكردية عام 1983. والمتهمون في هذه القضية هم طارق عزيز نائب رئيس الوزراء السابق طارق عزيز وعلي حسن المجي عضوا مجلس قيادة الثورة ووطبان ابراهيم الحسن الاخ غير الشقيق للرئيس السابق صدام حسين ومستشاره السياسي والامني وحامد يوسف حمادي سكرتير رئيس الجمهورية وزير الثقافة السابق وسعدون شاكر وزير الداخلية السابق وحكمت العزاوي نائب رئيس الوزراء وزير المال السابق وسفيان ماهر حسن اللواء في الحرس الجمهوري.
وقال المدعي العام في المحكمة اتي تراسها القاضي رؤوف رشيد عبد الرحمن ان هؤلاء الاشخاص المعروضين على المحكمة متهمون بجرائم ابادة جماعية ضد عائلات البرزانيين عام وقال ان quot;الادلة التي حصل عليها التحقيق تتضمن وثائق واقراصا مدمجة ومخاطبات رسمية. واوضح ان المتهمين مسؤولين عن ترحيل الاف البرزانيين وترحيل الاف منهم الى صحراء السماوة الجنوبية واعدام كثيرين منهم رميا بالرصاص من دون محاكمات قانونية.
وأضاف ان النظام السابق اعدم 2225 من البرزانيين في السماوة حيث تم وضعهم في حفرة كبيرة من دون محاكمات واطلق عليهم النار ثم دفنوا برغم ان بعضهم كانوا احياء. وأشار إلى أن السلطات انذاك حاصرت عدة مجمعات سكانية للبرازانيين وقامت بتضييق اوضاعهم وقطع الماء والكهرباء عنهم. واكد ان الادلة التي تم الحصول عليها كافية لتدين المتهمين السبعة.
ومن جانبه قال القاضي ان هذه القضية تتعلق بقتل الاف الرجال والابناء وتدمير قرى وتهجير والحجز القسري للاف العائلات في مجمعات سكنية. واشار الى ان النظام السابق ساق عائلات البرزانيين في اربيل الى عدد من المجمعات القسرية ثم قام باعتقال الذكور بين 15 و70 عاما وعثر عليهم عام 2003 في مقابر جماعية قرب السماوة. واوضح ان quot;النظام حرم عائلات الضحايا من العمل في جميع دوائر الدولة وظلت تعيش على الحسنات. وكانت محكمة اخرى قد برات في وقت سابق اليوم طارق عزيز من تهمة المشاركة بقمع انتفاضة مدينة الصدر بينما حكمت على علي حسن المجيد بالاعدام شنقا حتى الموت.
طارق عزيز.. سيرة ذاتية
طارق عزيز هو المتهم رقم 12 في قائمة المطلوبين الاثنين والاربعين من كبار المسؤولين العراقيين السابقين لدى القوات الأميركية والمحتجز منذ 24 من نيسان (ابريل) عام 2003 بعد ان سلم نفسه للقوات الأميركية وقد بدأت علاقته بالرئيس السابق صدام حسين في الخمسينات من القرن الماضي حيث كان يشغل لحين اعتقاله منصب نائب رئيس الوزراء.
ويعد طارق عزيز واحدًا من أشهر مسؤولي النظام السابق خصوصًا على المستوى الدولي وشغل مناصب سياسية وإعلامية مختلفة. وقد ولد عزيز عام 1936 بإسم ميخائيل يوحنا ثم استبدله فيما بعد باسم طارق عزيز عيسى في بلدة تلكيف في العراق وهي بلدة صغيرة تقع قرب مدينة الموصل في شمال العراق وهو مسيحي الديانة من الطائفة الكلدو-آشورية وكان المسيحي الوحيد في حكومة النظام السابق.
درس الأدب الإنجليزي في جامعة بغداد وعمل في الصحافة منذ عام 1958 حيث كان محررًا في جريدة الجمهورية العراقية ثم انتقل للعمل مديراً لجريدة الجماهير في عام 1963 لدى استلام حزب البعث للسلطة في العراق للمرة الاولى. وانتقل للعمل بالصحافة في سوريا بعد انقلاب 18 تشرين الثاني) نوفمبر) عام 1963 الذي قاده الرئيس العراقي الراحل عبد السلام عارف ضد البعثيين. وبعد انقلاب 17 تموز (يوليو) عام 1968 تولى رئاسة تحرير صحيفة (الثورة) الناطقة باسم حزب البعث في العراق.
ثم تولى مهمة نائب رئيس مكتب الثقافة والإعلام القومي وفي أوائل عام 1974 انتخب عضوًا مرشحًا للقيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي وفي تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1974 أصبح وزيراً للإعلام. وفي عام 1977 نفسه أصبح عضواً في مجلس قيادة الثورة كما انتخب عضواً في القيادة القومية لحزب البعث فاستقال من الوزارة وتفرغ للعمل الحزبي.
ثم تولى منصب نائب رئيس الوزراء بين عامي 1979 و1983 ثم وزيرا للخارجية حتى عام 1991 ثم أعيد تعيينه نائبا لرئيس الوزراء في اذار (مارس) عام 1991 حتى عام 2003. وكان طارق عزيز قريبًا جداً من الرئيس العراقي السابق صدام حسينوقام في اغلب الأوقات بدور ممثل رئيس الحكومة الفعلية في الاجتماعات والقمم الدبلوماسية العالمية والعربية وقد يكون إتقانه اللغة الإنكليزية ساعد على قيامه بهذا الدور.
وفي نيسان (ابريل) عام 1980 نجا طارق عزيز من محاولة اغتيال لدى زيارته الى الجامعة المستنصرية في بغداد، وقالت السلطات انذاك انها من تدبير عملاء لايران واتهمت عناصر قالت انهم من حزب الدعوة بتنفيذها. وفي التاسع من كانون الثاني (يناير) عام 1991 التقى طارق عزيز في جنيف مع وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر في لقاء شهير لإيجاد حلول لموضوع انسحاب العراق من الكويت وإنهاء احتلاله لها. وفي 14 شباط (فبراير) عام 2003 قام طارق عزيز بمقابلة البابا يوحنا بولص الثاني ومسؤولين آخرين في الفاتيكان حيث نقل رغبة الحكومة العراقية في التعاون مع المجتمع الدولي وخاصة حول نزع الأسلحة.
وقد استسلم عزيز للقوات الاميركية في نيسان (ابريل) عام 2003 وهو محتجز في سجن كامب كروبر بمطار بغداد الدولي في ضواحي بغداد الغربية. وتطالب عائلته باستمرار باطلاق سراحه بسبب وضعه الصحي. وقد تم تسليمه من الناحية القانونية إلى السلطات العراقية في الثلاثين من حزيران (يونيو) عام 2004 وتتولى قوات التحالف في العراق فقط quot;توفيرالامن والحماية للموقوفين ومن بينهم عزيز الذي أفهم بالجرائم المنسوبة إليه أصوليا وتليت عليه حقوقه وفقًا لأحكام القانون وبذلك إنتقلت عملية توقيفه بشكل قانوني من مسؤولية قوات التحالف إلى القضاء العراقي.
التعليقات