لندن: حظيت الملفات ذات الصلة بالإسلام وبالعالم الإسلامي باهتمام نشرات الأحد من الصحف البريطانية، ابتداء من قبول الملا عمر بخوض مفاوضات مع الحكومة الأفغانية، وانتهاء بتصريحات داعية إسلامي بريطاني وما اثارته من استنكار البعض.

الحرب والدبلوماسية

وافق زعيم حركة طالبان الأفغانية الملا عمر -حسب الصنداي تايمز- على الدخول في مفاوضات سلام مع الحكومة الأفغانية ترعاها السلطات السعودية.

وتنقل مراسلة الصحيفة في كابول كريستينا لامب عن عبد الله أنس quot;الصديق السابقquot; لأسامة بن لادن وأحد وسطاء السلام الذي يقيم في لندن قوله: quot; إن الملا عمر قد أعطى الضوء الأخضر للشروح في المفاوضات.quot; ويعتبر أنس أنها quot;خطوة كبيرة وكبيرة جدا. فلأول مرة يتحدث الطرفان لغة السلام.quot;

وأكد قيوم كرزاي -الذي يمثل شقيقه الرئيس الأفغاني في هذه المفاوضات- قائلا: quot;لقد التقيت طالبان خلال الأيام الخمسة الماضيةquot;.

وقد يتساءل بعض المراقبين عن سر قبول طالبان للدخول في مفاوضات سلام علما أن الغلبة الميدانية لها. ويرد أنس بالقول إن زعامة الحركة تدرك أنها لن تستعيد الحكم دون حمام دم.

ويضيف أنس موضحا: quot;إن الوضع الميداني لطالبان متين ولكن هذا لا يعني أنها قادرة على السيطرة على الدولة، إنهم مدركون أن الوضع مختلف عما كانت عليه الحال عام 1996quot; عندما استولت الحركة على السلطة في أفغانستان.

وتذكر الصحيفة بدعوة الرئيس الأميركي إلى إشراك المعتدلين من طالبان في المفاوضات وكذلك بالدعم البريطاني لمبدإ إشراكهم في الحكم.

ويشير استطلاع للرأي أجرته الصنداي التايمز إلى أن 64 في المئة من المستجوبين يفضلون خوض حوار مع الحركة الأفغانية وتعتقد نفس النسبة أن الحرب في أفغانستان حرب خاسرة.

نظرة ضيقة

أقل ما يمكن يقال عن سياسة الغرب الخارجية المتعلقة بمنطقة وسط جنوب أسيا -حسب جيسون بورك من أسرة الأبزرفر- أنها سياسة مبنية على وهم منبعه quot;مبدأ شمولية القيمquot; التي يدافع عنها من ديمقراطية وحرية وما إلى ذلك.

ويسوق الصحافي مثالا على ذلك بأفغانستان حيث يتكبد الغرب فشلا ذريعا لأنه أراد أن يقيم بها دولة كما يريد هو لا كما يطمح إليها الأفغانيون.

ونفس الشيء يحصل -حسب كاتب المقال- مع باكستان المجاورة.

فالغرب وفي مقدمته بريطانيا -القوة المستعمرة السابقة- يعتقد أن هذا البلد حليف ضروري وحاسم ينبغي الحرص على ألا يسقط في هاوية الفوضى وألا يصير quot;دولة شبحquot;.

ويبدو -في رأي الكاتب- أن الباكستانيين فطنوا لهذا الوهم، لذا ترى إسلام آباد تستغل هذا quot;الهوس بمصيرهاquot; لابتزاز الغرب.

ويعتقد الكاتب أن الخطر الحقيقي والعاجل ليس هو إمكانية انهيار باكستان كدولة، بل في استشراء أيديولوجيا -هي خليط بين القومية الشوفينية وبين تيار إسلامي quot;معتدلquot;- بين الطبقة الوسطى التي تنتج القيادة الباكستانية.

هذه الأيديولوجيا التي تؤمن بنظريات المؤامرة والتي ترى عكس ما يراه الغرب تماما والتي لا ترى أي غضاضة في التعامل مع quot;حركات متشددةquot; لتحقيق أغراض سياسية أو quot;أمنيةquot;، هي الخطر في رأي الكاتب، وليس توقع كاذب انهيار الدولة.

وبالنسبة لوجاهت علي في الغارديان quot;يبدو التاريخ في هذا المسلسل الميلودرامي والسريالي الذي هو السياسة الباكستانية كما لو كانت معادا من القول مكروراquot;.

واللعبة السريالية التي يلعبها الساسة في باكستان -حسبما يُستشف من المقال المنشور في صفحة الرأي لموقع الغارديان- هي ركوب حصان الديمقراطية للوصول إلى الحكم وبعدها السير على خطى ونهج quot;الديكتاتورquot; السابق المطاح به غالبا.

وفي غمرة الأحداث التي تعتمل بها الساحة الباكستانية وبسبب حرص الإدارة الأميركية على تماسك جبهتها في الحرب على الإرهاب يعتقد الكاتب أن اتصالات مبعوث الولايات المتحدة إلى المنطقة ريتشارد هولبروك في باكستان ستقتصر على الرئيس الحالي آصف زرداري وعلى خصمه السياسي اللدود نواز الشريف بمعنى أن سياسة واشنطن في المنطقة تدخل في quot;باب الاستجارة من الرمضاء بالنارquot;.

فنظرا للتاريخ السياسي والشخصي للرجلين لا يبدو -في رأي الكاتب- أن تجاهل نبض الشارع quot;الذي تمثله انتفاضة القضاءquot;، هو الطريق إلى الاستقرار واستئصال quot;الإرهاب والتطرفquot;.

التصدي quot;للتطرفquot;: التهكم أم المنع؟

في إحدى افتتاحيات الصنداي تايمز التي تعلق فيها على المظاهرة الاحتجاجية التي استقبل بها أتباع الداعية الإسلامي البريطاني أنجم شودري الجنود البريطانيين العائدين ترى الصحيفة أن الرد الأمثل لمثل هذه التصرفات هو التهكم.

لقد انتهك شودري -حسب الصحيفة- القانون الذي يمنع الدعوة إلى الكراهية الطائفية، لذلك حق عليه العقاب. وهذا ما يشير به واقع الحال واستطلاع الرأي الذي أجرته الصحيفة.

لكن الحل الأسلم والأكثر نفعا -تقول الصنداي تايمز- هو أن quot;نتركه يعبر عن أفكاره حتى يظهر للناس زيفها وفسادهاquot;.

وتتابع الصحيفة قائلة: quot;لا ينبغي أن نفتح لشودري وأتباعه باب الشهادة. الأفضل أن نستخدم السلاح الذي اشتهرت به بريطانيا: التهكم والسخرية. إنه نكتة سخيفة وينبغي أن يعامل على أنه ذلك.quot;

وتميل الصنداي تلغراف تقريبا إلى رأي زميلتها ولكن من زاوية مختلفة.

فهي ترى أن تصريحات شودري التي أحرجت مسلمي بريطانيا قبل أن تثير حفيظة الباقي لا ينبغي أن تصير ذريعة لتغيير قانون مكافحة الكراهية الطائفية ليشمل النقد الموجه للمؤسسة العسكرية البريطانية كما دعا إلى ذلك نائب برلماني محافظ.

وتعلل الصحيفة موقفها بكون الجيش البريطاني في غير حاجة إلى من يحميه، وكذلك بصعوبة سن قانون يمنع التعرض بالنقد للمؤسسة العسكرية، دون أن ينتهك حرية التعبير في الوقت ذاته.

وتنحي الصحيفة باللائمة على عدد من الساسة البريطانيين الذين فشلوا في اتخاذ موقف أكثر حزما من بعض الحركات الإسلامية في بريطانيا.

خيانة الليبراليين

وفي نفس هذا السياق تنشر الأوبزيرفر على صفحتها للرأي مقالا للكاتب والمعلق السياسي البريطاني نيك كوهن يحمل فيه على موقف عدد من الساسة البريطانيين مما يعتبره quot;حركات إسلامية متطرفة في بريطانيا.quot; ويرى المؤلف أن هذا الموقف quot;المنافقquot; -على حد تعبيره- يضر بـquot;الليبراليين المسلمينquot; سواء في بريطانيا أو خارجها.

ويقول الكاتب إذا كانت الأسرة المالكة في هذا البلد لا تخفي توددها إلى عدد الحركات الإسلامية quot;المتشددةquot;، فذلك قد لا يثير الاستغراب نظرا للميولات quot;المحافظة والمتزمتةquot; التي اشتهرت بها هذه الأسرة.

لكن ما يثير الاستغراب والاستنكار -في رأي الكاتب الصحافي- هو أن يتسابق عدد من الساسة المحسوبين على التيار الليبرالي أو اليساري في بريطانيا كجاك سترو وزير العدل وجوردون براون رئيس الحكومة إلى خطب ود مثل هذه الحركات لأغراض انتخابية متجاهلين quot;أن الفاشيين ليسوا دائما بيض البشرةquot;.