وقعا إتفاقية لزيادة التبادل التجاري من 5 إلى 10 مليارات دولار
طالباني يدعو العمال لإلقاء سلاحه وغول يطالب الأكراد بتعاون لمواجهته
طالباني مستقبلاً غول في القصر الرئاسي في بغداد
أسامة مهدي من لندن: أعلن الرئيس العراقي جلال طالباني انه اتفق مع الرئيس التركي عبد الله غول خلال مباحثاتهما في بغداد اليوم على تعزيز التعاون بين بلديهما أمنيا وسياسيا واقتصاديا ونفطيا وتوسيع العمل المشترك لمواجهة نشاط حزب العمال التركي الكردستاني فيما وقع الرئيسان على اتفاقية تعاون اقتصادي استراتيجية ترفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من 5 الى 10 مليارات دولار. وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع غول في ختام مباحثاتهما قال الرئيس طالباني انهما وقعا على اتفاقية تعاون استراتيجي اقتصادي واتفقا على تعزيز العلاقات السياسية والامنية والاقتصادية والنفطية بين البلدين. واضاف ان غول سيجد خلال مباحثاته التي سيجريها مع المسؤولين العراقيين على مدى يومين تصميما عاليا على تمتين التعاون المشترك في جميع المجالات.
واشار الى ان تركيا وقفت مع العراق في أحلك الظروف ومنذ زمن النظام السابق حين وقفت مع المعارضة العراقية واوضح ان الرئيس غول كانت له علاقات مع فصائلها. وحول ما يمكن ان يقدمه العراق للتعاون مع تركيا لمواجهة حزب العمال الكردستاني التركي اشار الرئيس العراقي الى ان بلاده متعاونة في هذا المجال وهي تشترك في لجنة ثلاثية مع تركيا والولايات المتحدة لمواجهة العمليات الارهابية للحزب اضافة الى عملها الاعلامي والسياسي لفضح الاهداف الارهابية للجماعات المسلحة. وقال ان الدستور العراقي يمنع تواجد المنظمات الاجنبية المسلحة على اراضيه. ووجه طالباني نداء الى حزب العمال لالقاء السلاح والدخول في العملية السياسية في تركيا التي تعيش نظاما ديمقراطيا والعمل سياسيا واعلاميا بشكل علني.
ومن جهته اشار الرئيس غول الى انه يقوم بزيارته للعراق هذه مرفوقا بعدد من الوزراء ورجال الاعمال. وقال ان العراق وتركيا لهما تاريخ مشترك مشيرا الى ان العراق قد مر بظروف صعبة حيث وقفت تركيا الى جانبه وهي مستعدة دوما لتكون البلد الاول من جيرانه في مستوى العلاقات المتطورة. وتمنى ان يشهد العراق نهاية سريعة للعنف ليستقر وينصرف للبناء. واوضح ان الاتفاقية الاقتصادية الاستراتيجية التي وقعها اليوم مع طالباني تستهدف رفع حجم التبادل التجاري من 5 الى 10 مليارات دولار وهي تتعلق بزيادة العلاقات الاقتصادية وتوسيع التعاون في المجال النفطي استثمارا وتصديرا.
وحول ما تتطلع له تركيا من تعاون من قبل سلطات اقليم كردستان العراق الشمالي قال غول ان قادة وقواعد حزب العمال التركي موجودون في شمال العراق ولذلك quot;نعول على حكومة الاقليم في تعاون اكبر في مواجهة الحزب وقد ان الاوان لانهاء هذه المشكلة التي تعيق تطور العلاقات التركية العراقية لان حزب العمال يمثل بلاء ولذلك يجب ان يتعاون الجميع لدفع هذا البلاء وهذا الارهابquot;. واشار الى ان هناك مهام اكبر تقع على مسؤولي الاقليم الذي يتواجد حزب العمال على اراضيهم وقال quot;انا متأكد انهم في الاقليم يحملون تصميما لعمل ماهو مطلوب منهمquot;. وقالت مصادر كردية ان رئيس حكومة اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني وصل الى بغداد قادما من اربيل اليوم خصيصا للقاء غول.
وكانت محادثات بدأت مطلع العام الحالي بين رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ومراد اوزجليك المبعوث الخاص لاردوغان في اربيل بهدف quot;تعزيز العلاقاتquot; بين الطرفين. وكان وزير الخارجية التركي علي باباجان اعلن اواخر كانون الثاني (يناير) الماضي ان بلاده تتوقع تدابير ملموسة من جانب بغداد للتصدي للعمال الكردستاني quot;لان شل حركة الحزب في العراق هو الشرط الملائم لتطبيع كامل للعلاقاتquot; بين البلدين. واضاف الوزير quot;ينبغي تكثيف الاجراءات للحصول على نتائج ملموسةquot; معلنا ان اجتماعا وزاريا للمجلس الاعلى للتعاون الاستراتيجي سيعقد في اسطنبول.
وبدأ غول اليوم زيارة الى بغداد هي الاولى لرئيس تركي الى العراق منذ 33 عاما بهدف بحث ملفات مهمة تتصدرها مشكلة حزب العمال التركي الكردستاني وتفعيل اعمال اللجنة العليا المشتركة ومناقشة مشكلة المياه وزيادة وتوسيع حجم التبادل التجاري بين البلدين وتدريب الجيش التركي للقوات العراقية وتزويدها بالسلاح.
وابلغ مصدر عراقي مطلع quot;إيلافquot; ان زيارة غول هذه تشكل نقلة نوعية في تفعيل علاقات البلدين السياسية والامنية والاقتصادية. واشار الى ان الرئيس التركي سيجري مباحثات اخرى بعد مباحثاته مع طالباني، مع رئيس الوزراء نوري المالكي موضحا ان المباحثات تتناول مشكلة حزب العمال التركي الكردي الذي ينفذ عمليات عسكرية ضد اهداف تركية انطلاقا من الاراضي العراقية الشمالية وتفعيل لجنة العمل الثلاثية الاميركية العراقية التركية لمواجهة هذه النشاطات المسلحة. واضاف انه سيتم ايضا مناقشة مشكلة تقاسم مياه نهري دجلة والفرات اللذين ينبعان من تركيا وينحدران نحو اراضي العراق الذي يشكو من نقص فيهما نتيجة السدود التي اقامتها تركيا عليهما. وقال ان المباحثات ستتطرق ايضا الى زيادة التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين حيث سيوقع غول خلال زيارته هذه على اتفاقات في هذا الجانب.. كما يناقش قيام الجيش التركي بتدريب عسكريين عراقيين وتزويد الجيش العراقي باسلحة.
وتعتبر زيارة غول هذه الاولى التي يقوم بها رئيس تركي للعراق منذ قيام الرئيس التركي الاسبق فخري كوروتورك في عام 1976. وعن التعاون التجاري العراقي التركي فقد أعلن وزير الدولة للتجارة الخارجية التركي كورشاد توزمان الذي يرافق غول في زيارته أن الصادرات التركية إلى العراق عوضت تراجع صادرات البلاد الى الدول الاوروبية التي تشهد اقتصاداتها ركودا متزايدا.
وأضاف في تصريح صحافي أن الصادرات التركية إلى العراق قفزت بنسبة 75 في غضون الشهرين الماضيين من العام الحالي مدعومة بالتطور الذي شهدته العلاقات بين البلدين خصوصا التجارية والاقتصادية. وأوضح ان الركود الاقتصادي الذي تمر به أوروبا (المنفذ الرئيس للسلع التركية) ادى الى تقلص صادرات البلاد الى هذه السوق بنسبة 30 % لكن الطلب المتزايد من السوق العراقية عوضت هذا التراجع. واشار الى ان قيمة الصادرات التركية للعراق خلال الشهرين الماضيين بلغت حوالى 830 مليون دولار مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي التي لم تتجاوز قيمتها اكثر 470 مليون دولار. وأكد تطلع بلاده الى رفع حجم التبادل التجاري مع جارتها الجنوبية الى معدل سبعة مليارات دولار لهذا العام للتعويض عن ضعف الطلب في الاسواق الاخرى خصوصا في اوروبا والولايات المتحدة التي تضررت اقتصاداتها بشدة من جراء الازمة الاقتصادية العالمية.
وبحسب الاحصاءات الرسمية التركية فان حجم التبادل التجاري مع العراق بلغت قيمته العام الماضي 5.2 مليارات دولار من بينها 3.9 مليارات دولار على شكل صادرات تركية متنوعة هيمنت عليها الالات الصناعية والكهربائية والغذائية في حين بلغت الواردات من العراق 1.3 مليار دولار معظمها منتجات نفطية. وفي وقت سابق اكد المالكي خلال مباحثات في بغداد مع وزير الداخلية التركي بشير أتلاي ان البلدين يعملان على وضع اسس لمواجهة ارهاب حزب العمال الكردستاني التركي. وقال quot;ان تركيا بلد مهم وجار وصديق وان ما يؤذي تركيا يؤذينا ايضاًquot;. واضاف quot;ان لتركيا مواقف مهمة في دعم الحكومة العراقية ووحدة الصف الوطني العراقي خلال الفترة التي كانت فيها الاوضاع صعبة ومتجهة نحو الحرب الطائفية التي تجاوزناها وتغلبنا عليهاquot;.
وأكد المالكي حرص الحكومة العراقية على تطوير العلاقات مع تركيا في مختلف المجالات السياسية والامنية والاقتصادية وقال quot;ان هذه الزيارة تعد خطوة مهمة على طريق جهود بلدينا في مكافحة الإرهاب وانها ستضع الاسس والقواعد لمواجهة حزب العمال الكردستاني الارهابيquot;.. مضيفاً quot;ان جهودنا المشتركة ستكون اكثر فاعلية في التصدي لهذه المنظمة الارهابيةquot;.
ومن جهته قال الوزير التركي ان تأسيس المجلس الاستراتيجي الذي تم خلال زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الى بغداد في تموز (يوليو) الماضي واللقاءات التي أجراها مع المالكي والمسؤولين الاخرين ستسهل في إتخاذ خطوات ملموسة لتحقيق نتائج مثمرة على طريق التعاون بين البلدين مؤكدا حرص تركيا على تقديم الدعم ليكون العراق بلدا قويا وموحدا. وقد شكل العراق وتركيا والولايات المتحدة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي لجنة مشتركة لمتابعة التهديد الذي تمثله منظمة حزب العمال الكردستاني لأمن وإستقرار تركيا والعراق ووضع الإجراءات الرادعة لوقف أي نشاط محتمل لهذه المنظمة داخل الأراضي العراقية أو في المناطق المتاخمة للحدود العراقية التركية.
وقد صعدت تركيا مؤخرا غاراتها الجوية عبر الحدود وقصفها لشمال العراق منذ ان قتل متمردو حزب العمال 17 جنديا تركيا في كمين نصب لهم في جنوب شرق تركيا.. وتعتبر واشنطن وبغداد حزب العمال الكردستاني منظمة ارهابية وتعطيان تركيا الحق في القيام بعمليات محدودة عبر الحدود ضد مقاتليه لكنهما يخشيان من وجود عسكري تركي واسع النطاق قد يزعزع الاستقرار في شمال العراق. وزار الجنرال راي اوديرنو قائد القوات الاميركية في العراق تركيا وناقش جهود التصدي للحزب كما زار مسؤولون أتراك بغداد لبحث الامر خلال الاسابيع القليلة الماضية.
واجرى مساعد رئيس الاركان التركي الجنرال حسان اكزيس مباحثات في بغداد مطلع الشهر الحالي مع كبار القادة العسكريين العراقيين لتعزيز مواجهة البلدين لحزب العمال وتنشيط مكتب التنسيق العراقي التركي الاميركي في اربيل لمواجهة تحركات مسلحي الحزب ضد الاهداف التركية انطلاقا من مناطق اقليم كردستان العراق. وتتعرض المناطق الحدودية العراقية الشمالية في إقليم كردستان المتاخمة لإيران وتركيا لقصف جوي تركي ومدفعي إيراني من وقت لاخر لضرب معاقل عناصر حزب العمال الكردستاني التركي وحزب الحياة الحرة الكردستانية الايراني وهما حزبان كرديان معارضان لطهران وأنقرة. وحزب العمال الكردستاني هو تنظيم يساري علماني حمل السلاح منذ ثمانينات القرن الماضي سعيا لاقامة ldquo;وطن للاكرادrdquo; جنوب تركيا وغالبا ما تتكرر الغارات الجوية التركية على أراض عراقية لاستهداف عناصر هذا الحزب.
التعليقات