إسرائيل تواصل تهويدها للمدينة
القدس تنساب من بين أصابع الفلسطينيين

خلف خلف من رام الله: تواصل إسرائيل اجراءاتها التهويدية في مدينة القدس بوتيرة متسارعة، ويتزامن ذلك مع صعود اليمين المتطرف إلى سدة الحكم في إسرائيل، وانشغال الفلسطينيون في خلافاتهم الداخلية، وهو ما يدفع بعض المراقبين للقول إن الفلسطينيين والعرب ربما لن يجدوا ما يتفاوضون عليه في القدس بعد سنوات قليلة. حيث أصدرت السلطات الإسرائيلية خلال الفترة الأخيرة عدة أوامر هدم لمنازل فلسطينية، ونفذت بعضها، كما حصل مع عائلة الفاخوري، التي هدم بيتها الواقع في برج اللقلق يوم الاثنين، الموافق 6/4/2009، كما تسلم 65 مواطنًا آخرين إخطارات تقضي بهدم منازلهم في كلا من العيسوية وبيت حنينا والطور.

مسؤولون ومنظمات وشخصيات بارزة يبعثون على الدوام إشارات تحذر من تواصل عمليات الاستيطان في المدينة المقدسة وطرد سكانها الفلسطينيين وهدم منازلهم، هذه التحذيرات لا تكترث لها إسرائيل، بل أنها تمضي في مخططاتها، وتؤكد بين الفينة والاخرى أن القدس عاصمتها الابدية، ولم تتجرأ الحكومة الإسرائيلية المنصرفة إلى الإعلان أن موضوع المدينة مطروح على طاولة المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، حتى لا يشن اليمين الإسرائيلي المتطرف هجومًا لاذعًا على هذه الحكومة ويسقطها.

بدورهم يشدد الفلسطينيون قيادة وشعبًا على أن القدس هي عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة، وقد أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية القدس عاصمة لدولة فلسطين ضمن وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطينية التي تمت في الجزائر عام 1988، وطالبت السلطة ممثلة في الرئاسة الفلسطينية منذ بداية انطلاق المفاوضات مطلع التسعينيات بالقدس الشرقية لإعلانها عاصمة للفلسطينيين، لكن إسرائيل تماطل، وتواصل عملياتها التهودية في المدينة، لتغيير طابعها الديمغرافي والتبوغرافي.

تنقسم مدينة القدس إلى قسمين، احدهما الغربي، ويسكنه اليهود، مع العلم أن الوسط الحريدي موجود في الاساس شمالي المنطقة اليهودية، أما المواطنون الفلسطينيون فيعيشون شرقي المدينة في ظروف صعبة، حيث يفتقرون للخدمات العامة، وتفرض عليهم ضرائب باهظة، ولا يسمحون حتى ببناء غرفة صغيرة دون الحصول على ترخيض مسبق من بلدية القدس، التي لا تعطي غالبًا للفلسطينيين تساريح لفعل اساسًا ذلك.

وقد نجحت إسرائيل طوال أكثر من اربعة عقود 1967 ndash; 2007 في إحكام سيطرتها وتعزيز سلطتها في القدس الشرقية على نحو شبه تام، بل أن جهودها لتحطيم المؤسسات الفلسطينية في المدينة آتت أُكلها. فقد تركت مؤسسات فلسطينية كثيرة القدس بسبب الضغوط الإسرائيلية.

كما أن الشقاق والمنافسة اللذان يميزان النظام السياسي الفلسطيني زادا، وبمقابلة ذلك قلت قدرته على اداء عمله في القدس، لا سيما أن إسرائيل شنت منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 حملة استهدفت مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية في المدينة المقدسة، فقد أغلقت بيت الشرق عام 2001، وهو المقر شبه الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية في القدس الشرقية.

كما أن المواطنين الفلسطينيين في القدس بسبب عدم وجود من يعزز صمودهم، وعدم قدرة الحركات الفلسطينية على الاتفاق على جدول سياسي للعمل، تأرجحوا لفترة طويلة بين علاقتهم الوطنية مع السلطة الفلسطينية وبين واقع حياتهم تحت سلطة إسرائيل، وهي حقيقة في نهاية المطاف أسهمت في شل المؤسسات الفلسطينية في القدس.