جنيف: على مدى ستة أعوام، احتضنت مدينة جنيف السويسرية، لقاءات دورية بين أكاديميين وخبراء من إيران والولايات المتحدة وأوروبا وبلدان عربية، لإجراء محادثات رفيعة المستوى، لكنها غير رسمية.
هذه المعلومات التي كشفت عنها صحيفة لوتون، الصادرة بالفرنسية في جنيف، يوم الثلاثاء 7 أبريل، أكّـدتها بطريقة غير مباشرة وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي ndash; ري، التي أشارت في لقاء مع إعلاميين جرى في نفس اليوم في برن، إلى أنها كانت على عِـلم بالاتصالات الجارية على مدى السنوات القليلة الماضية، لكنها نفت لعِـب سويسرا لأي دور نشِـطٍ فيها.
وقالت كالمي ndash; ري: quot;لقد كانت المحادثات على مستوىً غيرِ رسمي تماما، ووزارة الخارجية لم تكُـن منخرطة فيهاquot;.
اللقاءات السرية المعروفة باسم quot;المسار الثانيquot; (Track II)، شهِـدت، حسب صحيفة لوتون، مشاركة أكاديميين من إيران والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وسويسرا وبلدانٍ عربية وإسرائيل ودارت أطوارها في جنيف في معظم الأحيان.
وقالت الصحيفة، إن اللقاءات شهدت حضور حوالي 30 مشاركا في كل مرة، وقد جرت في معظم الأحيان في جنيف، إضافة إلى مُـدن أوروبية أخرى، ونقلت عن مصادر استجوبتها، أن آخر جولة من المحادثات، دارت من 6 إلى 8 مارس الماضي.
إجمالا، بلغ عدد المشاركين في هذه اللقاءات السرية على مدى الأعوام الماضية، حوالي 400 شخص، لكنهم يحرِصون على عدم الكشف عن هوياتهم، خِـشية تعرُّضِـهم لردود فِـعل غاضبة من طرف الحكومة الإيرانية.
وتأتي أهمية الكشف عن هذه المعلومات، من تزامنها مع صدور إشارات quot;مُـشجِّـعةquot; من إدارة الرئيس أوباما باتجاه طهران، بعد مرور 30 عاما على قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، في أعقاب انتصار الثورة الإسلامية في إيران. ومنذ عام 1980، قامت سويسرا بتمثيل مصالح الولايات المتحدة في طهران.
نحو quot;تفاهُـم متبادلquot;؟
من جهة أخرى، نقلت صحيفة لوتون عن شخصية أكاديمية، لم تذكُـر اسمها، شاركت في المحادثات السرية، قولها بأن الحوار يُـمكن أن يُـساعد على المزيد من التفاهم المتبادل، وأضاف بأنه يُـتيح للمشاركين إمكانية الحديث بحرية والإبتعاد عن اتخاذ مواقف سياسية في الاجتماعات التي تدور وراء أبواب موصدة.
وتعتقد الصحيفة السويسرية الرصينة، أن هذه الاجتماعات قد جرت بموافقة شخصيات أو دوائر quot;مؤثرةquot; في طهران وواشنطن، بل أفادت بأن شخصية قريبة من الحكومة الإيرانية، إضافة إلى سفير لدولة أخرى، كانا حاضرين في اللقاء الذي دار في الأسبوع الأول من شهر مارس الماضي.
الملف النووي
ومن خلال المعلومات التي أوردتها لوتون، يبدو أن المشاركين، الذين يوجد من بينهم خبراء في المجالات الإستراتيجية والنووية والعلاقات الدولية، قد تطرّقوا في النقاشا التي دارت بينهم إلى ملف التكنولوجيا النووية لإيران.
فعلى سبيل المثال، انقسم المشاركون في الاجتماع الأخير، الذي استمرّ من 6 إلى 8 مارس 2009، إلى وجهتيْ نظر. ففي حين دافع البعض عن فكرة تقول بأنه من الأفضل معالجة الخلاف النووي بشكل مُـنفصِـل والابتعاد عن الربط بينه وبين إشكاليات أخرى، دعا البعض الآخر إلى التفاوض حول quot;صفقة شاملةquot;، على غِـرار المقترح الذي تقدّم به الاتحاد الأوروبي والداعي إلى quot;تجميد العقوبات، مقابل تجميد برنامج تخصيب اليورانيومquot;.
انفتاح دبلوماسي
ويذهب مراقب استجوبته صحيفة لوتون، إلى أنه من المبكِّـر جدا القول ما إذا كانت هذه المحادثات غير الرسمية، ستتمخّـض عن اتفاق ما بين الولايات المتحدة وإيران، لكنه أضاف بأن المباحثات التي دارت في سرية مُـطلقة، قد ساعدت على توسيع شبكة ومدى الاتصالات بين البلدين.
وكان الرئيس باراك أوباما قد دعا الشهر الماضي إيران، إلى تجديد الحوار، وقال يوم الاثنين 6 ابريل في تركيا: quot;إن الولايات المتحدة ليست ولن تكون أبدا في حرب مع الإسلامquot;. في المقابل، أكّـد حسين موسوي، المرشّـح الإصلاحي البارز للانتخابات الرئاسية الإيرانية المقرر إجراؤها يوم 12 يونيو القادم، أنه quot;سيتفاوض مع الولايات المتحدة، لكن إيران لن تتخلى عن برنامجها النوويquot;.
وفي الوقت الذي أكّـدت فيه الصحيفة السويسرية، أن مكان انعقاد اللقاءات غير الرسمية قد انتقل حسبما يبدو من جنيف إلى مواقع أخرى، بسبب تنامي الاهتمام الإعلامي بالمحادثات، يبدو أن quot;المسار الثانيquot; قد نجح بعدُ في كسر الجليد القائم بين طهران وواشنطن، وسمحَ بالقطْـع مع الحيِّـز الضيِّـق جدا الذي تتيحه عادة القنوات الرسمية وما يُعرف بالواقعية السياسية.
وفيما تُـشير مُـعطيات حصُـلت عليها صحيفة لوتون، إلى أن المباحثات السرية الأولى قد تكون تزامنت مع بداية الحرب الأميركية على العراق في مارس 2003، عندما كان محمد خاتمي رئيسا للجمهورية الإسلامية، لا يبدو أن وصول محمود أحمدي نجاد المحافظ جدا في 2005 إلى سدّة الرئاسة في طهران، قد حال دون استمرار quot;المسار الثانيquot; في جنيف...
التعليقات